تحظى خطة الإدارة الأميركية التي تقضي برهن عائدات النفط العراقي المستقبلية لدفع كلفة إعادة إعمار العراق بتشجيع الشركتين الأميركيتين الرئيسيتين اللتين تملكان عقود إعمار العراق وهما «هاليبرتون» و«مجموعة بكتيل» إذ أبلغتا بوش أنهما توافقان على إصدار سندات مالية وقروض تجارية ائتمانية مدعومة بعائدات النفط العراقي الذي ستتولى إدارة الحاكم الأميركي الإشراف على إنتاجه وتصديره وتقرير الطريقة التي تنفق فيها عوائده المالية.
وعمم بنك التصدير والاستيراد الأميركي ورقة داخل الإدارة حذر فيها من أنه «من دون آلية تمويل لاستخدام عائدات النفط العراقي في المستقبل إلى أقصى حد للاحتياجات الراهنة للإعمار، فسيكون من المستحيل بناء عراق مستقر وآمن يسعى إليه الشعب العراقي والأسرة الدولية». ويتولى رئيس المصرف فيليب ميريل الدفاع عن إصدار سندات مالية بشأن عائدات النفط العراقي.
ويأتي النقاش داخل الإدارة الأميركية عن جمع مليارات الدولارات لإعادة إعمار العراق في غمرة حال «الإضطراب» المتنامي في البلاد وعجز سلطة الاحتلال في إعادة الحياة الطبيعية اليها، في الوقت الذي تتزايد فيه الشكوك بكفاية الأموال الموضوعة بتصرف رئيس إدارة الحاكم - الإداري بول بريمر والبالغة سبعة مليارات دولار.
وقال المسئول الكبير في «مجموعة وزارة الدفاع (الأميركية) لسياسة العراق» ريموند دوبيس إن المليارات السبعة الموجودة في الحساب المصرفي الموضوع بتصرف بريمر كأموال متنوعة لإعادة الإعمار تشمل 3,1 مليار دولار من الكونغرس الأميركي ومليار دولار من برنامج النفط مقابل الغذاء و 800 مليون دولار تم الاستيلاء عليها و 1,7 مليار دولار من الأرصدة العراقية المجمدة في الولايات المتحدة.
وأثار اقتراح السندات المالية مقاومة لدى مسئولين في الإدارة الأميركية وفي الأمم المتحدة الذين يشككون في الحق القانوني والمعنوي لسلطة الاحتلال في تحمل ديون بالنيابة عن الشعب العراقي. ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» عن مسئول كبير في سلطة الاحتلال أن «هذه الفكرة مطروحة ولكنها ليست صفقة تجارية ستحدث غدا».
ويتوقع المسئولون الأميركيون أن تصل عائدات النفط العراقي إلى خمسة مليارات دولار في النصف الثاني من العام الجاري و14 مليار دولار في العام 2004.
وقال ميرل إنه «من أجل إعادة إعمار تلك البلاد فإننا بحاجة إلى جعل عائدات النفط العراقي تعمل من أجل العراقيين، وإلا فمن أين ستأتي الأموال إذن؟»
ويرى مراقبون أن اقتراح رهن عائدات النفط العراقي المستقبلية عن طريق إصدار سندات سيكون قضية متفجرة سياسيا لدى الشعب العراقي الحساس إزاء خطط الأميركيين بنهب ثروته الوطنية، كما أن الاقتراح بحد ذاته يواجه معارضة داخل الإدارة. وتساءلت وزارة الخارجية في رد مكتوب على «بنك التصدير والاستيراد» ما إذا كان لسلطة الاحتلال الانتقالية في العراق الحق لتحمل ديون بالنيابة عن العراق. وقال مسئولون في وزارة الخارجية إن حكومة عراقية جديدة قد لا تحترم الالتزامات عندما تتولى السلطة.
وسيتم استخدام عائدات النفط العراقي لتمويل معظم العمل المستقبلي بما فيها دفع ديون العراق المعلقة التي تقدر مصادر أميركية أنها تتراوح ما بين 60 الى130 مليار دولار كثير منها لروسيا وفرنسا والمانيا. ويعتقد المسئولون أنه سيكون من الضروري منح الدائنين العراق فترة سماح لإعادة الدفع.
ويقول مصدر مطلع إن الأموال العراقية التي يسيطر عليها بريمر لا تخضع لأية قيود فيدرالية ولذلك فإنه يستطيع استخدامها لدفع قيمة العقود الممنوحة لشركات أميركية من دون منافسة مثل شركة «كيلوج براون آند روت» التابعة لشركة اليبرتون التي كان نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني رئيسا لها
العدد 291 - الإثنين 23 يونيو 2003م الموافق 22 ربيع الثاني 1424هـ