المونديال... موعد يتجدد كل أربعة أعوام وينتظره كثيرون بفارغ الصبر، ويسبب صداعا في رؤوس قليلين ممن لا صلة لهم بالموضوع لا من قريب ولا من بعيد، هؤلاء القلة... يعيشون شهرا كاملا في عزلة بانتظار انتهاء المشهد الأخير من أهم محفل رياضي على وجه الأرض.
المونديال... جاهل من لا ينطق هذه الكلمة ولو لمرات قليلة في حياته، إنها أكثر من مجرد بطولة تنافسية في أكثر الرياضات شعبية، إنها فرصة للفرح والمتعة، وفرصة للخروج من روتين الحياة اليومية والعيش في عالم آخر بعيدا عن هموم الوضع الصعب والمرير وقفزة فوق الواقع وخصوصاً للفقراء الذين يتساوون في متابعاتهم وتفكيرهم مع الأغنياء ولو لمدة 30 يوماً في عرس كروي يشكل عاملا مشتركا بين جميع الشعوب والأعراق والأجناس.
والمونديال الذي يقام للمرة الأولى في القارة الإفريقية، وتحديداً في جنوب إفريقيا التي عانت من ويلات العزلة الرياضية لسنوات عديدة بسبب العنصرية، قبل أن يعود المناضل نيلسون مانديلا ويعيد الحياة للبلاد على الأصعدة كافة، إذ بدت البلاد واثقة من قدرتها على استضافة الحدث بأبهى صورة على رغم المخاوف من مشاكل أهمها قلة الجمهور والأمن في أكثر بلدان العالم معاناة من الجريمة، على رغم أن صورة المونديال في اليوم الافتتاحي بددت الكثير من الهواجس بانتظار الأيام الـ 28 المتبقية من عمر المونديال.
ومن خلال متابعتنا لمجريات اليوم الأول فإننا شاهدنا حفل افتتاح «مقتضب» بعيد عن البذخ والاحتفالات الأسطورية المتوقعة وخصوصاً أن الحدث يقام للمرة الأولى في القارة السمراء، لكن الأمور جاءت عادية واكتفت بأنغام الأغاني والموسيقى... وهنا نقول إن «بلاد مانديلا» لم تستطع الخروج من عباءة البلاد والقارة التي تئن تحت وطأة الفقر والمجاعة والجوع وأنها ستلام وتنتقد لو أعدت حفلاً أسطورياً لأنه سيكون قفزاً فوق واقع القارة!
وبالانتقال إلى داخل المباريات فإن المؤشرات تتجه بقوة إلى أن منتخبات المجموعة الأولى جنوب إفريقيا والمكسيك وفرنسا والأوروغواي لن تذهب بعيداً وفق ما شاهدناه من مستويات المنتخبات الأربعة وقدراتها الفنية وخصوصاً المنتخب الفرنسي الذي أثار حوله الكثير من الأسئلة والانتقادات العنيفة سواء للاعبيه أو المدرب دومنيك الذي بات يوصف بـ «المكروه»، فما شاهدناه من أداء وروح منتخب «الديوك» يثبت أنه كان مجرد شبح حضر باسمه فقط وأن «الديوك» ظلت تجري طيلة 90 دقيقة بـ «لا صياح فني».
بصراحة وأنا أشاهد المنتخب الفرنسي تساءلت هل فعلاً هؤلاء أفضل اللاعبين في دولة كبيرة مثل فرنسا؟... إذ شاهدنا عددا من اللاعبين فتح لهم باب الحظ في ارتداء قميص الديوك وهم بمستويات متواضعة - عدا القلة وأبرزهم ريبري - جعلتنا نثير أسئلة بشأن غياب أسماء حاضرة بقوة في الدوريات الأوروبية عن تشكيلة الديوك مثل كريم بن زيمة وسمير نصري وحاتم بن عرفة!
أعتقد أن فرنسا ستدخل في دوامة مظلمة مجدداً كما حدث بعد رحيل جيل الأسطورة بلاتيني في مونديال 86 ومن ثم جيل الأسطورة زيدان من مونديال 98 حتى 2006، على أمل أن تولد أسطورة جديدة ستظل معها «الديوك لا تصيح» حتى إشعار آخر
إقرأ أيضا لـ "عبدالرسول حسين"العدد 2837 - السبت 12 يونيو 2010م الموافق 29 جمادى الآخرة 1431هـ