العدد 2858 - السبت 03 يوليو 2010م الموافق 20 رجب 1431هـ

كأس العالم والسياحة في جنوب إفريقيا

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

يتابع ما يربو على مليار مشاهد من عشاق كرة القدم مباريات كأس العالم 2010، التي تقام في جوهانسبيرغ بجنوب إفريقيا، والتي تقترب من نهاياتها في منتصف هذا الشهر. على هامش هذه المباريات تنتعش صناعة مهمة من صناعات هذا البلد الإفريقي، هي السياحة، حيث شد الرحال إلى جوهانسبيرغ ما يزيد على ثلاثمئة وخمسين ألفاً من هواة كرة القدم، حيث يعتقد بعض المحللين الاقتصاديين «أن كأس العالم ربما تجلب إلى جنوب إفريقيا فوائد اقتصادية ملموسة وإن كانت صغيرة».

وقد تنبهت حكومة جنوب إفريقيا لهذه المسألة فورد على لسان المديرة التنفيذية لسياحة كيب تاون ما يثبت رؤية العلاقة بين هذه الفعالية وصناعة السياحة في بلدها فوجدناها تقول «من الواضح أن المدينة تطورت، وشهدنا تغيرات كثيرة في الأشهر الماضية، وأعتقد أنه من أهم المنافع لاستضافة كأس العالم هو الاستثمار في البنية التحتية، هذا يجعل كيب تاون أفضل مدينة للعيش، لذا قمنا باستثمارات كبيرة في العلاقات العامة والترويج. وهذا لتأسيس سمعة جيدة في المرحلة المستقبلية» وتحاول الدولة أن تستفيد من هذه المناسبة لتطوير خدماتها السياحية المستقبلية.

وعالج وزير السياحة في جنوب إفريقيا مارتينوس فان شالكفيك المخاوف التي عبر عنها الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) بشأن الإقامة والمواصلات والأمن قبل انطلاق نهائيات كأس العالم، حيث أكد أن «بلاده لديها من وسائل الإعاشة ما يكفي لمواجهة التدفق الجماهيري لحضور مباريات كأس العالم لكرة القدم 2010، وأن وجود405 آلاف سرير يجعلنا نشعر بالثقة أننا قادرون على التعامل مع أي موقف في كأس العالم». وذكرت الحكومة في جنوب إفريقيا أنها أنفقت أربعة مليارات ونصف المليار دولار، على البنية الأساسية الخاصة بتلبية الاحتياجات التي يتطلبها نجاح هذه البطولة.

وكانت المسألة الأمنية هي أكثر القضايا التي أثيرت عندما تقدمت جاوهانسبيرغ لاحتضان هذه البطولة، ولذلك بادرت الدولة إلى تعيين «41 ألف شرطي لتأمين فعاليات البطولة، كما ستخضع معظم الفنادق ونزل الضيافة إلى حراسة من أفراد أمن خاص طوال فترة البطولة».

ويبدو أن الدولة قد حرصت أن يرافق استعدادها وعي جماهيري يرفد مساعيها في تهيئة البلاد كي تكون مستعدة لاستقبال الحدث وبنجاح، فوفقاً لاستطلاع أجراه معهد «أفريكان إكسبرس»، وشمل 1200 مواطن جنوب إفريقي، أكدوا أنهم «يتوقعون أن تنظم بلادهم بطولة كأس عالم ناجحة»، كما أكد «ما يزيد على ثلثيهم أن الاستعدادات الخاصة بالبطولة ستستكمل في الموعد المحدد، ورأى أقل من نصف المشاركين في الاستطلاع (49 %) أن الشرطة في بلادهم قادرة على القيام بمهامها خلال البطولة».

هذا الاهتمام السياحي الجنوب إفريقي لم يأت من الفراغ، إذ تمثل السياحة في هذه الدولة التي تعد من الدول النامية متوسطة الدخل، مصدراً مهماً من مصادر الدخل، كما أنه لم يقف عند حدود وضع الخطط، بل انتقل إلى تنفيذها. فإلى جانب بناء خمسة استادات جديدة، وتحديث 5 استادات قديمة أخرى، هناك السياسة التشجيعية التي لجأت إليها مجموعة من الفنادق التي، عوضاً عن اغتنام الفرصة ومضاعفة أسعار غرفها كما يحصل في بعض البلدان الخليجية التي تستقبل عواصمها بعض الفعاليات الدولية، وجدنا مجموعة فنادق «بروتيا»، لا تتردد في تقديم عروض مغرية لحجز غرفها تبدأ بأسعار وصلت إلى 65 دولاراً لليلة.

ولم تهمل الدولة حتى القضايا التفصيلية من أجل إنجاح الفعالية، فوجدناها تتدخل في تنظيم وسائل المواصلات، فمن المعروف أن «سيارات الأجرة الميني باص مسئولة عن قسم كبير من حوادث الطرق التي تودي بحياة أكثر من 11 ألف شخص في جنوب إفريقيا كل عام. كما يفقد عدد آخر حياته كل عام في المشاجرات التي تنشب بين سائقي تلك السيارات، فعملت على تطوير شبكة النقل بسيارات الأجرة بشكل جذري، من خلال إدخال مئات الحافلات الجديدة الكبيرة إلى الخدمة مع إلزامها بمسارات محددة».

ويبدو أن مشوار الاهتمام بالسياحة قد سبق هذه البطولة، فهناك المجموعات السياحية القادمة من الصين، حيث أبدى 30 مليون صيني شملهم المسح الذي قامت به هيئة سياحة جنوب إفريقيا «اهتماماً كبيراً بجنوب إفريقيا، وإنهم يضعونها في مقدمة قائمة الأماكن التي يقصدونها». وقد ارتفع عدد السائحين الصينيين إلى جنوب إفريقيا من أكثر من 10 آلاف في 2003 إلى أكثر من 40 ألفاً في 2005.

رغم أن الفريق الجنوب إفريقي لم يكن في قائمة المرشحين للبطولة، لكن الدولة نجحت في إثبات قدرتها على تنظيمها، وأكثر من ذلك أثبتت صحة رؤيتها في الاستفادة من هذه المناسبة لتعزيز أوضاعها الاقتصادية، وتطوير بعض قطاعات الاقتصاد ذات العلاقة بها.

ولربما استطعنا الاستفادة من السلوك الجنوب إفريقي هذا، وفي فعالية محددة تقام سنوياً في البحرين، هي «الفورمولا 1»، إذ في وسع البحرين، وعوضاً عن وضع خطة تنموية استراتيجية تستطيع أن تمارس دورها الحقيقي في تعزيز الصناعة السياحية. وإذا كانت مقومات هذه الصناعة محدودة، فليس هناك من خلاف أو مانع من الالتفات إلى صناعة أخرى ذات علاقة بتلك البطولة العالمية، مع ضرورة التنبيه هنا أن المطلوب ليس النقل العمياني لما قامت به جوهانسبيرغ، وإنما المقاربة المبدعة التي تحقق الفائدة القصوى، انطلاقاً من الظروف المحلية والفرص المناسبة التي تولدها الـفورمولا 1

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2858 - السبت 03 يوليو 2010م الموافق 20 رجب 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 5:04 م

      السيد حسين

      أعتقد أن العقل الرسمي البحريني لا يمل القابلية لمثل هدا العمل، ولو على المدى القصير، لأن الربح السريع والسمعة الإستباقية تسيطر علية ، ولهدا تخرج تقارير سنوية بخسارة تشغيلية بالملايين للحلبة

    • زائر 1 | 2:58 ص

      نعم

      كأس عالم فاشلة
      ما عدا السياحة شيء ثاني

اقرأ ايضاً