العدد 2904 - الأربعاء 18 أغسطس 2010م الموافق 08 رمضان 1431هـ

كرسي البرلمان... طريق للعمل الوطني أم الثروة؟

حسن المدحوب hasan.madhoob [at] alwasatnews.com

.

برّر أحد المقربين من مواقع القرار في إحدى الجمعيات السياسية، بعد سجالٍ معه عن كفاءة بعض الأسماء التي تعتزم تلك الجمعية الدفع بها للترشح لمجلس النواب والمجالس البلدية المقبلة، أن جمعيته عرضت على عددٍ من أصحاب الكفاءات الترشح باسمها في الانتخابات المقبلة، إلا أنها قابلت ذلك بالرفض لأن ما تكسبه حالياً من دخل يفوق ما قد تتحصل عليه من موقعها النيابي أو البلدي، وبالتالي فإن خيارات الجمعية تبدو أضيق مما قد يتراءى إلى الآخرين في تسمية قائمتيها النيابية والبلدية المقبلة.

بدوري، قلت له، ونعم الرأي الذي ذهب إليه أولئك الرافضون، بل عليكم أن تحمدوا الله كثيراً على هذه النعمة التي خصكم بها، وربما عليكم أن تصلّوا للخالق ركعتين شكراً على امتناعهم، فمن ينظر إلى كرسي البرلمان أو المجلس البلدي بحسابات الدرهم والدينار، لن يفيدكم بشيء، ولن يفيد الناس، لأن قرارة نفسه وسلوكه العملي سيتمحور حول البحث عن فرصةٍ لتعديل وضعه هو، لا وضع الناس، وتحسين دخله هو لا دخل الناس، وتلبية احتياجاته لا احتياجات الناس.

لكن، ألا يحق لنا أن نتساءل، هل السلطة وحدها تتحمل وزر تحويل كرسي البرلمان أو المجلس البلدي من موقع يفترض بصاحبه أن يدخل فيه للعمل الوطني والذود عن مصالح المواطنين، إلى الصورة النمطية الموجودة حالياً عند الكثيرين عنه بأنه موقعٌ لتحسين المعيشة وزيادة دخل الفرد وانتشاله من حالٍ إلى حال؟

إذا كانت السلطة قد أغدقت المكافآت السخية على النواب في البرلمان ورفعتها 25 % منذ العام 2006، وقدمت لهم سياراتٍ فارهةٍ، في سُنّةٍ شرعتها قبل ذلك بأربع سنوات، ألم يكرس النواب أنفسهم هذا التوجه ذاته، عبر سنّهم لأنفسهم امتيازاتٍ – بغض النظر عن كونها مبتدعة أم لا - أو موافقتهم على سفراتٍ وجولاتٍ تستنزف «هبشة» من الدنانير، التي تأتي طبعاً من المال العام المفترض منهم صيانته والدفاع عنه.

ألا ينظر اليوم، كثيرٌ من المواطنين إلى النواب وربما البلديين بدرجة ما، على أنهم يمارسون وظيفةً مرموقة لا أكثر ولا أقل وليس نضالاً وطنياً مخلصاً، ويعتقدون أن هذه الوظيفة تتطلب من صاحبها «شد الهمة»، بما يستطيع من جهد، وليس أكثر من ذلك!

نعتقد أن الصورة التي انطبعت في أذهان الناس، تشير إلى أن كرسي البرلمان بهذا المستوى من الأداء وبالخط الذي يسير فيه، وببعض الأسماء التي ستدفع فيه مجددا في الانتخابات المقبلة، يتحول تدريجياً في وعي الناس إلى موقعٍ للإثراء أو الهيبة الاجتماعية، الذي يمكن «تبهيره» في آناءٍ متقطعة ببعض التوابل الحارة حفظاً لماء الوجه، لا للنضال الوطني الحقيقي، الذي يقف طوداً راسخاً لتحقيق مطالب الناس وبروحٍ مستعدةٍ للبذل والخسارة المادية في سبيل تحقيق مطالب الناس وأمانيهم.

من حقنا أن نشدد على أن كراسي البرلمان والمجالس البلدية أمانةٌ في أعناق أصحابها، وسيساءلون عنها بين يدي الله، والمشاركة التي نجزم أنها أفضل من عدمها، هي المشاركة التي ينظر فيها النائب أو البلدي بعين الحق والجرأة والشجاعة والإخلاص إلى مطالب الناس وحقوقهم لا إلى مطالبه وحقوقه وامتيازاته قبلهم أياً كانت الدوافع والأسباب والمبررات.

ونقول لكل من يحسب دخوله البرلمان أو المجالس البلدية تجارة بالفلس والدينار أكان سيترشح من خلال كتلةٍ أو مستقلاً، لا تزيدوا على الناس أوجاعهم، نريد البرلمان تجارةً وطنيةً خالصةً قربة لله تعالى.

نعم، نتمنى أن نرى بعد هذه الانتخابات، نواباً وبلديين جدداً من مختلف الكتل والمستقلين، يضعون مصالح الناس في المقدمة دائماً، ولا يفكرون إلا في إحقاق الحق ورد الباطل، ويرون في «الكرسي» طريقاً حقيقياً للنضال الوطني لا للإثراء والألقاب الاجتماعية المغرية.

لا نريد البرلمان طريقاً للراغبين للتكسب والاسترزاق، نريده طريقاً للنضال والتضحية بالمصالح المادية الشخصية من أجل عزة هذا الوطن وأهله، ونقول لكل من سيترشح في هذه الانتخابات «وقفوهم انهم مسئولون».

إقرأ أيضا لـ "حسن المدحوب"

العدد 2904 - الأربعاء 18 أغسطس 2010م الموافق 08 رمضان 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 8 | 2:20 م

      الثروة طبعاً

      أخي العزيز الأستاذ حسن، لا يختلف إثنان إن الإنتخابات لعبة سياسية يكسب فيها الشطار، وهؤلاء المترشحون سواءً من الوفاق أو غيرها من الجمعيات والمترشحين بصفة مستقلة، هؤلاء لا يترشحون لسواد أعيننا- وإن أوهمونا بذلك- بل من أجل المال والثراء الفاحش الذي يتمتع به نوابنا ماشاء الله و لا سيما من فاز في الدورتين(والفال حق الثالثة)، ومن أجل هذا الراتب الخيالي، والتقاعد الخرافي، ومن أجل عيون هذه المميزات والعطايا والسيارة ووووووإلخ وكلها على حسابنا. ولو كان الترشح تطوعاً لما رأيتَ أحداً يترشح أصلاً.

    • زائر 7 | 8:48 ص

      الأعتراف

      طبعا ما في أحد بيقول أن سبب دخوله البرلمان هو كل الأمتيازات اللي بيحصل عليها الراتب ,,التقاعد ,,السيارة ,,المكانة المرموقة في المجتمع ,,,و حتى البرستيج ,,,في إحدى الجمعيات قعدت ترشح و جوه جديدة ماعندها حس وطني و لاحتى سياسي بس لأنه من الأصدقاء أو الهل و علشان يحصل على الراتب و غيره من المميزات ,,,,المسألة يبي لها ( ضمير وطني )بس .

    • زائر 6 | 6:06 ص

      بل طريق للثروة

      نعم راتب خيالي وتقاعد خيالي ومميزات وسيارات معقوله يعني بيتنازلون عن كل هذا ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

    • زائر 5 | 3:52 ص

      قالها ونقولها معا يا سادة يا كرام ....

      قالها ونقولها معه من اراد الوجاهة هناك الكثير من المواقع دون البرلمان ، ونقول ونقر ونعترف العمل في البرلمان ليس مفروشا بالورد ، ونقول ان التحديات ليست بالبسيطة منها الظاهر ومنها الباطن وانتم على علم بها وليس كل ما يعلم يقال ، ومن اراد الخير بصدق لهذا الوطن فاليتقدم ويرشح نفسه ، اواقلها لا يبخل بالنصيحة ، وليعذر العاملين فاللاعب غير المتفرج وهذا مالا نختلف عليه جميعا جزى الله العاملي المخلصين في البرلمان خيرا اعينوهم بالنصيحة والمؤازرة .....

    • زائر 4 | 12:48 ص

      وجهة نظر اخرى - جوع و ضرب جموع

      عندما تسمع حديث نسبة لا بأس بها من افراد المجتمع وانتقاداتهم اللاذعة للنواب وانهم ما رشحوا انفسهم الا جريا وراء المردود المالي يمتنع البعض من ذوي الدخول العالية عن ترشيح انفسهم لا لان مدخولهم المادي سيقل ولكن لكي لا يكون الامر كما يقول المثل ( جوع و ضرب جموع )

    • زائر 3 | 12:25 ص

      جمري

      الثروة هي الطريق المنشودة طبعاً .. ومن قال غير هذا فهو كاذب

    • زائر 2 | 10:26 م

      مساكين نواب الوفاق

      آلاف البحرينيني في وظائف عادية يمشون مرسيديسات ولكسزات وبيئمات، افخم من نوابنا، و الطحنه على هالنواب لين ركبوا لاندكروزر ولا لكزز لأٍ430 وسكرتيرات تركب افخم منها، واقل مدير في الحكومة ياخذ 1700 دينار اما في القطاع الخاص فقول 3-5 الاف دينار، لكن نوابنا ياخذون 1400 دينار صاروا ياخذون مال قاروون، خافوا الله فيهم، ليش ما نشوف الي المتسلقين يبون يرشحون او الى يبون الرزة و الوجاهة او المصالح الخاصة

    • زائر 1 | 10:21 م

      نعم ,,,, ولا

      صحيح لا نريد مرشحين عينهم على المال، فنعم لفكرة متأخرة في المقال
      لكن ، أغفل الكاتب ان ما بدأ به، عزوف الكفاءات عن العمل النيابي، بسبب ضعف الامتيازات، ان النواب مظلومون، فهذه الامتيازات لو كانت فعلا حقيقية لغالبية الكفاءات، لرأينا قواطر من الاطباء و المهندسين و المدراء و واصحاب الوظائف الادارية يتقاطرون للترشح، لكن لانسمع عن هؤلاء والسبب أن كل ما يسمى بالامتيازات لايرغب موظف اجاري يحصل أكثر، بل اضعاف ما يحصل علية النائب، فاتقوا الله في النواب

اقرأ ايضاً