لم يكن يوما مقدرا للبحرين أن ترتقي لمصاف البلدان القادرة على دخول لوحة شرف الأبطال، أو على أقل التقادير، هذا حظها وحظنا، في تبوؤ المقاعد الأخيرة أو المنافسة على المراكز الشرفية، إن لم يكن ذلك بفعل المستويات المتدنية للاعبي المنتخبات الوطنية المختلفة، فإنها قد تأتي هذه المرة من مدرب المنتخب.
هذا ما حدث بالضبط في البطولة العربية الثانية والعشرين، التي اختتمت أخيراً باستضافة الاتحاد البحريني لكرة الطاولة، وجاء فيها المنتخب خلف المنتخبات الثلاثة المتوجة، بفعل فاعل، ليس لمستوى لاعبي المنتخب المرتفع أساسا في هذه البطولة، بل بسبب الخطأ غير المغتفر لمدرب المنتخب والذي وقع فيه أثناء تسجيله اللاعب الثالث في مواجهة اللاعب السعودي، بعدما تم الاتفاق معه على أن يكون نجم الفريق محمد رضي اللاعب الثالث إلى جانب النجمين أنور مكي وحمد بوحجي، لكن المفاجأة جاءت من المدرب عندما قام بتسجيل اسم راشد الماجد كلاعب ثالث، في حين أن الأخير كان غير متواجد في الصالة بتاتا لانشغاله بأداء الامتحانات بالجامعة، وهو الذي أخبر إدارة المنتخب والمدرب بذلك قبل أيام، فما كان للمنتخب أن يخسر فرصة المنافسة على المركز الأول، وكان الأمل بعودة محمد رضي إلى جو المباراة من جديد عند الفوز ولكن خطأ المدرب أوقع الفريق في الخسارة المؤكدة.
هذا على أقله ما يمكننا أن نستشفه من حديث لاعب منتخبنا لكرة الطاولة في فئة العموم أنور مكي حين قال إن المنتخب فقد فرصة ثمينة وتاريخية ربما لا تعوض في المستقبل القريب عندما فوت على نفسه فرصة الحصول على المركز الثاني، مضيفا «لأول مرة نجد أنفسنا ننافس على المراكز المتقدمة في المحافل العربية وتحديداً للصعود على منصة التتويج بعد أن كنا بعيدين تماماً عن المنافسة. وكان بإمكان منتخبنا أن يتفوق على جميع المنتخبات المشاركة عدا المنتخب المصري بطل المسابقة»، ولكن حدث ما لم يكن بالحسبان.
لم يكن الخطأ الذي وقع فيه مدرب المنتخب الروماني خطأ عاديا، ولاسيما أنه جاء في وقت كان حاسما، على رغم من يؤكد أن المنتخب لم يكن له القدرة على الفوز حينها على السعودية المتقدمة بالنتيجة حينها.
بالتأكيد يتحمل الجهاز الإداري جزءا من الخطأ، إذ كيف تسير المباراة من دون التأكد من وجود جميع اللاعبين وليس فقط لاعب المباراة الأولى، ثم إنه أليس من المفترض أن يقوم كل لاعب قبلها بالإعداد والإحماء، إذ أين كان الجهاز الفني والإداري حين لم يتواجد اللاعب المسجل بالكشوفات للعب بذلك.
نحتاج في البحرين إلى الاحتراف الإداري قبل كل شيء، ذلك سيساعدنا على الوصول إلى مراكز متقدمة، أو على أقلها المنافسة الحقيقية، إلا أن القدر أكد في هذا الموقف أن البحرين هذا نصيبها، فبعد المستويات المتميزة التي قدمها لاعبو المنتخب في المباريات السابقة، جاء خطأ المدرب ليعيد الأسطوانة ذاتها «هذا قدرنا والبحرين».
انتهت في الأسبوع الماضي مجموعة من الاستحقاقات الخارجية التي شاركت فيها المنتخبات العمرية، وفيها تباين شكل المنافسة، فبينما حققت منتخبات كرة الطاولة الميداليات البرونزية في البطولة العربية، وحقق منتخب الطائرة المركز الثاني في البطولة الخليجية للشباب، جاء منتخب الكرة الأولمبي في المركز الأخير بالبطولة الخليجية لمنتخبات الأولمبي، هذا التباين في النتائج، جاء ليؤكد حاجة هذه المنتخبات الماسة إلى المساعدة في الحصول على فرص الاحتكاك واللعب المتواصل في المستقبل القريب، الأمر الذي يساعدها على زيادة خبراتها بالمحافل العالمية، استعدادا لاستحقاقات مقبلة.
هذه الأجيال وعلى رغم نتائجها المتنوعة، تؤكد بما لا يدع مجالا للشك، أن البحرين ليست بحاجة إلى ما يسمى «التجنيس الرياضي»، وهي التي تعد من أبرز الدول الخليجية التي تزخر بالمواهب الرياضية التي لو تحصّلت على الرعاية فقط لوصلت إلى العالمية، وهي بانتظار التفاتة بسيطة فقط من المعنيين، لكي تحقق ما عجزت عنه الأجيال السابقة.
إقرأ أيضا لـ "محمد مهدي"العدد 2896 - الثلثاء 10 أغسطس 2010م الموافق 29 شعبان 1431هـ