تنتظر غزة المحاصرة بمسحة من التململ، وصول الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى في زيارة خاصة أجمعت كل المصادر بما فيها مكتب موسى نفسه أنها تأتي من أجل هدفين أساسيين: الأول هو، «زيادة الضغوط العربية لإنهاء الحصار الإسرائيلي على القطاع». والثاني «لإعطاء قوة دفع لمحادثات المصالحة التي رعتها مصر بين حماس وفتح، لكنها فشلت في التغلب على انعدام الثقة الكبير بين الحركتين المتنافستين». تأتي هذه الزيارة «بعد هجوم شنته قوات إسرائيلية خاصة على سفن مساعدات كانت في طريقها إلى غزة؛ ما أدى إلى مقتل وإصابة عشرات الناشطين».
تثير هذه الزيارة مجموعة من التساؤلات التي من بين أهمها: مدى جدوى هذه الزيارة على المستوى السياسي في هذا الوقت بالذات؟ و ما هو الثقل الذي تحمله والجدوى التي تحاول أن تحظى بها كي تكون مؤهلة لتحقيق الأهداف التي أفصحت عنها؟
على مستوى التوقيت، لابد للجامعة العربية من أن تعترف بأنها تأتي متأخرة على ما يزيد على العام. فقد كان ملف غزة على طاولة قمة الرياض التي انعقدت في منتصف يناير/ كانون الثاني 2009، حيث شدد وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل حينها، وفي أعقاب انتهاء أعمالها «على أهمية إعادة اللحمة إلى الصف الفلسطيني، (محذراً من أن) استمرار الخلاف والشقاق بين الفرقاء الفلسطينيين، يضعف من الموقفين الفلسطيني والعربي، (مؤكداً) أن من أولويات العمل العربي المشترك، هو إعادة اللحمة للفلسطينيين». وكان الفيصل قد طالب في الاجتماع الطارئ لمجلس وزراء الخارجية العرب بتبني «خطوات جادة وفاعلة تضع حدّاً فوريّاً لهذا العدوان الإسرائيلي السافر على غزة وتوقف نزيف الدم الفلسطيني».
ثم جاء، بعد أقل من شهر على قمة الرياض، مؤتمر القمة العربية في الدوحة الذي طالب بيانه الختامي «بوقف العدوان وانسحاب القوات الإسرائيلية من غزة، ورفع الحصار وفتح المعابر والميناء البحري، وتشكيل صندوق لإعادة إعمار غزة، ودعوة الدول العربية لتعليق المبادرة العربية للسلام ووقف كافة أشكال التطبيع بما فيها إعادة النظر بالعلاقات الدبلوماسية والتجارية».
وتوجت غزة أهميتها في السياسة العربية في قمة الكويت الاقتصادية، حيث كانت، وبإجماع كل من حضر، البند السياسي الأهم في قمة اقتصادية. وقد أكدت ذلك تصريحات المسئولين العرب قبيل انعقاد تلك القمة، كما لخصها ما جاء في حديث نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية ووزير النفط بالوكالة الكويتي الشيخ محمد الصباح، لقناة «العربية»، الذي أكد فيه أن «غزة ستكون في قلب القمة التي ستعقد في الكويت وليس على هامشها أو على جوانبها وستكون في صلب وقلب تداول القادة».
كان ذلك على المستوى السياسي، أما على الصعيد الاقتصادي، فقد افتتحت القمة أعمالها بإعلان الكويت عن تبرعها بـ «34 مليون دولار لتمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، بالإضافة إلى 500 مليون دولار أخرى في إطار مبادرة كويتية تنموية برأس مال ملياري دولار لتوفير الموارد المالية اللازمة للمشاريع التنموية بإدارة الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي». وفوق تلك المساعدة كانت مبادرة العاهل السعودي، الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، الذي أعلن عن «تبرع بلاده بمبلغ مليار دولار لإعادة إعمار غزة».
ولخص أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح الموقف العربي من غزة في فقرة مكثفة قال فيها: «إن الوضع في غزة سيكون على رأس بنود جدول أعمال قمة الكويت لنتمكن جميعاً من تحقيق وقف فوري لنزيف الدم الفلسطيني والبحث عن الآليات المناسبة لتمكين الأشقاء الفلسطينيين من إعادة إعمار ما دمرته آلة الحرب الإسرائيلية في إطار إقليمي ودولي وأن نبادر معهم لخلق أجواء المصالحة الحقيقية بين الأشقاء الفلسطينيين من أجل الحفاظ على وحدة الصف الفلسطيني وبما يمكنهم من تحقيق مطالبهم المشروعة في السلام العادل والشامل».
وتأتي الزيارة بعد أيام، من احتفالات مرور خمسة أعوام على تولي العاهل السعودي الملك عبدالله الحكم، والذي أعاد خادم الحرمين فيها على الأسماع التزام الرياض بتعهداتها المالية والسياسية تجاه غزة.
وعلى مستوى الموقف الدولي من غزة، تكفي الإشارة إلى أن زيارة موسى تأتي بعد مضي عام تقريباً على زيارة الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر لها في منتصف يونيو/ حزيران 2009، والتي أكد خلالها في تصريح، اعتُبر حينها غاية في الجرأة، قال فيه: «إن الحرمان الذي يعاني منه الفلسطينيون في القطاع لا مثيل له»، مشيراً إلى أنه «غالباً ما يتجاهل المجتمع الدولي صرخات الاستنجاد الفلسطينية ما يشير إلى أن الفلسطينيين يعاملون كالحيوانات وليس كبشر».
هكذا إذاً وطالما أن زيارة موسى تسعى لتحقيق «كسر الحصار عن غزة» والوصول إلى مصالحة بين «الأشقاء الفلسطينيين»، فهي تأتي متأخرة ما يربو على عام ونصف العام، كانت الجامعة العربية، شاءت أم أبت، بعيدة عن ساحة الحرب الحقيقية التي تدور على أراضي غزة. لم تعد غزة بحاجة اليوم إلى رافعة سياسية عربية تساعدها على كسب الرأي العام العالمي لصالح قضيتها ضد الإجراءات «الإسرائيلية»، التي لم يعد في وسعها تغليف تلك السياسات لتحييد الرأي العام العالمي الذي بدأ ينقلب ضدها.
أذاً تتم زيارة الأمين العام للجامعة العربية في الوقت الضائع بعد أن نالت غزة، وبفضل «العربدة العسكرية» الصهيونية، تعاطف الجميع بما فيهم دول أوروبية كانت تحاول أن تبقى على الحياد تحت مبررات «التمسك بالموضوعية». لا ينبغي أن يخفي فشل التوقيت، بعض تصريحات المجاملة التي أطلقتها قيادات «حماس» أو السلطة، فهي لا تتجاوز شكليات تقتضيها مراسيم «الأخوة العربية».
ليس القصد من ذلك الانتقاص من أهمية الزيارة، بقدر ما هي محاولة لوضع الأمور في نصابها الصحيح، وزمنها المناسب. إن منطق تطورات الأحداث في غزة يقول بأن هذه الزيارة، جاءت، وفي أحسن الأحوال، متأخرة، ما لا يقل عن عام من الزمان
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 2836 - الجمعة 11 يونيو 2010م الموافق 28 جمادى الآخرة 1431هـ
عبد علي عباس البصري
ثالثا : زياره المبعوث العربي الى غزه لا تأتي من باب الشيمه العربيه ،والكرامه البدويه وأنما لتفادي الموقف بعتبار ان جمهريه تركيا الديموقراطيه استطاعه ان تكسر الحصار المفروض على غزه ، بمعنى ان معبر رفح سيفقد اهميته في الضغط على الاسلاميين الحماسيين
لقبول بالمنهج العربي في التعامل مع القضيه الفلسطينيه . التي كانت من قبل بعنوان( نشجب ونستنكر ووو) واليوم(القبول بلا قدس ولا ارجاع المبعدين ولا ايقاف الاستيطان ولا ولا ولا ) فهل ستقبل حماس باملائات الموفد العربي
عبد علي عباس البصري
التنظير السياسي يحتاج لانسان على الاقل فاهم التاريخ الاجتماعي للوطن العربي ،ثانيا : ان يكون مؤرخ سايسي متابع للكر والفر الذي يحدث في الدول العربيه . بعتبارها دول غير مستقله تماما لتواجد السلاح الاجنبي على اراضيها .
من حرب 67 والى يومنا هذا ؟ الموقف العربي لم يتغير ( نطالب نطالب ونشجب ونستنكر ...) والاموال العربيه تصب في البنوك الامريكيه والبريطانيه والاوربيه بشكل عام وهي تصب في البنوك الاسرائيليه بشكل غير مباشر. الزياره التي يقوم بها المبعوث العربي هي ترويض حماس لقبول سلطه محمود عباس.