لا أخفي سراً أن الماكينات الألمانية أجبرتني على تغيير مقدمة هذه المقالة التي كتبتها قبل موقعة ألمانيا والأرجنتين في ربع نهائي المونديال أمس، إذ إن «الماكينات» تميزت هذه المرة بديناميكيتها الفنية ونتائجها الساحقة وحافظت على شخصيتها التي لم تهتز في تاريخ بطولات كأس العالم.
إن تسجيل انتصارات كبيرة في مواجهات المنتخبات الكبيرة ظللناه أمراً انتهى في ظل زمن الكرة الواقعية لكن الماكينات أثبتت عكس ذلك فضربت إنجلترا برباعية وأعقبتها برباعية في الأرجنتين لم تكن متوقعة ولا في الحسبان لكنه كان درساً في التنظيم والانضباطية التي تبدأ من صفارة البداية حتى النهاية، فشعرنا أن الفريق الألماني لا يفقد انضباطه ويتراخى عند تقدمه بفارق هدف ويلجأ إلى التشتيت وهو ما يميّز الألمان داخل الملعب وتجعلهم يطمعون في تسجيل الأهداف.
أعتقد أن الماكينات الألمانية حققت اللقب العالمي بما حققته حتى الآن وأنها كسبت فريقاً شاباً سيكون قادرا في المحافظة على الشخصية الألمانية ومنحها «زيتا» من الطراز الرفيع زاد من قوة الماكينات على رغم أن ألمانيا اعتادت على بلوغ المباريات النهائية وتحقيق اللقب العالمي، وحتى لو لم تفز بالكأس فإن ما حققه الفريق في المونديال حمل معه دروسا كثيرة ونموذجا يستفاد منه!
وطالما نتحدث عن درس الماكينات سنظل نقول أن في المونديال دروس وعبر نتطلع إلى أن يأتي يوماً نستفيد منها بدلاً من الاكتفاء بالنظر لمجرد النظر والكلام عنها من دون فائدة وخصوصاً بالنسبة إلى المسئولين، ومن هذه الدروس هي الهزائم والإخفاقات التي خرجت بها الكثير من المنتخبات وكيفية التعامل معها من قبل الدول المختلفة.
ومن المهم أن يعرف كل منتخب قدراته وطموحاته التي يمكن على ضوئها قياس نتائجه التي خرج بها لذا نلاحظ التفاوت في ردود الفعل، فمثلاً قامت الدنيا ولم تقعد في فرنسا حتى اليوم بعد الإخفاق الذريع والمشكلات المحيطة بمنتخب الديوك فيما نلاحظ أن الأمر يبدو هادئاً في الأوساط الإيطالية على رغم فقدان اللقب.
كما نلاحظ أن منتخبات ليست كبيرة ومنها التي تأهلت من قارتنا الآسيوية مثل الكوريتين الجنوبية والشمالية واليابان عادت من المونديال بارتياح، وحتى المنتخب الكوري الشمالي حظي باستقبال رسمي على رغم خسارته بسباعية نظيفة أمام البرتغال، فيما كان هناك ارتياح لدى اليابانيين والكوريين الجنوبيين على رغم أنهما من المنتخبات الآسيوية التي اعتادت على الحضور المونديالي ومجرد وصولهما إلى الدور الثاني والظهور المشرف بات أمراً مرضياً لهما، كما أن المنتخب الجزائري حظي بعدم الانتقادات الكبيرة بل ان الجزائريين اعتبروا التأهل إلى المونديال بعد غيبة طويلة أمراً جيداً.
أمامنا نماذج مختلفة يمكن النظر إليها والاستفادة منها وعدم الاكتفاء بردود الفعل والغضب واللجوء إلى امتصاص احتقان الشارع بقرارات متسرعة
إقرأ أيضا لـ "عبدالرسول حسين"العدد 2858 - السبت 03 يوليو 2010م الموافق 20 رجب 1431هـ