أعلن مدير تحرير صحيفة «الوطن» البحرينية مهند أبو زيتون لوكالة فرانس برس «أنه تعرض لاعتداء من قبل مجهولين أمام مبنى الصحيفة في الرفاع، عندما اعترضه ملثم وسأله ما إذا كان يعمل في صحيفة (الوطن)، وبعد أن رد بالإيجاب، لمح ملثماً ثانياً، فذهب إليه، لكن الأول قام بضربه في الكتف بأداة حادة وأسال الدم منه وحدث عراك بينهما، وأن الملثمين هربا إلا أن حريقاً شبّ في السيارة وتم إخماده».
ما يخشاه المواطن، أن يؤدي هذا الحادث إلى استنتاجات مسبقة تتفاعل في أذهان الكثيرين من، بشأن من يقف وراء ذلك الاعتداء، تقود إلى إجراءات عشوائية، قد تضل الطريق الصحيحة التي توصل إلى الفاعل الحقيقي، الذي ليس بالضرورة أي من الشابين الذين نفذا العملية.
علينا أن نبحث هنا، عن جوهر الدوافع التي تقف وراء الحادث، ومن ثم عن المستفيد الحقيقي من التخطيط له، وليس المنفذ الفعلي الذي قام به. ويبعث تصريح وزير الداخلية الشيخ راشد آل خليفة حول حرصه على تعقب الجناة والوصول إلى المخططين، الأمل في نفس المواطن، في حرص مؤسسات أمن السلطة على تقصي الحقائق، وبالشفافية المطلوبة، دون إسقاطات مسبقة، للكشف عن ملابسات الحادث، والدوائر الأخرى المحيطة بها.
ما ينبغي التأكيد عليه هنا هو أني لم يسبق لي أن التقيت بالأخ مهند، كما أنه لم يكن ممن عرفتهم في «مطابخ» الصحف اللبنانية في العقدين السابع والثامن من القرن الماضي، حينما كانت تلك المطابخ تعج بالكثير من الكفاءات الصحافية العربية، ممن اضطرتها قوانين بلدانها القمعية إلى «التغرب». كانت بيروت وقتها ملاذ الكفاءات من المعارضة العربية الهاربة، والمتحاشية لسيوف قوانين بلدانها، كما كانت مؤسساتها الإعلامية، وعلى وجه التحديد صحفها اليومية المدارس التي تتلمذ داخل ردهاتها الكثير من الأقلام الصحافية اللامعة في تلك الفترة.
كما أنني، وكما يبدو من صورته التي نشرتها الصحافة المحلية، أسبقه بجيل على الأقل من الناحية العمرية، ولعل هذا سبب آخر حال دون اللقاء.
لكن كل هذه المقدمات لا ينبغي أن تمت بصلة من قريب أو بعيد إلى حادث الاعتداء الذي تعرض له الزميل مهند، ولا تمنعنا، أيضاً، من استنكاره بشكل مطلق ودون أي تردد، كائناً من كان يقف وراءه، وبصرف النظر اتفقنا أو لم نتفق مع الزميلة «الوطن»، على المنهج الذي تتناول به تطورات الأحداث في البلاد. يبقى هذا الشجب قائماً، ومطلوباً، حتى عندما نختلف معها في أسلوب تغطيتها لها، احتراماً للقيم المهنية التي ينبغي أن تحكم سلوكنا، ودفاعاً عن حقوق المؤسسات الإعلامية، بغض النظر عن اتجاهاتها السياسية والفكرية، في التعبير عما تراه هي صحيحاً، طالما كان هذا الصحيح، وهو ما تلزم الزميلة «الوطن» به نفسها، يجري تناوله، تحت مظلة الدستور، وفي نطاق قوانينه. بل، حتى عندما نسمح لأنفسنا بالذهاب إلى ما هو أبعد من ذلك وأكثر عمقاً، فنصل إلى محتويات صفحات الرأي، أو الأعمدة، ونجد أنفسنا على خلاف أو اتفاق مع ما يرد فيها، يندرج ذلك، أيضاً في محيط دائرة الحقوق التي ينبغي أن ندافع عنها، ونتمسك بها كي يتمتع بها جميع أفراد العائلة الإعلامية.
علينا أن نعترف بهذا الحق ونحترمه، تماماً كما تطالب الصحف البحرينية الأخرى، الشقيقة «الوطن»، مبادلتها هذا الاتفاق المقدس، الذي لا يقصد منه حماية هذه الصحيفة أو تلك، بل يرمى من ورائه الدفاع عن حق الصحافة، ومن ثم الصحافيين، في التعبير عن آرائهم، في مساحة الدائرة التي يبيحها لها دستور البلاد والقوانين المنبثقة عنه.
لكن فوق كل ذلك، تكتسب حادثة الاعتداء على «مهند»، التي حاول البعض تضخيمها، ونفخ النار في أتونها، فرفع من درجة خطورتها ليوصلها إلى مستوى «الاغتيال»، أهمية خاصة، وتشكل مستوى عالياً من الخطورة للأسباب التالية:
1. تفريخ العنف، ومن ثم نشر ثقافته في البلاد، إلى أعلى مستوياتها، كي تصل إلى حد أنها الوسيلة الوحيدة لحسم أي شكل من أشكال الخلافات بيننا، بما فيها خلافاتنا الفكرية، وتباين آرائنا، وعن طريق اللجوء إلى السلاح، بدلاً من الاحتكام للعقل، والعقل الرزين المتفتح، القابل بالآخر، وغير النافي له. هذا يعني أنه لم تعد في البلاد أية مؤسسة بعيدة عن مخالبالعنف.
2. مأسسة العنف، الذي لم يعد بعد اليوم، إضرام النار في مجموعة من الإطارات في هذا الشارع، أو كسر عمود إنارة في هذا الحي، بل أصبح سياسة تلجأ إليها مجموعة معينة، تبنت العنف وسيلة، كي ترهب كل من يخالفها الرأي، أو لا يتفق معها في المنهج.
3. زرع الشك في فئة معينة، ومحاولة إلصاق التهمة بها؛ ما قد يقود إلى خلط الأوراق السياسية بشكل عشوائي، بعيداً تمام البعد عن الحقيقة، والذي يتوخى المواطن، ومن أجل بتر جذور العنف، أن تتحرى الدوائر الرسمية الحيطة والحذر، في كل خطوة تخطوها على طريق البحث عن الحقيقة، والوصول إلى الجناة الحقيقيين، أينما كانوا، وتحت أي لباس تنكروا.
بعد ذلك، نأمل أن نتجاوز جميعنا هذه المحطة، وأن لا ندعها تنشر الرعب في نفوسنا، بقدر ما تحثنا على الوقوف وراء ما نؤمن به، وفي المقدمة منه إيماننا العميق أن العنف لا يمكن أن يكون وسيلة للحوار، ولا قناة للتواصل.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 2912 - الخميس 26 أغسطس 2010م الموافق 16 رمضان 1431هـ
معالي الوزير
"لكن فوق كل ذلك، تكتسب حادثة الاعتداء على «مهند»، التي حاول البعض تضخيمها، ونفخ النار في أتونها، فرفع من درجة خطورتها ليوصلها إلى مستوى «الاغتيال»، أهمية خاصة، "
كنت تقدر تستبدل با كاتبنا العزيز كلمة "البعض" الواردة في متن المقال بـ"معالي وزير الداخلية"، خاصة أن وضع الحريات في البلد يسمح بذاك والسقف عندنا في العلالي..
أجمل وطن
ليس هناك أجمل من وطننا ولا أروع من علاقاتنا الإجتماعية فالحكومة جزاها الله خير تسعى لخير الجميع ولكن هناك جحود ونكران من البعض سامحهم الله .
لغة التفاهم
في ناس لغتهم العنف مايعجبهم رأيك يعتدون عليك لأنهم الأضعف هؤلاء هم المسيرون لا يملكون طرقة للأقناع و إبداء الرأي لا,,,,يفرضون رأيهم بالغصب عليك بالعنف و أحيانا لا يعرفونك و لم يقرأوا لك ,,,,لكن اللي بعثهم لك هو الذي يقرأ لك و لم تعجبه كلماتك و لا يعرف أن هناك دائما رأي مخالف و علي تقبله ,,,,و أحيانا تعرف بأن الفاعل غير مثقف و تعليمه بسيط لذلك يستغل من البعض بمعنى الغير يفكر عنه و هو ينفذ بدون حتى نقاش ,,,فقط سمعا و طاعة .
شكرا للأستاذ عبيدلي
الحقيقة مواضيعك سلسه وتدخل في حنايا القلب ... مع تحيات (عاشق الندى)
علي
ما يفعله أغنياء البترول العرب بثروة البترول من بطر وتبذير في بذخ أسطوري مبتذل لم يعد مقبولاً لا بمقاييس الأخلاق ولا الذوق الرفيع ولا أحكام الــــدين. وهي أفعال تتساوى في مساوئها وسقوطها في سلُّم القيم الإنسانية على مستوى الأفراد والمسؤولين في مؤسسات الحكم المختلفة.
مقتطف من مقالة لـ د. علي فخرو
الحكيمة
هل تعرفون من وراء هذه الفعلة الشنيعة و لأية مآرب ؟
هناك من يسد فوهة القلم
هناك من يجتهد في سبيل إيقاف تدفق حبر القلم وهناك من يحاول سد فوهة القلم لكي لا ينصب المزيد من الحبر ... مع تحيات Nadaly Ahmed