يتركز اهتمام العالم هذه الأيام على شبه الجزيرة الكورية يأتي ذلك بعد الذي حصل من اتهام جمهورية كوريا الجنوبية إلى جارتها جمهورية كوريا الشمالية بالقيام بإغراق البارجة الكورية الجنوبية المسماة (الطراد تشيونان) وهو ما تسبب في فقدان أكثر من (46 جندي وضابط) كوري جنوبي كانوا على متنها في الحدود البحرية الواقعة بين الجانبين،لكن قبل الولوج في هذا الموضوع ومعالجة تداعياته وكيفية حله،أو من هو المستفيد من وراء التأجيج الحاصل حالياً في تلك المنطقة ،علينا أن نسأل من له مصلحة في تأجيج الصراع بين شعب الكوريتين أي جمهورية كوريا الشمالية ،وجمهورية كوريا الجنوبية،علماً بأن شبه الجزيرة الكورية تبلغ مساحتها الكلية نحو (318،538كيلومترا مربعا) ولها حدود برية، وبحرية مع جمهورية الصين الشعبية وجمهورية روسيا الاتحادية.
والإمبراطورية اليابانية، ويبلغ عدد سكانها مجتمعة نحو ( 71 مليون ) وهي مقسمة حالياً بين دولتين ذات سيادة قانونية وفقاً للقانون الدولي العام وهاتان الدولتان معترف بهما في الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي ولهما تمثيل دبلوماسي وغيرهما مما تمتع به كل الدول المستقلة، وهما جمهورية كوريا الجنوبية والتي تبلغ مساحتها لوحدها نحو (99 ألف كيلومتر مربع) وعدد سكانها حالياً نحو (46 مليون)، وعاصمتها هي مدينة (سيئول أو الروح) ولديها تمثيل وعلاقات دبلوماسية مع معظم دول العالم و تشتهر بالسياحة والصناعات الالكترونية المتقدمة والثقيلة ومنها شركة (سامسونج للصناعات الالكترونية وشركة LG) أما بالنسبة على الصناعات الثقيلة مثل السفن العملاقة، وتصنيع محطات الكهرباء بمختلف أنواعها والسيارات وهندسة البترول ففي هذه الجمهورية المتقدمة من الناحية الصناعية والتعليمية والسياسية تتواجد الكثير من تلك الشركات منها على سبيل المثال شركة (هونداي، شركة دايو وشركة كيا وغيرها من تلك الشركات العملاقة.
ودخل هذه الجمهورية أي (جمهورية كوريا الجنوبية) ذات النظام الديمقراطي يفوق ( التريليون دولار أميركي) علماً بأن عملتها هي (وان) ولغتها الرسمية هي اللغة الكورية، في الجانب الآخر من شبه الجزيرة الكورية توجد جمهورية كوريا الشمالية والتي تبلغ مساحتها نحو (120،538 كيلومترا مربعا) وعدد سكانها نحو (25 مليون) وعاصمتها هي (بيونج ينج) وهذه الجمهورية ذات النظام الشمولي ويقودها حزب العمال الكوري الموحد برئاسة (كيم إل سونج جونير) وهي دولة صناعاتها ذات طبيعة عسكرية بحته فهي تنتج الصواريخ مثل باندونج، وسكود ومختلف أنواع الصناعات العسكرية المتقدمة حتى أنها توصلت حاليا إلى الصناعات النووية المتقدمة وغيرها ودخلها القومي لا يتعدى (200 مليار دولار) سنوياً تأتي معظمها من الصادرات العسكرية التي تذهب كصادرات في معظمها إلى الدول الشمولية في إفريقيا وآسيا وبعض دول أميركا الاتينية عبر طرق غير معروفة كون هذه الجمهورية حالياً تعاني من حصار تفرضه عليها الولايات المتحدة الأميركية وبعض دول الاتحاد الأوربي.
كوريا الشمالية هذه تأسست بعد نهاية الحرب العالمية الثانية وبعد أن كانت إحدى المستعمرات اليابانية وبعد انتهاء تلك الحرب العالمية الثانية في العام 1945م قامت الجيوش الأميركية والمتحالفون معها بالسيطرة على الجزء الجنوبي وأسست دولة وهي (جمهورية كوريا الجنوبية) على النمط الغربي وتكون ذات طبيعة اقتصادية بحته ولذلك تلاحظ اليوم أن هناك صناعات مدنية كثيرة تصل إلينا من تلك الجمهورية مثل السيارات، والعربات المختلفة والإلكترونيات، في حين سيطر الجيش الأحمر السوفياتي على الجزء الشمالي من شبه الجزيرة الكورية وأقام فيها جمهورية اشتراكية تحت رئاسة (كيم إل سنج سونيور) وهو والد زعيم جمهورية كوريا الشمالية الحالي (كيم إل سونج جونير) هذا الزعيم الآن والذي خلف والده بعد وفاته في العام 1999م لدية ثلاثة أولاد وهم مسيطرون مع بقية قادة الجيش على تلك البلاد بقبضةٍ من حديد ولا يوجد شيء اسمه معارضة ولا يسمح لسكان تلك الدولة المغلقة إلا بمشاهدة التلفاز الحكومي وقراءة الصحف الحكومية، بخلاف جمهورية كوريا الجنوبية التي حالياً يرأسها (ليم يون بأك) وهو زعيم الحزب الذي فاز في الانتخابات الأخيرة، في العالم 1950م قام جيش جمهورية كوريا الشمالية بالهجوم المفاجئ على أراضي جمهورية كوريا الجنوبية واستولى عليها بالكامل حتى أن ذلك الجيش وصل العاصمة (سيئول) وقام بعدها قائد جمهورية كوريا الشمالية بتعليق العمل بالأنظمة التي كانت سائدة في جمهورية كوريا الجنوبية.
لكن الولايات المتحدة الأميركية وحلفاءها لم يرتضوا هذه النتيجة وقام قائد الجيوش الأميركية في تلك المنطقة وهو (مكار ثر) وهو الذي انتصرت جيوشه على جيوش الإمبراطورية اليابانية في الحرب العالمية الثانية (1940-1945م) قام هذا القائد بالتخطيط للهجوم على جيش كوريا الشمالية وحلفائه وقام بطرد تلك الجيوش من أراضي جمهورية كوريا الجنوبية بالكامل حتى وصل إلى خط العرض المسمي (38) عندها طالب هذا القائد رئيس الولايات المتحدة الأميركية بأن يسمح له باحتلال جميع أراضي كوريا الشمالية وأيضاً مهاجمة أراضي جمهورية الصين الشعبية التي كانت آنذاك تحت سيطرة الحزب الشيوعي برئاسة (ماوتسي تونج) الذي انتصر للتو على زعيم الديمقراطيين (كاي شيك) الذي فر إلى جزيرة فرموزه المسماة حالياً (جمهورية الصين الوطنية أو تايون) وهذه الجزيرة الصغيرة تبعد عن البر الصيني نحو (200 كيلومتر) وفيها يعيش نحو (32 مليون)، في هذه اللحظة اعتقد الزعيم الصيني والذي انتصر على خصومه من الوطنين المدعومين من الغرب في العام (1949م) أن الولايات المتحدة الأميركية وحلفاءها يرغبون في القضاء على الشيوعية وإعادة خصوم الشيوعيين إلى السلطة في تلك المنطقة هنا فكر وهو يرأس(جمهورية الصين الشعبية) التي بها نحو (1,320 مليون ) ومساحتها نحو (10،350 كيلومترا مربعا) فكر هذا الزعيم الشيوعي وقرر دعم حليفة رئيس كوريا الشمالية (كيم إل سونج سونير) فقام الزعيم الصيني بالزج وفي أول دفعة مساعدات بشرية بنحو (500 ألف جندي صيني) وهنا وصلت الجيوش الصينية زحفها باتجاه الجنوب وخلفها الدعم اللوجستي والعسكري ألاستخباراتي السوفياتي.
هنا قرر الرئيس الأميركي بعد أن اتضح له أن هناك تعاوناً بين الشيوعيين في الاتحاد السوفياتي والشيوعيين الجدد في الصين الشعبية على عدم السماح بهزيمة حليفهم الشيوعي في جمهورية كوريا الشعبية، لذلك قرر الرئيس الأميركي وضع حد لهذه الحرب والقبول بوقف إطلاق النار في شبه الجزيرة الكورية حيث امتدت تلك الحرب من (1950 لغاية 1953م) وخلفت نحو (3 ملايين قتيل) وأكثر منهم من الجرحى والمعوقين والمشردين ومليارات الدولارات من الخسائر المادية والعينية، قرر الرئيس الأميركي أن يستدعي الجنرال (مكار ثر) إلى البيت الأبيض في واشنطن وطالبة بالتقاعد، وقد عاد الرجل الذي اعتبر أحد أبرز القادة الأميركان في تلك الحقبة من الزمن حيث استقبل كما يستقبل القادة الفاتحون. نعود للوضع الكوري الحالي حيث التوتر هو سيد الموقف، ونسأل من له مصلحة في تأجيج هذا الصراع؟ وهل جمهورية كوريا الشمالية قادرة على خوض حرب ضد جارتها كما تهدد هي حالياً أم لا ؟ وهل ستقوم الولايات المتحدة والتي تحتفظ بنحو (30 ألف جندي أميركي) في الجمهورية الكورية الجنوبية، و30 ألف جندي مثلهم في جمهورية الصين الوطنية (تايوان) ومثلهم في جزيرة أوكيناوا اليابانية) واليابان بعمل مضاد أم ماذا؟، في هذه المنطقة توجد إمبراطورية اليابانية وهي ثاني أغنى الدول في العالم حيث يأتي ترتيبها من الناحية الاقتصادية بعد الولايات المتحدة الأميركية بدخل قومي يفوق (7 تريليونات دولار) وصناعات متقدمة في كل مجال الحياة المدنية والعسكرية والطبية وغيرها، لكنها ممنوعة حالياً من الولوج للصناعات العسكرية غير الدفاعية بحكم الدستور الذي صاغته وطبقته عليها الولايات المتحدة الأميركية لها بعد هزيمتها في الحرب العالمية الثانية العام 1945م
إقرأ أيضا لـ "أحمد سلمان النصوح "العدد 2858 - السبت 03 يوليو 2010م الموافق 20 رجب 1431هـ
النصوح
شكرأ يااستاذ أحمد على الموضوع ونتمنى المزيد أخوك سعيد طريف
زائر رقم ن
مو أنا