اليوم نودع العرس العالمي في جنوب إفريقيا الذي عايشه العالم بشتى ميوله ومشاربه حتى لمن لا يعرف عن الكرة سوى اسمها وشكلها اضطر لمتابعة المونديال الذي أكد أنه الحدث العالمي الأبرز الذي مازال محافظاً على شخصيته بل يزداد اهتماماً وتوهجاً كلما مر به قطار العمر منذ 1930 وبات يستلهم اهتمام الناس مهما كان مستواه الفني ومكان استضافته، فها نحن اختبرنا مكانة الحدث في آسيا 2002 وحالياً في جنوب إفريقيا وبدد الهواجس القديمة بأن المونديال خلق ليكون في الأجواء الأوروبية والأميركية.
المونديال نودعه اليوم بعجائبه ومصائبه، إذ إن العجائب كانت في الأجواء التي سيطرت على المونديال ومنها أننا شاهدنا «عز البرد» في جنوب إفريقيا في الوقت الذي تعيش فيه غالبية أنحاء العالم عز الصيف، بالإضافة إلى أعجوبة «الفوفوزيلا» التي فرض صوتها المزعج على جميع الجماهير والمشاهدين عبر الشاشات حتى أصبحت إحدى ظواهر المونديال ولم نستغرب انتشارها إلى خارج الحدود الإفريقية، فيما كانت أم العجائب حكاية «الأخطبوط بول» بتوقعاته لنتائج المباريات التي شغلت اهتمام الناس من دون أن نسمع بمثل هذه الخزعبلات والمعتقدات في المونديالات السابقة وذلك بعدما أصاب في أغلبها وأقواها بتوقعاته ضد موطنه ألمانيا وخصوصاً بالخسارة أمام صربيا وإسبانيا وسيضرب الأخطبوط بقوة لو صدق في اختياره لفوز إسبانيا بالكأس على حساب هولندا على رغم مقولة «كذب المنجمون ولو صدقوا!».
أما «مصائب المونديال» فإنها كانت خاصة بالمنتخبات الكبيرة التي خرجت من الباب الصغير وتعرضت إلى نكسات وأصابت جماهيرها وعشاقها بالخيبة والحسرات مثل البرازيل وإيطاليا وفرنسا وإنجلترا والأرجنتين، في وقت انحسرت فيه نجومها السوبر أمثال كاكا وميسي وروني، بالإضافة إلى البرتغالي كريستيانو رونالدو في مونديال قد يكون كتب معه نقطة تحول في المسيرة الكروية بأنه ولّى زمن «فريق النجم» الذي كان يصنع البطولات مثلما فعل بيليه ومارادونا وزيدان، وجاء زمن «روح وجماعية الفريق» التي تذوب داخلها النجومية وتصنع القوة والانتصارات حتى لو تألقت بعض الأسماء.
كما لا ننسى مصائب الحكام التي ارتكبت بأخطاء فادحة أثارت معها جدلاً كبيراً حتى لو سلمنا جدلاً بمقولة «الحكم بشر يخطئ ويصيب»، لكن من ينصف الفريق المظلوم وذلك في معادلة صعبة التحقيق بين خطأ البشر والعدل!
أما آخر العجايب والمصايب فهو ما سنشاهده الليلة في النهائي عندما تلتقي إسبانيا وهولندا والذي نأمل أن يكون «أعجوبة فنية» وخصوصاً أنه يجمع بين مدرستين كرويتين تفوح منهما رائحة المتعة ويدركان أنها فرصة تاريخية قد لا تتكرر لهما في المستقبل القريب، دون أن يحمل معه «مصيبة» اللعب الحذر أو مصيبة تحكيمية جديدة
إقرأ أيضا لـ "عبدالرسول حسين"العدد 2865 - السبت 10 يوليو 2010م الموافق 27 رجب 1431هـ