العدد 2835 - الخميس 10 يونيو 2010م الموافق 27 جمادى الآخرة 1431هـ

الولايات المتحدة وإسرائيل: المهمة المستحيلة (1)

شفيق الغبرا- وينشر بالتعاون مع كومند جراوند 

10 يونيو 2010

بمناسبة عودة المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل والسلطة الوطنية برعاية أميركية، يصعب أن نشرح لشاب أو شابة عربيين يعيشان تحت الاحتلال الإسرائيلي أو حول العالم الإسلامي المكون من مئات الملايين من الناس أنه يوجد فارق كبير بين سياسة إسرائيل وسياسة الولايات المتحدة الأميركية. فحتى الساعة تذهب الأموال الأميركية بصورة أو بأخرى إلى المستوطنات في القدس والضفة الغربية. وبينما توجد قوانين أميركية ودولية صارمة لمنع وصول الأموال إلى القاعدة وإلى الطالبان، إلا أنه لا يوجد جهد دولي قانوني عالمي وأميركي لمنع وصول أموال الولايات المتحدة إلى المستوطنين في القدس وفي الضفة الغربية والجولان. أليس صحيحاً أن الكثير من الجمعيات الخيرية الأميركية أكانت مسيحية أم يهودية تقوم بأعمال تبرعات كبرى تنتهي بمستوطنات القدس والخليل ونابلس؟

لكن المشكلة أعمق من مجرد تمويل الاستيطان في المناطق العربية، فلتفسير حالة عدم الثقة والشك وأحياناً كثيرة الكراهية التي تستفحل في العالم العربي تجاه الولايات المتحدة علينا أن نتساءل: أليس السلاح والمتفجرات الذي يقتل به العرب منذ أواخر حتى اليوم هو الآخر سلاح أميركي؟ ثم ألا يساوي مجموع التصويت بحق النقض الفيتو الذي مارسته الولايات المتحدة منذ السبعينيات حتى اليوم وذلك لمنع إدانة الاعتداءات الإسرائيلية على العالم العربي والشعب الفلسطيني في مجلس الأمن مجموع ما استخدم من حق النقض الفيتو من قبل بقية الأعضاء الدائمين؟ أليس صحيحاً أن الرئيس الأميركي جونسون عندما علم العام بالبرنامج الإسرائيلي النووي من رئيس المخابرات المركزية الأميركية قال له «بأن لا يعلم أحداً أنه يعلم بالأمر» وذلك ليتفادى القيام بأي جهد لإيقاف البرنامج.

إن الالتزام الأميركي منذ عقود بإبقاء إسرائيل قوة احتلال واستيطان في الأراضي العربية وبنفس الوقت متفوقة على مجموع الدول العربية المحيطة بها ساهم في مقدرة القاعدة على كسب الأنصار، وقوى التشدد في إيران وبين أوساط حماس وعمق الإرهاب وأضعف الوسطيين العرب. إن هذا الوضع يتناقض مع سعي الولايات المتحدة للتغلب على الإرهاب، كما أنه يثير تساؤلات كبرى حول مدى مقدرة الدولة الكبرى الأولى في العالم على نهج خط سير مستقل عن إسرائيل في ظل تسوية قادمة.

إن تأسيس عالم إسلامي وعربي أقل عنفاً وأقل تصادماً مع السياسة الأميركية سيتطلب ابتعاداً أميركياً عن تسليح إسرائيل وعسكرتها، ويجب أن يقترن هذا الابتعاد بإيقاف تدفق مليارات الدولارات العلنية والسرية التي تنتهي في مستوطنات عنصرية إجلائية على شكل بؤر عسكرية تؤسس لحروب ومواجهات لا نهاية لها بين إسرائيل والعالم العربي والإسلامي. إن الإدانة اللفظية الأميركية للاستيطان ستؤدي في النهاية إلى جعل الدولة اليهودية خطراً على نفسها وعلى الولايات المتحدة. من هنا تنبع أهمية أن يكون الرئيس أوباما قادراً على تغيير المسار، وإلا ساهم من حيث لا يقوى بتعميق هذا الصراع وزيادة حدته في السنوات القادمة.

ومن الواضح الآن أن الحسم العسكري والضربات الاستباقية لا تصنع عالماً جديداً، فهذا ما أكدته تجربة المحافظين الجدد في الإدارة الأميركية منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول. فلقد عادت الطالبان للقتال بقوة في أفغانستان مستغلة الأخطاء الأميركية وفساد بعض الأطراف التي شكلت الحكومة الأفغانية الجديدة، والعراق انفجر قتالاً وحرباً بعد حل الجيش العراقي وأجهزة الأمن العراقية العام . وعندما يلتئم العراق ستكون قدرات الولايات المتحدة على التحكم بشئونه محدودة، وإيران هي الأخرى تحولت لقوة سياسية وعسكرية وذلك بفضل تدمير أهم منافسيها على حدودها (صدام والطالبان)، كما أن حرب بين إسرائيل وحزب الله ثم حرب غزة في أكدت أن القوة العسكرية الإسرائيلية لا تستطيع حسم جميع المعارك

العدد 2835 - الخميس 10 يونيو 2010م الموافق 27 جمادى الآخرة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً