العدد 2910 - الثلثاء 24 أغسطس 2010م الموافق 14 رمضان 1431هـ

نداء ومناشدة وحث ... من أجل البحرين

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

ليس هناك من يستطيع أن ينكر أن البحرين تجلس اليوم، قلقة، على فوهة بركان يغلي سياسياً له تداعيات يمكن أن تكون آثارها مدمرة، وشاملة للجميع.

دورة العنف دائماً تأتي (كما نكرر شعبياً) على الأخضر واليابس، فلا تبقِ ولا تذر، ويجد الجميع أنفسهم، وفي المقدمة منهم المواطن العادي، وقد حصدوا خسائر فادحة يصعب، إن لم يكن من المستحيل وقف تدهورها، دع عنك تلافي أضرارها.

هذه الصورة القاتمة، بقدر ما تنشر الخوف في النفوس، بقدر ما تثير همم من وضعوا على عاتقهم مهام التغيير نحو الأحسن.

وهؤلاء الأخيرون، هم الذين يحظون باهتمام المواطن، الذي يلتفت المواطن اليوم نحوهم، أي نحو القوى الفاعلة في الساحة المتصادمة، وحتى المتنافسة فيما بينها، كي يلفت انتباهها إلى أن جميع ما يدور بينها، إنما يتمحور حول رزمة من النتائج الخاسرة، فما سيئول إليه الصراع القائم اليوم، لا يمكن أن يقود البحرين، وبأي شكل من الأشكال، وتحت الظروف القائمة أو تلك التي سوف تستجد على أرضية الصراعات القائمة، إلا نحو نهايات مظلمة، سيجد الجميع أنفسهم، أن مغانمهم ليست، في حقيقة الأمر، سوى خسائر عندما تقاس خسائر وأرباح الأطراف بمستوى التقدم النهائي للمجتمع في ساحة الصراع.

هذا المواطن المتمسك اليوم بكل مكاسب المشروع الإصلاحي، ولا يريد أن يفرط في أي منها، إدراكاً منه، وكما يشهد على ذلك تاريخ البحرين، أنها جاءت ثمرة نضالات متواصلة على مدى عقود من الزمان، دفع خلالها المواطن ضرائب باهظة كي نصل إلى ما وصلنا له اليوم، يرفع صوته مخاطباً قوى المعارضة دون استثناء أي منها، في اتجاهات ثلاثة: المناداة والمناشدة والحث.

أما صوت المناداة، فمن أجل أن تلتفت فصائل المعارضة، وبشكل متزن ومتوازن في آن، نحو الوراء وتحاول قراءة تطور تاريخ البحرين السياسي الحديث كي تستخلص منه العبر عند قيادتها للشارع البحريني.

ينادي المواطن معارضته كي تكف عن سلوك «لي الأذرع» وتتجه أولاً نحو قراءة فصول ذلك التاريخ بموضوعية ورؤية مستقبلية، كي تمتلك القدرة على الاستفادة من مساحة الحريات التي رسمتها إطارات المشروع الإصلاحي، وتعمل، وبصدق، وعبر طرق سلمية محضة من أجل توسيع هوامشها، والوقوف بحزم أمام القوى التي تسعى لتضييقها.

صوت المناداة هذا يهدف إلى فتح أعين المعارضة على تلك الجوانب المضيئة من الميثاق من أجل تعزيزها، ولفت نظرها إلى تلك المساحات القاتمة من أجل إزالتها. لكن لابد، وفي كل الأحوال، أن تتم العمليتان في الأطر الشرعية، ووفق قوانين اللعبة السياسية السلمية، فليس للعنف هنا ما يبرره.

وفي حال استمعت المعارضة لنداء المواطن، وهو ما يتمناه هذا الأخير ويعمل بصدق من أجل تحقيقه، فسوف يمتلك ذلك المواطن، حينها الجرأة الكافية، كي ينتقل إلى مرحلة أعلى في علاقاته مع المعارضة التي تمثله. حينها سيضيف ذلك المواطن صوت المناشدة، إلى صوت المناداة، فيرفع المواطن صوته مناشداً المعارضة أن تمتلك الجرأة والشجاعة الكافيتين كي تدين العنف، وتعمل جاهدة وجادة من أجل وقف فصوله.

ليس هناك مجال للمساومة هنا، ولا مكان لأنصاف الحلول. يناشد المواطن معارضته أن تقف جهاراً، ليس من أجل إدانة العنف على استحياء وخجل، مبررة ذلك بخشيتها من ردة فعل عكسية مضادة لا تستطيع التحكم في نتائجها، وإنما، كي تضع حداً لأعمال العنف كافة. ومتى ما نجحت المعارضة في ذلك، فهي ستسقط الأوراق من يد كل من يحاول تلطيخ أيدي المعارضة بحوادث العنف التي تجتاح البلاد اليوم.

الوقوف بحزم أمام أشكال العنف، يحقق هدفين أساسيين هما: وقف أي شكل من أشكال العنف العبثي الذي لا يحمل في أحشائه أهدافاً وطنية سياسية ملموسة أولاً، وتضييع الفرصة على كل من يحاول تعكير صفو ماء العلاقة بين المعارضة الجادة ومؤسسات السلطة التنفيذية المخلصة. يدرك المواطن أن حل هذه المعادلة المعقدة، بحاجة إلى شجاعة منقطعة النظير، يثق المواطن في امتلاك معارضته لها.

ويكتمل شكل مثلث العمل السياسي الناضج برسم زاوية قاعدته الثالثة وهي الحث، فلن يكف المواطن عن حث معارضته على التمسك بما تم تحقيقه والتشبث به، والعمل على عدم السماح لأي من القوى أن تعود به نحو الوراء، من جهة، وبذل كل الجهود من أجل تطويره بشكل مستمر في اتجاه تعزيز مؤسسات منظمات المجتمع المدني، وترسيخ قيم الأنظمة والقوانين المستخرجة من دستور دينامي، قابل للتطوير من جهة ثانية.

يدرك المواطن مسبقاً صعوبة العمل وفق آليات هذا الحث، خاصة في ظروف في غاية الصعوبة مثل تلك التي يمر بها العمل السياسي اليوم، لكنها تبقى مخرجاً مهماً لا يمكن إغفاله أو القفز فوقه، لمن يريد أن يساهم بشكل تطويري غير عنيف في الارتقاء بأوضاع المجتمع البحريني كي يصل إلى ما نادى به المشروع الإصلاحي، وناضلت من أجله المعارضة البحرينية، والذي هو مجتمع تسيره القوانين، وتنظم العلاقات فيما بين أفراده آليات المواطنة الصالحة المتكافئة المستمدة من المساواة أمام القانون.

ليس هناك من ينكر أن المعارضة البحرينية اليوم، تمر بمنعطف تاريخي حاد، والتي هي في أمس الحاجة إلى قيادة جريئة تعمل بذهنية سياسية قادرة على الابتكار وتحاشي دفع أية فواتير غير ضرورية أو ليست مجدية. وما لم تفتح قيادات المعارضة آذانها، وتصغي بصدق لمثلث: المناداة والمناشدة والحث، فربما تجد نفسها، وهو أمر لا يتمناه لها أي مواطن صالح، أمام مأزق حقيقي، يرغمها على تكبد خسائر فادحة، سيكون المواطن العادي أكبر ضحاياها.

وإلى أن نصل إلى وقف دورة العنف لن يكف المواطن عن رفع صوت نداءاته، والتمسك بدعوات مناشداته، والإصرار على سياسات حثه، ليس من أجل أي شيء سوى حرصه الشديد على استمرار معارضته في ممارسة حقها المشروع، لكن وهما يسيران معاً على الطريق الصحيحة، ونحو الأهداف النبيلة، وتحت مظلة الشرعية الدستورية.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2910 - الثلثاء 24 أغسطس 2010م الموافق 14 رمضان 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 15 | 4:05 م

      الحل لدى الحكومة

      سابقا كانت المعارضه تقول البرلمان هو الحل اما الان تقول الحكومة هي الحل لانها الطرف الاقوى ماديا وعسكريا ، فليتحرك العقلاء في الحكومة والقيادة السياسية الى الحوار وحل المشاكل بالدبلوماسية المكثفه ولكم في قطر اسوة حسنه يارجال الحكومة فالدبلوماسية تفعل كل شئ و لاتنسوا بان المعارضة هم شعبكم وليس شعب دوله شقيقه . و المعارضين لا يريدون الكثير ، وانصحكم بان تقصوا المستشارين الجهلة والفاشلين في ادارة الازمة مع المعارضة

    • زائر 12 | 8:00 ص

      هذه مشكلة الذين يبنون رؤيتهم على أحكام قدرية

      اللهم إنا لا نسألك برد القضاء ولكن نسألك باللطف فيه ... مع تحيات ( عاشق الندى)

    • زائر 10 | 6:59 ص

      وعاظ

      جل كتابنا أصبحوا وعاظ للسلاطين، واحد يرفع وآخر يكبس.. والقارئ من أول سطرين أصبح يميّز "المرتزقة" من القابضين على الجمر، ولا عجب، مادام رؤساء الجمعيات يستخفون بعقول الناس من أجل منصب نيابي.. عجبي على ما نجبته البحرين من مثل هؤلاء!

    • زائر 9 | 6:37 ص

      يلريت

      ياريت تصرخ في اذن اصحاب الامس وتطلب منهم ان يميزوا انفسهم عن تيارات المعارضة " الطائفية " والتى استخدمتهم مطايا لكسب صفة الوطنية . لن تكسبوا سوى احتقار الشارع وستكونون مثل الغراب الذى نسى مشيته .. القعل زينه للرجال .

    • زائر 8 | 4:23 ص

      بحراني

      ابحث عن اسباب العنف
      و القهر في هذا البلد

    • زائر 6 | 3:23 ص

      قليل من الحكمة يوفر الكثير من الأموال

      لو أن الدولة استجابت لنداءات المخلصين الذين حذروا من هذا المنزلق قبل أن نصل إليه أقول لو أنها استمعت للناس وحاولت إيجاد بعض التغير من خلال حوار هاديء لما وصلنا إلى ما وصلنا إليه
      ولكن الإصرار على عدم قبول الرأي والنصيحة والمشورة ورفض أجراء أي تطوير وتعديل على ما قدّم للناس .هذا المنطق يكلف الجميع مالا تحتمله الدولة و المعارضة من خسائر وقد أوصل هذا الوضع المتردي شبابنا إلى عدم المبالاة فليس لديهم ما يخسرون لذلك لن ينفع معهم النصح والإرشاد ويعتبرونه كلام فاضي في ظل الحرمان الذي يعيشونه

    • زائر 5 | 12:24 ص

      ابن المصلى

      صباح الخير استاذي الفاضل حقا ان قلوبنا تعتصر الما وحسرة ونحن نعيش هذه الأجواء الروحانية في هذا الشهر الفضيل اعاده الله علينا وعلى جميع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها وامة الأسلام في خير وسعادة ان ما يجري لهذا الوطن الغالي من عنف يدمي القلب نناشد الجميع بالتحلي بضبط النفس لأن لايقع الوطن فريسة في يد المتربصين به الدوائر علينا جميعا السعي الحثيث المطالبة بوقف دوامة العنف ولنجلس جميعا على طاولة الحوار البناء لنخرج جميعا منتصرين لبعضنا البعض همنا الأول والأخير هذا الوطن لانفرط في ذره من ترابه

    • زائر 4 | 11:13 م

      أما أهل الغفلة

      ، ثم لا يجمعون شيئا إلا مزيدا من الهموم و أحمالا من الخطايا و ظمأً لا يرتوي و جوعا لا يشبع.

    • زائر 3 | 11:11 م

      تضخم فيها بعض الأدوار ...، حتى صارت ما تمليه من شروط هي الدولة.

      أمن المواطنين على أنفسهم وأموالهم وأعراضهم وعقولهم..

    • زائر 2 | 11:07 م

      القرائن والبراهين على أن العنف والخراب يتبرقع بالدين

      وأن تشكل لجنة لتقصي الحقائق، في ملف ومحاسبة المتورطين، وفاء بالتزام تطبيق قائمة القانون ... حيث أن العديد من الانتهاكات ارتكبت بإسم الدين أو إستخدام المظهر الديني للإتيان بالأفعال المشينه حتى أصبح الرويبضة يتكلم في شأن العامة.. مع تحيات Nadaly Ahmed

اقرأ ايضاً