العدد 2893 - السبت 07 أغسطس 2010م الموافق 26 شعبان 1431هـ

صناعة الانتخابات

ندى الوادي nada.alwadi [at] alwasatnews.com

.

في الدول التي تمتلك تاريخاً طويلاً من ممارسة الديمقراطية والتصويت في الانتخابات وخوض حروبها، تحولت الانتخابات منذ مدة إلى «صناعة» حقيقية تقوم على قواعد من مؤسسات كبيرة ومتنوعة الاهتمامات والتخصصات.

وتعنى هذه المؤسسات الخاصة بهذه الصناعة بتقديم سلسلة من الخدمات الموضوعية التي يستفاد منها في موسم الانتخابات. ولا يتوقف الأمر عند طباعة البوسترات والمنشورات أو تجهيز الخيم والوجبات كما يحصل لدينا في البحرين، وإنما يتعداه إلى مؤسسات تعنى بتجهيز قواعد بيانات كاملة عن المناطق الانتخابية معروضة للبيع يمكن أن يقوم أي مرشح بشرائها لكي تختصر عليه ثلاثة أرباع العمل الذي سيقوم به فريق العمل في حملته الانتخابية.

الاستبيانات واستطلاعات اتجاهات الجمهور في التصويت هي وجه آخر من أوجه هذه الصناعة، إذ إنها تعتبر أحد أهم وسائل القياس التي استطاعت مؤسسات كبرى عالمية أن تستخدمها بحيادية وموضوعية تامة حتى صارت في كثير من الأحيان مؤشراً دقيقاً للغاية حول نتائج الانتخابات كما في الولايات المتحدة الأميركية مثلاً.

في البحرين لم نصل بعد إلى تحويل الانتخابات المحلية إلى صناعة محلية. بل إننا في كثير من الأحيان لانزال نتطلع إلى الخارج لكي نستورد مكوناً من مكونات هذه الصناعة التي يشترط في نجاحها التام أن تكون محلية الصنع. وعلى الرغم من تراكم خبرات تجربتين انتخابيتين سابقتين محلياً لايزال هناك قصور في استثمار الخبرات والتجارب المحلية لكي تساهم في تطوير هذه الصناعة.

فنون إدارة الحملات الانتخابية، حشد الأصوات، التعامل مع وسائل الإعلام، كلها وأكثر هي موضوعات رئيسية في علم الانتخابات، وهي أيضاً موضوعات مارسها الكثير من البحرينيين في الانتخابات الماضية، ولعلهم يمتلكون من الخبرة ما يمكنهم من نقلها لكثيرين آخرين سيخوضون التجربة نفسها بعد أشهر معدودة. غير أن كثيراً من ورش العمل التي تعقد لهذه الأغراض على أكثر من صعيد ومن أكثر من جهة لاتزال تصر على استجلاب خبرات خارجية قد تتلاقى أو لا تتلاقى مع الواقع المحلي.

ربما يعود السبب وراء ذلك إلى أمرين، أولهما هو «عقدة الأجنبي» فنحن نرحب على الدوام بأي خبرات خارجية لكي تقوم بتدريبنا عن أسس وقواعد مارسناها من قبل وأصبحت لدينا رؤية خاصة بشأنها. والأدهى أن خصوصية وضعنا السياسي والاجتماعي التي لا يعرفها إلا المحليون قد تكون سبباً في أن كثيراً من الممارسات الانتخابية التي يقوم أجانب بالتدريب عليها في مجتمعنا هي غير صالحة أو تحتاج إلى كثير من «البحرنة».

والأمر الثاني هو أن أياً من المؤسسات والهيئات التي تسعى إلى تطوير هذا النوع من المهارات أثناء الانتخابات لم تفكر في القيام باستثمار خبرات البحرينيين الذين قاموا بالفعل بالدخول في المعترك الانتخابي السابق.

لعل من يطلع على أبجديات فنون الانتخابات يعرف تمام المعرفة أن العنصر الأهم والأقوى في الحملات الانتخابية هو فريق المرشح الذي يقوم جدياً بـ «صناعة» المرشح. وفي عدد من الورش التدريبية التي أقيمت في البحرين تم استضافة بعض أعضاء الفريق الانتخابي للنائبة الكويتية الحالية أسيل العوضي. وكم كان من المتميز الاستماع إلى تجربة حية لعدد من الشباب الكويتي الذين قاموا بتصميم الحملة في انتخابات العام الماضي وشاركوا في أدق تفاصيلها وتعاملوا مع أبرز التحديات التي واجهتها بأسلوب مركزي للحملة.

لقد طوع هذا الفريق الأساليب والأدوات المتعارف عليها في إدارة الحملات لتتلاءم مع خصوصية وطبيعة مجتمعه بشكل ذكي للغاية.

في البحرين نحن بحاجة ماسة إلى خلق بيئة من هذا النوع تساعد على الاستفادة من كوادرنا البحرينية التي ساهمت في التخطيط للحملات الانتخابية أو تنظيمها أو تغطيتها إعلامياً، فهذه هي الكوادر التي يمكن لو استثمرت جيداً أن تقوم بتحويل الانتخابات في البحرين إلى صناعة حقيقية

إقرأ أيضا لـ "ندى الوادي"

العدد 2893 - السبت 07 أغسطس 2010م الموافق 26 شعبان 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 1:06 ص

      انتخابات وبرلمان وفلوس تصرف والنتيجة صفر

      قد يكون الكلام مبالغا فيه إذا قلنا ان النتيجة صفر ولكن مقارنة بتضحيات الشعب وتطلاعته ومستواه الثقافي ومتطلباته الضرورية والملحةز بعد 8 سنوات لم يستطع هذا البرلمان إيقاف الدفان الجائر وسرقات الأراضي والتحقيق مع المفسدين ولا حتى استجواب وزير وطرح الثقة فيه مقعولة في بلد مثل البحرين يعيش الفساد على جميع المستويات لا يستطيع البرلمان سحب الثقة في الحكومة ولو مرة واحدة؟

اقرأ ايضاً