العدد 2849 - الخميس 24 يونيو 2010م الموافق 11 رجب 1431هـ

«التيار» بانتظار كلمة «المؤتمر»... «ولكن»

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

المقصود بالتيار هنا هو»التيار الوطني الديمقراطي»، أما المؤتمر، فهو المؤتمر السنوي لجمعية العمل الوطني الديمقراطي «وعد»، ونترك «ولكن» حتى نهاية المقال كي تفصح عن نفسها. فاليوم تعقد «وعد» أول جلسات عمل مؤتمرها السنوي كي تناقش فيه رؤيتها للأوضاع السياسية، والأمور التقليدية الأخرى التي غالباً ما تتصدى لها مثل هذه المؤتمرات التي تعقد بشكل دوري.

من الخطأ، بطبيعة الحال، تجزئة الأمور، أو تقطيع أوصال أرحام المهام، لكن هناك بالمقابل أولويات عند ترتيب تلك المهام، يتقدم بعضها البعض الآخر.

ففي بعض مراحل النضال تتصدر القضايا التنظيمية قائمة الأولويات، في حين تتراجع هذه المهام لصالح أخرى سياسية أو حتى نظرية في مراحل أخرى. وفي نطاق أي منهما، هناك أيضاً تقسيم في الأولويات.

من المنطقي أن يقف المؤتمرون أمام مجمل تلك القضايا، لكن هناك قضية مصيرية محلية تنظيمية - سياسية أساسية، يتطلع المواطن صوب مقر جمعية المهندسين، حيث تعقد «وعد» مؤتمرها، يملؤه الأمل في أن يخرج هذا المؤتمر بقرار صريح وواضح بشأن موقف «وعد» العملي على أرض الواقع السياسي البحريني منها.

هذه المسألة، هي موقف «وعد» من انطلاقة التيار الوطني الديمقراطي. هذا القرار يرغب أن يراه المواطن مذيلا ببرنامج عمل وطني ملموس، بعيداً عن العموميات السياسية والتنظيمية، التي دأبنا على سماعها أو قراءتها في تصاريح المسئولين في الجمعيات الثلاث: «وعد»، و»المنبر التقدمي»، و»التجمع القومي»، ويتم بناؤه وفق جدول زمني محدد، ينفذ بشكل متواز مع المهام الأخرى التي تتصدى لها «وعد».

من حق «وعد»، أن ترد مستفسرة: لماذا أحمل وحدي دون الجمعيتين الأخريين وزر تعثر محادثات تأسيس التيار الوطني الديمقراطي؟، مضيفة بأنه إلى جانب الجمعيتين الأخريين، هناك جمعيات أخرى، غير تلك الجمعيتين، ومعهما أيضاً كوكبة كبيرة أخرى من غير المنتمين لأي من الجمعيات السياسية، الذي يحق لهم، بل ومن واجبهم الاضطلاع بمثل هذه المهمة.

يأتي الجواب على هذا الاستفسار، وكما سمعه المواطن من أفواه مسئولين في تلك الجمعيات، وآخرين من غير المنظمين، يصعب الحديث في «تجمع وطني ديمقراطي»، تكون «وعد» خارج معادلته، دع عنك بعيدة عن أطره التنظيمية. إذا بقدر ما يعطي المواطن «وعد» هذا الحيز الواسع والمميز في المساحة السياسية التي بحوزة التيار، بقدر ما يجعلها أمام مسئولية تاريخية تجاه ضرورة أن توليه الاهتمام الذي يستحقه على الصعيدين الزمني والسياسي.

«وعد» إذاً مطالبة، اليوم أكثر من أي وقت مضى، وقبل أي تنظيم آخر، أن ترى مجرى الأمور من وجهة نظر المواطن العادي الباحث عن مظلة وطنية ديمقراطية واسعة تتجاوز الأطر التنظيمية الضيقة لأي من، أو جميع، الجمعيات الثلاث، وبوسعها إتاحة المجال أمامه كي يمارس دوره السياسي البعيد عن ممالاة الدولة أو منافقة التيارات السياسية الأخرى.

لا يختلف اثنان أنه على هذا التيار كي يكون ناجحاً ومؤثراً في مجرى العمل السياسي البحريني، أن يعبر حقلاً من الألغام السياسية التي زرعتها في وجهه السلطة التنفيذية، وترفض القوى السياسية الأخرى، من خارج الإطار الوطني الديمقراطي، أن تعينه على تجاوزها دون أن ينفجر فيه واحد منها.

ولربما تجد «وعد» نفسها أمام خيارين أحلاهما مر:

الأول هو أنه في حال موافقتها على تصدر جهود القوى الداعية لإطلاق عقال هذا التيار الديمقراطي، يمكن أن تمنى بخسارة، كلية أو جزئية، من حصة تحالفاتها مع قوى سياسية أخرى ليست منتمية لهذا التيار.

الثاني في حال عدم إيلاء هذا التيار الاهتمام الذي يتوقعه منها المواطن أن تخسر، جراء هذا التلكؤ، ثقة هذا المواطن، ومن ثم تفقد نسبة لا يستهان بها من حصتها السياسية والتنظيمية في صفوف قواعدها التنظيمية، ناهيك عن أوساط جماهيرها.

هذا يضع «وعد» أمام معادلة معقدة، ربما آن الأوان أن توليها «وعد» الاهتمام والجهد اللذين تستحقهما كي تخرج منها ملبية طموحات هذا المواطن، دون التفريط في تحالفاتها القائمة.

ولكي تحقق «وعد» ذلك، ربما عليها أن تنظر لنفسها في المرآة، وبتمعن، وبشفافية موضوعية متناهية، كي تكتشف، وربما لأول مرة، أن لديها من الثقل السياسي والعلاقات الجماهيرية، ما يبيح لها أن تقول كلمتها في صفوف تحالفاتها القائمة، دون أن تفقد ممارسة دورها الريادي في جهود بناء هذا التيار.

ربما حان الوقت كي تكشف «وعد» عن وجهها الديمقراطي الواضح، بعد أن تزيل عنه أية مساحيق أخرى، وتفصح عن هويتها الحقيقية التي يريد المواطن أن يراها بها، لأنه من خلال هذه الممارسة يمكن لـ «وعد» أن تضع بصماتها الديمقراطية واضحة جلية على صفحات ميثاق تأسيس التيار الوطني الديمقراطي.

كل ذلك يقودنا إلى «ولكن»، والمقصود بها، «ولكن»، إذا رفضت «وعد» لأي سبب من الأسباب، التي ترى فيها هي مبرراً يحول دون ممارستها لهذا الدور، فالسؤال المنطقي الذي يطرح نفسه هنا هو: لماذا لا تنبري إحدى الجمعيتين الأخريين، أو كلتيهما معاً، وتتصديان لهذه المهمة الاستراتيحية في مهام العمل الوطني الديمقراطي.

إن الاستمرار في كيل الانتقادات إلى «وعد» قد يريح ضمائر قيادات الجمعيتين «المنبر التقدمي» و»التجمع القومي»، لكنه لا يعفيهما من المسئولية التاريخية، فهما أيضاً، وعلى قدم المساواة، مسئولتان عنها.

ومرة أخرى نكرر هنا، أن المواطن قد عيل صبره ولم يعد قادراً على قبول هذا التلكؤ من لدن الجمعيات الثلاث، بغض النظر عن حجم أي منها التنظيمي، أو سعة دائرة العلاقات التي تملكها مع القوى السياسية الأخرى. لذا ربما آن الأوان أن تأخذ الجمعيتان زمام المبادرة وتتقدمان الصفوف، وتتحملان مسئولية تأسيس التيار الوطني الديمقراطي.

وإلى أن يتم ذلك، لا يملك المواطن إلا أن يتمنى، ومن أعماق قلبه، التوفيق لـمؤتمر «وعد»، آملا أن يستجيب «المؤتمر» لندائه، كي يرى «التيار» النور، كي تسقط، وإلى الأبد «ولكن».

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2849 - الخميس 24 يونيو 2010م الموافق 11 رجب 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 7:27 ص

      " لكن " لا تسقط

      لا يمكن أن تسقط " ولكن " ، فلو سقطت لخسر الكثيرون ميزاتهم وهذه مشكلتنا في كل التيارات وليس في التيار الوطني فقط.

اقرأ ايضاً