حين يرحل شاعر بقامة غازي القصيبي فليس غريباً على البحرين أن تقف عنده كثيرا، إذ يظل أبناء هذا الجيل يذكر غازي القصيبي في أكثر من محطة، طفلا ، زميل دراسة لأبناء جيل الستينيات شاعراً مجايلاً للحركة الشعرية الجديدة، روائياً... كاتباً وكل كتاب يثير وراءه الكثير، سفيرا و... و...
فهو ذلك الطفل الذي نشأ وترعرع في البحرين سنوات عمره الأولى بعد أن انتقل من الإحساء لينهي سنواته الدراسية منذ المرحلة الابتدائية حتى الثانوية، ولعل من أجمل ما كتب عن هذه المرحلة ما دوّنه هو في كتابه «حياة في الإدارة» إذ تراه يسرد برشاقة لحظات جميلة من أيامه الأولى في المدرسة الابتدائية في البحرين بأسلوب أخاذ وإن كان المدخل للسرد عن الإدارة وبدايات تكوينه الإداري فرغم أنه في هذا الكتاب راح يتعقب بواكير نقثاته الإدارية الأولى إلا أنه نقلنا إلى أجواء جميلة حيث يسرد لحظات مع زملائه وشقاوتهم في الصف وعلاقتهم مع مدرسيهم حيث يقف المراقب الذي يقول عنه إنه لم يكن بأقل قساوة وشدة من ذلك المعلم بعد أن يترك الصف تحت رحمته، أو قصتهم مع معلم الحساب الذي راح يقضي الحصص تلو الحصص في الحديث عن السيارات وأنواعها حتى انقضى العام ورسب أغلب طلاب الفصل إلا أنه كان ناجحاً، حينها علق القصيبي قائلا: الآن عرفت شيئاً اسمه الواسطة طبعا عرفه بعد أن تهامس زملاؤه بذلك هذا ما يشير إليه وهو ينطلق في الكتاب من محطة إلى أخرى ليجمع خيوطاً من نشأته الإدارية وكيف علمته الحياة الدرس الأول في الإدارة بالإضافة إلى دروس كثيرة.
ولعل المحطة الثانية التي يتبادر الذهن إليها حينما تذكر غازي القصيبي في البحرين هو ذلك الشاعر الذي جايل الحركة الشعرية الجديدة فاستطاع على رغم جنوح قصائده للمحافظة على طبيعة الشعر العمودي إلا أنه استطاع أن يستوعب درس الحداثة الشعرية الجديد في حينها، وهذا ما تمثل لديه في الكثير من محطاته الشعرية حيث تلحظ لديه الكثير من الرشاقة على مستوى المعجم الشعري الذي يختاره وتلك السلاسة اللغوية في الألفاظ التي تمتلئ بها دواوينه الشعرية، بالإضافة إلى رشاقة ظاهرة على مستوى الأوزان والقوافي ولقد جمعته هذه الظاهرة مع الكثير من المؤسسين من شعراء البحرين المعاصرين سواء حين يكتب في العمود الشعري أو حين يكتب على شعر التفعيلة، ولا تحضر لديه الشطآن والزوارق والنخل إلا في أجمل اللحظات الشعرية حيث هذه هي صورة البحرين لديه.
وإن ظل أبناء هذا الجيل يستذكر القصيبي كثيراً ويستشهد بقصائده بين الفينة والأخرى فما ذلك إلا ما بقي من قصائده في الذاكرة من أبيات شعرية ظلت تدرّس في أكثر من مرحلة دراسية وفي أكثر من مقرر دراسي في البحرين منذ الابتدائية حتى الثانوية وكأنه لهيامه بالبحرين رد لها الجميل بقصائده فردت له الجميل مرة أخرى بتكريسها لشعره وتدريسه فلم يكن غفلاً أن القصيبي مر من هنا.
إقرأ أيضا لـ "حبيب حيدر"العدد 2904 - الأربعاء 18 أغسطس 2010م الموافق 08 رمضان 1431هـ
حسن الشارقي
إي والله يا استاذ حبيب ثلمت المدرسة الكلاسيكية بفقده.
كم هي رنانة في ذاكرتي وقريحتي... أبيات من نسج الجمال
سيد أحمد العلوي
مرّ من هنا و ترك خطوه أثراً نما عليه الورد !!
أجدت نسج الخيوط أستاذ حبيب ، موفقين .