العدد 2884 - الخميس 29 يوليو 2010م الموافق 16 شعبان 1431هـ

معنى الحب في العلاقة الزوجية

comment [at] alwasatnews.com

الكل يبحث عن الحب، والكل عندما يسمع عن كلمة الحب تتبادر له صور وأصوات ومشاعر وأحاسيس مختلفة لما قد يمثله الحب. وكلنا يتذكر الأفلام العربية والهندية والأجنبية التي تصور البطل وهو يبحث عن معشوقته ويفعل المستحيل للحصول عليها، رغم اختلاف الطبقة الاجتماعية والحالة المادية والديانة.

كل تلك الأفلام لا تعكس المفهوم الصحيح للحب والتي تصور البطل يأتي على حصان أبيض لينتشل البطلة من جحيم حياتها وليعيشا معاً في سعادة أبدية. وإن لم تكن الأفلام مصدر مفهوم الحب للبعض، فإن الشعر والأغاني تعكس مفهوماً آخر للحب يتغنى بها المحبون ويتسامرون وسط إيقاعات وأصوات أم كلثوم وفيروز.

ولكن تبقى الحقيقة واضحةً كالشمس، لا أحد يمتلك تعريفاً شاملاً وواضحاً للحب؛ لأنك لو سألت أي شخص عن الحب وما الذي يرمز له، لحصلت على تعريفات مختلفة لكلمة واحدة والتي قد تتشعب لتصل إلى مالا نهاية، وتضيع بالتالي حقيقة الحب ومفهومه، لتجعل البعض يعيش في سراب وأوهام الحب من دون أن يعي ويعرف حقيقته، مما يولد البحث المتواصل عن الشخص المناسب وعدم الرضا والقناعة لدى الباحثين عن الزواج والمتزوجين لتنتج مشاكل متشعبة لا حصر لها وذات آثار وخيمة على حياة الفرد والأسرة والمجتمع. فما هو معنى الحب؟ وما أثر الفهم الصحيح للحب على الحياة الزوجية لكلا المقبلين على الزواج والمتزوجين؟

الطبيب النفسي روبرت سترنبرغ (1999) قام بدراسة مفاهيم الحب المختلفة إلى أن وصل إلى نظرية مثلث الحب.

وهذه النظرية تصنف الحب فى العلاقات الإنسانية من قبل ثلاث عناصر أساسية وهي: الالتزام والعلاقة الحميمة والعاطفة (شكل1). ودرجة الحب التى يعبر بها كل فرد فى أي علاقة تعتمد على القوة المطلقة لتفاعل هذه العناصر الثلاثة مع بعضها البعض. وتجدر الملاحظة أن عملية التركيز على عنصر واحد من هذا المثلث لا يجدي نفعاً على المدي البعيد لبقاء أي علاقة مقارنةً بالعلاقة المبنية على العناصر الثلاثة مجتمعة معاً. والأهم من ذلك هو معرفة أن هذه العناصر تتطور وتتغير مع مرور الوقت وفى كل مرحلة من مراحل الحياة الزوجية، وفهمها يولد الطمأنية والإحترام والثقة والإنجذاب العاطفي المتبادل والذي يغني الحياة الزوجية ويجنبها من مشاكل جمه.

ودعونا الآن ندرس كل عنصر من عناصر مثلث الحب على حدة ليتسنى لنا معرفة وقياس درجة الحب في علاقاتنا المختلفة.

الالتزام: هو العنصر العقلي لمثلث الحب والذي يشمل التفكير باتخاذ قرار مصيري وبوعي من قبل الزوجين في الالتزام ببقاء العلاقة الزوجية والحفاظ عليها إلى الأبد، على الرغم من كل الصعوبات التي قد تنشأ في المستقبل. والالتزام يشمل على المدى القصير قرار البقاء مع الطرف الآخر، بينما على المدى الطويل، يمثل مستوى الشراكة والالتزام بالخطط والإنجازات بين طرفي العلاقة الزوجية. فمن دون الالتزام لا يتوافر عامل الاستقرار الذي يوفر المناخ المناسب للتطور ولمواجهة التحديات المستقبلية في الحياة الزوجية والمهنية وتربية الأطفال. ولك أن تتصور مثلاً أحد شركائك في العمل لا يلتزم بهذه الشراكة وبخصوصيتها ويسرب أهداف الشركة وإنجازاتها للآخرين ويهددك دائماً بالانفصال، فكيف تعتقد ستكون حياتك مع هذا الشريك؟ وبالتالي تحدث مشاكل عدة في الحياة الزوجية منها الاستبداد في اتخاذ القرارات والخيانة الزوجية والتربية الخاطئة والطلاق، والتي تكون تبعاتها وخيمة على استقرار الحياة الزوجية وبقائها.

العلاقة الحميمة: وهي عنصر المشاعر والأحاسيس الجياشة للحب والرابطة القوية والمتينة من طرف إلى آخر. وتشمل مشاعر الدفء والتقارب والتبادل العاطفي ومدى الثقة في العلاقة، ومشاعر الاحترام المتبادل، ونوعية الرابطة التي يصفها كل شريك للآخر. والعلاقة الحميمة تشمل أيضاً الاستعداد للمساعدة والانفتاح على الأفكار والمشاعر الخاصة وتقاسمها مع الطرف الآخر. وهي تذكر الكل بأول مرة ولحظة التقى بها الحبيبان ببعضهما الآخر، فكل ما يقوله الحبيب جميل، وكل ما يفعله الحبيب يقابل بالاحترام والثقة والاستماع والضحكات التي تملأ الحياة وتغمرها بأحاسيس المحبة التي تسمح لسفينة الحب بالتحرك في وجه كل أمواج الحياة بسهولة ويسر. فهل لك أن تتصور حياتك في عمل يغلب عليه القسوة والقوانين الصارمة التي لا تترك مجالاً للضحك والاستمتاع والعطاء من دون أي سبب، وبالمثل الحياة الزوجية التي تخلو من الابتسامة لا تمتلك عنصر التقارب والدفء والثقة العمياء والاحترام التي تكفل بقاءها، أليس كذلك؟

العاطفة: وأخيراً عنصر الرغبة والتحفيز في العلاقة الزوجية والتي تشمل مشاعر المودة والرومانسية، ومشاعر الحنين، والجذب الجنسي للزوجين. فهذه الرغبة هي القوة التحفيزية التي تغذي مشاعر الرومانسية، والرغبة في التفاعل الجنسي، فالعاطفة تغرس رغبة دفينة في أن نكون متحدين بشخص عزيز علينا. وبمعنى آخر، العاطفة تشبه الإدمان؛ لقدرتها على توفير التحفيز الشديد والسرور الذي يمارس رغبة قوية في شخص ما تجاه شخص آخر. فالكثيرون يتزوجون لإشباع الرغبة الجنسية ويتصورون أن مع إشباع تلك الرغبة ستتلاشى كل المشاكل الزوجية، وبالتالي هم يتناسون أهم الجوانب المكملة للحياة الزوجية السعيدة والتي تغذي تلك الرغبة ألا وهما جانبا الالتزام والعلاقة الحميمة اللذان يتممان الرغبة الجنسية والعاطفة الجياشة لها.

والخلاصة أن معرفة الأسس الثلاثة للحب ونقاشها بين الزوجين يوفر الأساس الصحيح الذي تبنى عليه الحياة الزوجية السعيدة ويجنب الزواج من الوقوع في متاهة تشعبات ومفاهيم خاطئة قد تلقي بظلالها الثقيل على الحياة الزوجية وتحولها إلى دائرة من الصراعات الدائمة.

ودعونا الآن نسأل المتزوجين والمقبلين على الزواج بعض الأسئلة وبكل صراحة: هل أنتما تمتلكان المقومات الأساسية للحب؟ فما درجة الالتزام في حياتكما الزوجية؟ فهل كل مشكلة تجعل أحدكما يهدد الطرف الآخر بالرحيل؟ وإلى أي درجة تشعران بالثقة وتحترمان بعضكما البعض؟ فهل تبتسمان عندما تلتقيا بعد يوم متعب؟ وما مدى الرومانسية في حياتكما؟ فهل تمسكان يديكما عندما تجلسان بالقرب من بعض؟ وهل تحضران وردةً كل يوم تذكران بعضكما البعض بأهمية كل منكما في حياة الطرف الآخر؟ أم أنكما منشغلان بالعمل ومشاهدة التلفاز والتهرب من الحياة لانتظار سراب الحب؟ فإن لم تمتلكا كل تلك المقومات، فهل تعتقدان ستسمر شمعة حبكما بالتوقد لتضيء لكما درب السعادة الزوجية؟ والأهم من ذلك، ما الذي ستفعلان الآن لتغيير مجرى حياتكما الزوجية إلى الأبد؛ لأنكما تستطيعان البدء من الآن ولو بخطوةٍ بسيطة، فهل تمتلكان الجرأة لأن تبدآ من جديد؟

إقرأ أيضا لـ " "

العدد 2884 - الخميس 29 يوليو 2010م الموافق 16 شعبان 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 13 | 8:50 ص

      شكرا على الموضوع

      مشكور دكتور عن الموضوع
      اولا احب اوضح ان هالزمن مافي حب حقيقي الا القليل منهم
      انا امراة متزوجة صار لي سنتين و عندي بنت
      زوجي ولا يوم من الايام قال لي كلمة حلوة
      يفضل نفسه علي و على بنته في كل شي
      عمره بوصل الثلاثين و تفكيرة مثل اليهال
      مايعاملني باحترام حتى بوجود الاهل او الاصدقاء
      انصحوني ؟؟

    • زائر 12 | 5:57 م

      الى زائرة 4

      والله قطعتي قلبي خيتو ، اش هالامة التعبانة
      بس بسالج انتي ماعندج اخوان ,. ماعندج اهل يصدونه ويردعونه ويوقفون ابوجهه؟؟ انا ترى عشت بعد معاناة مع طليقي ويوم طلبت الطلاق ورفض راحو له اخواني وراووه الشغل الزين وطلق غصبا عليه .. وترى العلاقة الزوجية الناجحة اساسها الاحترام , التفاهم والثقة , اذا اجتمعو هالعوامل الثلاث نتج حب وحياة زوجية ناجحة باذن الله //// الف شكر لك اخوي على هالموضوع الحلو , تسلم يداك

    • زائر 10 | 9:26 ص

      زائر 8.....من زائرة 4

      أتصدق يا أخوي أنا ما أشتكيت في محاكم و لا مراكز شرطة و لا عمري دخلت هالأماكن لكن جمعت رجال العائلتين و قلت لهم على كل شي هذا بعد سنين من معاناتي معاه و النتيجة قال ( طلاق مابطلق و أنتي خدامة عندي و اعطيج راتب ) و باكتب جم جملة من اللي يكررهم علي دائما و انت احكم : 1- ما آبي خدامة أكيد باتحرش فيها .2- شوفي لج بوي فرند فأنتي لج حق تعيشين بس لحد يدري .3- الحريم وايد و مايقولون لا وليش أربط نفسي بوحدة .4- ما اخاف من ربي أخاف منج أنتي .و أقسم بالله بأن كل حرف كتبته صحيح .أرجو النشر

    • زائر 9 | 9:23 ص

      تسلم

      تسلم لي ولد الشراخي

    • زائر 8 | 9:00 ص

      'الاخت رقم 4 من الزائر رقم 5 .....إعتذار....

      أنا صدمت من المشكلة ... خصوصا عندما قلت طلب منك تبحثي عن صديق.
      --
      ولم انتبه الى كلمة الطلاق التي كتبتيها.
      --
      فأنا أعتذر لك عن الجملة التي كتبها وهي:
      --
      إذا ماطلبت الطلاق فانت تستحقين المعاملة الغير أخلاقية.
      --
      وأرجو أن تقبلي أعتذاري.
      --
      واضح أن مشكلتك قديمة وهي في المحاكم والمحاماة ... وهم أدرى ... والله معاك.
      --
      وإن كان كلامك سليم ... فأنا استنكر عدم حدوث الطلاق وهو حقك في الاسلام.

    • زائر 7 | 7:20 ص

      الباحثــة عن الحب ( ورود منثورة)

      شكرا اخ محمد مقال جدا جميل في زمن غابت فيه مشاعر الحب واصبح النفاق العاطفي والاجتماعي ظاهر بشكل اكبر .... ولكن يبقى للحب مكان بين كل هذه الالالم وبين كل انواع المنغصات ..... نعم للحب مكان

    • زائر 6 | 7:19 ص

      زائر 5,,,,,أنا زائرة 4

      أنا طلبت الطلاق و رافض يطلق يقول بدل ماأجيب خدامه و أدفع فلوس أنتي أحسن وحدة تخدمني و تخدم عيالي و مازال هو مع الخراب مال الفنادق و أنا بالبيت مع عيالي ,,,يمكن أنت تكون من الخمسة بالمئة لكن اللي قاعد يحصل غير غير ,,,,وليش كتيبت ( إذا ماطلبت الطلاق فانت تستحقين المعاملة الغير أخلاقية ) ,,,,مثل ماقلت قبل طلبت الطلاق من أكثر من ست سنوات و رافض يقول سوي لج علاقة أنتي من حقج لكن طلاق مابطلق ,,,,,أقسم بالله هذا كلامه لي بالحرف الواحد .

    • زائر 5 | 6:38 ص

      اختي الزائرة رقم 4

      أنا لا أتفق معاك اطلاقا بأن هذا الحب غير موجود.
      --
      أنا زوجتي انتقلت الى رحمة لله، وكانت تربطني معها علاقة جميلة جدا، وكانت أجمل وأعز وأغلى أنسانة خلقها الله مخصوص لتكون زوجتي, اشكره على هذه النعمة العظيمة التي شعرت بها أكثر بعد رحيلها.
      --
      لذلك، أنا لا أتفق معاك اطلاقا، فأنا عشت تجربة الحب الزوجي.
      --
      أما بالنسبة لحياتك الزوجية التي تتحدثين عنها، إن كانت صحيحة، فيجب عليك طلب الطلاق فورا.
      --
      وفي حال عدم طلب الطلاق فإنك تستحقين كل هذه المعاملة الغير أخلاقية.

    • زائر 4 | 6:00 ص

      شكرا لك عالموضوع

      يا أستاذ اللي كتبته كلام جميل رومانسي لكن الواقع غير أنا تزوجت شخص خائن لدرجة مستحيل يمر يوم ما يرقم أو يتحرش و ألحين خيانة (ثقيلة ) ويطلب مني أن أبحث لي عن بوي فرند و أنا على ذمته بشرط محد يعرف من الأهل ورافض يطلقني لأن يبي خدامه له و للعيال بدل مايجيب وحدة و يدفع فلوس ,,,,,,النتيجة مافي حب إلا حب الله و الوالدين و الدليل أن أحنه نقدر نستغني عن أزواجنا أو أحبائنا بالطلاق أو الإنفصال ,,,,,,,

    • زائر 3 | 4:55 ص

      معيار جميل ... للمتزوجين ... مثلــث الحــب ...ورؤسة الثلاثة

      الالزام .........العلاقة الحميمة .......... العاطفة.
      ---------------- أيها المتزوجون -----------------
      --
      الالتزام:
      هل حياتكم تشوبها ..... كلمة أطلقش وطلقني.
      --
      العلاقة الحميمة:
      اسلوب حياتكم: فيها المودة والمحبة والتفاهم والله العنف والشجار والتحدي.
      --
      العاطقة:
      اللقاء بعد فراق ... هل فيه شوق وحنين أم كلمة جاء ثقيل الدم أو ثقيلت الدم.
      --
      أكتشفوا .. اين وضعكم في هذا المثلث وعززوا الجوانب الحلوة وعالجوا الجوانب السلبية فيها.
      --
      الله معاكم وشكر للكاتب.

    • زائر 2 | 2:30 ص

      الحب هو

      الحب
      أن يحترم الزوجين بعضهما
      الحب أن يتذوق كل منهما في ما يدب بينهما من مشاكل فرصة للشعور بطعم السعادة ونعمة الزوجية
      الحب أن ينظر كلاهما للحياة بإيجابية
      والحب أن ينطلق من قلبيهما بصدق وإخلاص و وعي
      أدام الله المحبة بينكم يا مزوجين
      بالتوفيق

    • زائر 1 | 12:06 ص

      مقال جميل...

      مقالك جميل و مفيد.. الله يوفقك..

اقرأ ايضاً