العدد 2857 - الجمعة 02 يوليو 2010م الموافق 19 رجب 1431هـ

وجه «مجلس الدوي» الوطني الديمقراطي

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

كما عود جمهوره، يحرص «مجلس عائلة الدوي» في المحرق على أن تكون فعالياته متميزة وذات نكهة خاصة قادرة على إثارة النقاشات الإيجابية. وفق هذا التوجه يستضيف المجلس هذه الليلة (السبت الموافق 3 يوليو/ تموز 2010) قادة التيار الوطني الديمقراطي، يمثلون جمعياتهم الثلاث التي تتجذر تاريخياً في ثلاثة تنظيمات رسمت نضالاتها لوحة التاريخ المعاصر لنضالات شعب البحرين البحرين. من يتطلع إلى وجه «المجلس» المضيء هذه الليلة سيجد أنه ينطق بفم د. حسن العالي ممثلاً «التجمع القومي» المنحدر من سلالة حزب البعث العربي الاشتراكي عندما كان البعث فصيلاً طلائعياً يضم النخبة المختارة من صفوف المثقفين العرب، وقبل أن تلوث تاريخه جرثومة الزمر العسكرية الدخيلة على فكره، والمتسلقة على جسده، مسجلاً وصول البحرين، رغم صغرها السكاني والجغرافي، إلى مراتب متقدمة في قمة هرم القيادة القومية للحزب، ويستنشق المجلس الهواء، هذه الليلة أيضاً، من خلال أنف د. حسن مدن القادم من رحم الحركة الشيوعية الأرثوذوكسية التي كان لها أسبقية زرع الفكر الماركسي - العلماني في البحرين، والتي نجحت من خلال «جبهة التحرير الوطني»، الحاضنة التي تربى «مدن» سياسياً وفكرياً على أيدي قياداتها، في أن تجعل البحرين تستأثر، رغم عدم تبلور طبقتها العاملة في بداياتها، بمقعد متميز، يؤخذ برأيه، ويحسب حسابه، في صفوف الحركة الشيوعية العربية، ويطالع المجلس جمهوره بعيون الأخ إبراهيم شريف المتفتحة على اليسار الجديد، المنفصل عن مشيمة حركة القوميين العرب، والرافض للصنمية الفكرية، والباحث باجتهاداته الذاتية عن سفن منهجية متميزة يبحر بها نحو شواطئ نظرية جديدة في بحر تلاطمت أمواج أفكاره، فشكلت تحدياً حقيقياً في وجه ربابنتها، فتميزت سفينته محلياً، ونجحت هي الأخرى، أن تتبوأ موقعاً متقدماً في أسطول اليسار العربي الجديد، ويمارس تنظيم الجبهة الشعبية في البحرين دوراً مميزاً قيادياً في صفوفه، ويتشح وجه المجلس، في اليلة ذاتها، برداء مدير اللقاء الأخ شوقي العلوي، حاملاً لنا ذكريات ضرائب باهظة دفع ثمنها هو ومناضلون آخرون من التنظيمات الثلاثة، عندما كانوا يتصدرون، إلى فترة قريبة، مسيرة العمل العملي ويتصدون لبرامج السلطة التنفيذية التي لم تجد حينها لغة لمخاطبتهم أفضل من قانون أمن الدولة، وزنازن التعذيب التي انتشرت في سجون «القلعة» و «جو»، وجزيرة الموت «جدة»، وهو اليوم أحد متصدري دعوة التنسيق بين هذه الجمعيات، وتقليص التباينات في الرأي القائمة بينها. إذاً فلقاء الليلة هو مطارحة سياسية تحاول أن تؤصل لتاريخ هذا التيار، وأن تسمع صوته الذي لا تكف أجهزة السلطة التنفيذية عن العمل من أجل تكميم أفواهه، وتسعى قوى أخرى إلى الشوشرة على كلماته، كي تشوه رسالته.

هناك أكثر من مدخل لولوج لقاء الليلة، الذي من المنطقي أن تحمل اللافتة، التي تزين قاعة المجلس حاضنة هذا اللقاء، بين ثناياها تساؤلات متعطشة يحملها الجمهور وتحتاج إلى إجابات شافية، وبالمقابل هناك، أيضاً، الكثير مما تحمله جعب المتحدثين الثلاثة الهادفين إلى تسليط الأضواء على العديد من القضايا المطروحة اليوم على جدول أعمال القوى السياسية. تتصدر تلك التساؤلات وما في تلك الجعب، على حد سواء، مسألتان أساسيتان، إسهامات هذا التيار في نضالات شعب البحرين في مراحله التاريخية المعاصرة أولاً، وموقف قوى التيار من القضايا المطروحة اليوم على الساحة، وتحديداً ذات العلاقة بالانتخابات المقبلة ثانياً، بما يشمل أيضاً العلاقات بين تلك الجمعيات، دون الخوض في القضايا التفصيلية غير الجوهرية في أي من المسألتين.

لكي لا يحبط أي من الطرفين، فيشوه لقاء الليلة، وجه «مجلس الدوي» الوطني الديمقراطي المتوهج، لابد لكليهما: الجمهور والمتحدثين، أن يدركا أن على لقاء الليلة أن يتجاوز أسلوب «المحاكمة» أو «المماحكة»، كي لا نفسد على من سيذهب متعة الاستماع، ومن ثم نضيع من بين يديه فرصة الاستمتاع، بما وصلت إليه مساعي الجمعيات الثلاث من أجل بلورة تيار ديمقراطي وطني بحريني أصيل، ملقين الضوء من خلال استعراض مسيرة تلك المساعي على الصعوبات الموضوعية التي يفرضها عليهم، وبقسوة، واقع خريطة التحالفات السياسية السائدة اليوم في العمل الوطني البحريني. ومن هنا فمن المنطقي أن يسمع من سيحضر لقاء الليلة - دون إغفال أهمية الانعقاد في حد ذاته، على المستويين الزماني بمعنى توقيته والبحرين على أبواب انتخابات تشريعية لدورة برلمانية جديدة، والمكاني حيث يعقد في «مجلس الدوي في مدينة المحرق» التي حملت اسم «بورسعيد البحرين» لما قامت به من انتفاضات ضد الوجود العسكري البريطاني في البحرين، إبان العدوان الثلاثي على مصر في العام 1956 - مداخلات محددة تكشف الغطاء عن الدور الذي سيمارسه التيار في المرحلة المقبلة.

تأسيساً على ذلك، وكي تعم الفائدة الجميع، ربما يكون من الأفضل رؤية اللقاء، على أنه إحدى الخطوات الرئيسية الجادة على طريق معقدة وطويلة ومحفوفة بالمخاطر تتجه نحو بناء منصة ديناميكية تفاعلية تساهم في لم شتات التيار الوطني الديمقراطي بكل فئاته أفراداً ومؤسسات. وأن الإنجاز الكبير، إن جاز لنا القول، هو موافقة قادة الجمعيات الثلاث على الجلوس بشكل مشترك أمام جمهور متعدد الألوان، من أجل الإفصاح عن مشروعاتهم وتلقي هموم المواطن بشأنها. من هنا فمن الخطأ التوهم أن لقاء الليلة سيكون العصا السحرية التي تزيل كل العقبات وتضع التيار الديمقراطي على طريق سهلة مبلطة بالأسفلت الناعم، وبالمقابل من الخطأ أيضاً التقليل من أهميته، لأنه يشكل مناسبة لتدشين مشروع وطني ديمقراطي. إذ لا ينبغي أن نستبعد، ومن ثم أن نسقط من حساباتنا، أن يطلق لقاء «مجلس الدوي» صفارة الإعلان عن بدء ماراثون بناء التيار الوطني الديمقراطي.

ولربما كان لقاء الليلة مناسبة جيدة كي يلقي القادة الثلاثة، الضوء على تاريخ هذه التيار، الذي حاول الكثيرون محوه من «ذاكرة الوطن»، وعندما فشلت «مؤامراتهم»، نزعوا إلى تشويهه، أو التقليل من أهميته، فبتنا نقرأ اليوم، من يسعى بشكل واع، إلى تقزيم نضالات هيئة الاتحاد الوطني، وتهميش مساهمات انتفاضة مارس/ آذار 1965 المباركة... إلخ والتي تشكل جميعها حلقات متكاملة في سلسلة نضالية واحدة أوصلتنا، مع محطات أخرى غيرها يصعب رصدها جميعاً، مثل العريضة الشعبية ونضالات منتصف التسعينيات من القرن الماضي، إلى المشروع الإصلاحي الذي نناضل اليوم من أجل توسيع هوامش الحريات فيه، والتصدي للقوى التي تحاول وأده أو تقليم أظافره.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2857 - الجمعة 02 يوليو 2010م الموافق 19 رجب 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 1:36 ص

      أين يمكن الحصول على البريد الالكتروني للأستاذ عبيدلي

      لدي بحث كبير على أحد المؤسسات التي حصل بها تغيير جذري وأطلب ايميل الأستاذ عبيدلي لكي أوضح له كيف تم التلاعب بالمشروع الاصلاحي من قبل أصحاب الذمم الواسعة

    • زائر 2 | 1:16 ص

      شكرا للأستاذ عبيدلي ... ونشكر لكم جهودكم وحيويتكم

      الحيوية التي يتمتع بها الكاتب القدير الأستاذ عبيدلي لقد حاول البعض تضليل المشروع الاصلاحي وذلك من خلال الطفيليات والفطريات التي تنمو وكان لأنصاف المتعلمين والجهلاء معاول حاولوا من خلالها وإن الفترة التي تمخضت عن 8 سنوات من تجربة المشروع الاصلاحي تتوجب محاسبة القائمين على المشروع الاصلاحي ليمحص الله الخبيث من الطيب \\\\ مع تحيات Nada Ahmed

    • زائر 1 | 9:39 م

      صح النوم الان تناديتم اين كنتم واين كانت خبراتكم ؟؟ ما كان الاجدى بكم ان تكون مساهماتكم بمستوى اعلى ولكنكم تباينت الاراء واختلفت مساراتكم وتفسيراتكم حتى غرق منكم من غرق في شباك الحوفز والهبات وصمد من صمد لكنه اثر الانزواء والابتعاد تاركا الساحة للمتواجدين فيها اليوم وتفسيراتهم وتبريرات مواقفهم التي لم تكن مقبولة يوما ما ....

اقرأ ايضاً