كم هي قليلة تلك الأيام واللحظات الحاسمة في حياة الشعوب، وذاكرة أي أمة، فأعمار الدول لا تحسب بالسنين والأيام، ولكن بلحظات الانكسار والانتصار، وقد غيرت ثورة يوليو/ تموز وجه مصر من حال إلى حال، ليسجل يوم 23 يوليو 1952 مولد حرية واستقلال مصر.
تحتفل مصر والأمة العربية هذه الايام بالذكرى الثامنة والخمسين على قيام ثورة يوليو المجيدة، وفي كل عام يمر على تلك المناسبة وكلما قرأت ما تناولته الأقلام ونشرته الصحف عنها فاكتشف أنني لم اعرفها جيدا بعد أو أوفيها حقها ووزنها.
قد تكون شهادتي مجروحة لأنني من أبنائها، ولكنني جازم بأنه حينما تقوم ثورة بعظمة ثورة يوليو المجيدة، لٌتحدث تغييراتٍ جذريةً في المجتمع المصري ونظامه السياسي والاقتصادي والاجتماعي، ولتكون أيضاً ثورة استقلالٍ وطني ضدّ احتلالٍ أجنبيٍّ مهيمن لعقودٍ طويلة مثل الاحتلال البريطاني لمصر، لتصبح أيضاً قاعدة دعم لحركات تحرّرٍ وطني في عموم إفريقيا وآسيا، ثم تضحو كذلك مركزاً للدعوة والعمل لتوحيد البلاد العربية وبناء سياسة عدم الانحياز ورفض الأحلاف الدولية في زمن صراعات الدول الكبرى وقمّة الحرب الباردة بين الشرق والغرب... حينما تكون «ثورة يوليو» ذلك كلّه وأكثر، فإن الأقلام حقا لاتستطيع أن تلم وتدرك كل معطيات وإنجازات تلك الثورة.
إننا عندما نحيي ذكرى قيام ثورة يوليو المجيدة، إنما ٌنحيي ذلك الحدث العربي الجليل الذي لم يبارح الذاكرة كونه شكّل علامة مضيئة في تاريخ العرب الحديث والمعاصر، وجاء نتاجاً لفكر الزعيم الراحل جمال عبدالناصر الذي أشعل جذوة المد القومي وخاض معارك التحرر على مختلف الجهات وبات اسماً تهتف به الشعوب العربية جمعاء.
وإذ أسترجع اليوم كل الذكريات الرائعة عن مولد ثورة 23 يوليو، إنما أقول بكل صدق إن هذه الثورة المجيدة علمتنا أن مصر غنية دائماً بفكرها ورجالها الذين يقدمون أرواحهم ودماءهم لوطنهم وللوطن العربي بأكمله، وأنها إنجاز لإشعار يتوجه نحو المستقبل ويواصل كل مراحل نضال الشعب من أجل حريته وحقه في أكرم حياة.
وهانحن اليوم نفخر بأننا استطعنا ان ننجز المبدأ السادس من مبادئ 23 يوليو، ألا وهو إقامة حياة ديمقراطية سليمة. فمصر كانت وستظل - رغم المشككين- هي القلب النابض للعالم العربي، وصاحبة الدور الوطني الرائد على مر العصور الذي لن يتغير أو يتأثر بمحاولات تأخيره وتعطيله أوالتشكيك فيه.
لقد صنع زعماء مصر وقادة ثوراتها ونضالها أمجاداً شامخة، جاءت تعبيراً عن إرادة الشعب وترجمة وطنية لتطلعاته المشروعة لحقه في الحياة. ليس ذلك فقط، بل جاءت هذه المنجزات لٌتعبر عن أفاق وتطلعات العديد من أبناء العالم العربي والإسلامي، وكانت نبراساً يحتذى به في الكثير من الثورات العربية اللاحقة لها.
كان جمال عبد الناصر هو قائد الثورة ومفجرها في اتجاه تأكيد استقلال مصر واستقرارها وإحداث ثورة اجتماعية خالصة، حيث سبقه محمد نجيب وتلاه كل من الرئيس الراحل، محمد أنور السادات والرئيس، محمد حسني مبارك الذين جسد كل منهم مرحلة مهمة عبّرت عن آمال وهموم المواطن المصري -إن لم يكن العربي- في اتجاه الاستقلال وبناء جيش قوي أتى بنصر أكتوبر/ تشرين الأول 1973 ثم المضي قدما في عملية الإصلاح الداخلي والتنمية واستحداث تجربة ديمقراطية تقوم على تعدد الأحزاب والإصلاح الاقتصادي والعدالة الاجتماعية.
وليس ثمة شك، في أن مشوار الألف ميل نحو الإصلاح يبدأ بخطوة وهي الخطوة التي خطتها مصر في عهد مبارك، وأن الوصول إلى نهاية المشوار قد يحتاج إلى جهود خالصة وتضحيات متتالية ومساحات شاسعة من الزمن للوصول إلى نقطة التلاقي المطلوبة، وبدون الخروج عن نهج الثورة وخطوطها العريضة.
فمصر مبارك، مازالت تسير على نهج الثورة وتتمسك بخطوطها العريضة في الحفاظ على المكاسب التي تحققت للشعب في الداخل، بل وتعمل - وهي على دراية كاملة بتغير الأزمان والأفكار- على تنميتها وتأكيدها ولا سيما الديمقراطية والعدالة الاجتماعية التي عمق جذورها الرئيس حسني مبارك.
إن الرئيس مبارك، لمن لا يعرفه هو من أشد الناس إيماناً بالديمقراطية بمفهومها الموضوعي السليم البعيد عن الهوى والغرض. ولذا فهو ينطلق من أسس ثابتة معاهدا الله والشعب على ألا تشهد البلاد خروج عن الطريق الديمقراطي أبداً في عهده، حيث يعتبر الديمقراطية في مصر هي ركيزة النهوض الوطني وحجر الزاوية في البناء والتقدم، وان الديمقراطية منهاج تفكير وأسلوب حياة وهي نظرة شاملة لصياغة العلاقات داخل المجتمع وتحديد الحقوق العامة والواجبات.
ولقد اثبت الرئيس مبارك ان جيل أبريل/ نيسان (85) الذي حرر آخر حبة من تراب مصر هو استمرار لجيلي أكتوبر (73) ويوليو (52)، وأن ثورة يوليو المجيدة جاءت تعبيراً عن إرادة شعبية عارمة تطالب بأن يكون هذا الحكم قائما على دعائم الديمقراطية والحرية والعدل، وأنها حققت على الخريطة الانسانية أكبر تحول عرفته مصر في تاريخ الحكم، مستكملا مسيرتها كابنها البار عبر عدة محاور رئيسية، هي:
- ديمقراطية حقيقية تفتح كل الأبواب لا تفرق بين مؤيد ومعارض.
- سياسة اقتصادية محددة الاطار قامت على خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
- بناء مجتمع قادر على تخطي العقبات والتغلب على التحديات من خلال تحقيق العدل الاجتماعي والانحياز لكل ما ييسر الحياة ويؤمنها لمحدودي الدخل.
- وأخيراً سياسة خارجية رشيدة تضع مصالح مصر قبل كل شيء وتمد جسور التعاون مع جميع الدول دون التنازل عن الثوابت العربية/ الإسلامية/ غير المنحازة، أو التخلي عن الحقوق العربية الثابتة -أيما كانت- والوقوف دائما بجانب الأشقاء العرب والمسلمين في أحلك الظروف تماما مثلما وقفوا جميعا بجانب مصر ابان حرب أكتوبر (1973)، فمصر لا تنسى أشقاءها سواء في السراء أو الضراء.
وكان من الطبيعي بمكان -لأن السياسة لا ٌترسم من فراغ أو توضع في عزلة عن المحيط الاقتصادي والاجتماعي الذي تتعامل معه وتدور في فلكه - أن تتطور السياسة المصرية في القرن الحادي والعشرين مع تلك المتغيرات المتلاحقة المسماة «بالعولمة» فتتفاعل معها - وأكرر بدون التخلي عن الثوابت الرئيسية والهوية العربية والانتماءات الشرق أوسطية/ الإسلامية/ الإفريقية/ غير المنحازة - حتى لا تتجمد سياسة الدولة بينما العالم في حالة حركة دائبة، وإلا كانت النتيجة هي السير في طريق مسدود أو التعثر وفقدان القدرة على التأثير والمشاركة في رسم صورة العالم الجديد.
نعم قد تحدث تراجعات وقتية تفرضها الظروف الداخلية والإقليمية والخارجية، إلا أن ذلك لن يؤثر على واقعية التمسك المصري بمبادئه وقيمه وأهدافه القومية لأن التجديد في السياسات والأساليب لا يعني التخلي عن المبادئ والقيم الاساسية، ويأتي في طليعة هذه المبادئ التمسك باستقلال الارادة الوطنية ورفض كافة أشكال التبعية والسيطرة والولاء لمبادئ عدم الانحياز، ورفض الاحلاف الأجنبية، وعدم السماح بإقامة القواعد العسكرية الأجنبية على التراب المصري، وتعزيز صرح السلام الوطني، ومكافحة الاستعمار والاستغلال، والإيمان بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة، وحماية حقوق الإنسان، وتأكيد حق الدول في الاستخدامات السلمية للطاقة النووية.
لقد كانت هذه المبادئ هي نفس مبادئ ثورة يوليو التي سار على نهجها وعمقها الرئيس مبارك، ولذا فإنني أقول وسأظل أردد كلما احتفلنا بالذكرى السنوية لثورة يوليو المجيدة إن ثورة يوليو ستظل رغم كل المتغيرات الدولية واحداث التاريخ حدثاً مهما، وكبيرا في تاريخ مصر يتمتع باحترام العالم اجمع ولايزال يذكره مدى الدهر.
إقرأ أيضا لـ "محمد أشرف حربي"العدد 2875 - الثلثاء 20 يوليو 2010م الموافق 07 شعبان 1431هـ
قول كلام غير ده
يا عمنا وحد الله كده وصلي على النبي.... انت مصدق الكلام ده. ربنا يرحمنا برحمته
الكبير كبير
مصر أم الدنيا . و الكبير كبير و النص نص نص و الصغير ما نعرفوش .مصر حامية العرب بعد الله سبحانة و تعالى .فهي أو من تتصدى و تقف مع العرب . لكن مصر عومة مأكولة و مذمومة . العوم هو زي سمك الأنشوجة صغير أو و الناس بتأكله و تذم فية . عمار يا مصر يا ساحرة القلوب .
نعظيم سلام لكل مصري . فهم من علمنا و ببلاش و كانوا يختارون خيرة المدرسين للبحرين . و لا يزال طلاب الأزهر من البحرين يدرسون ببلاش .
عاشت مصر حرة أبية .