العدد 2830 - السبت 05 يونيو 2010م الموافق 22 جمادى الآخرة 1431هـ

العفن الطائفي أسوأ من الطائفية العفنة

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

دون الدخول في أية تفاصيل، غمرت شعب البحرين موجة من الفرح، وشعر المواطن البحريني بالكثير من الفخر والاعتزاز، عندما عرف بوجود أربعة من أبنائه على متن سفينة «قافلة الحرية» التي وصلتها نيران الدولة العبرانية. كان الوجود البحريني، على محدوديته العددية، كبيراً في مدلولاته السياسية. فها هو شعب البحرين يؤكد مرة أخرى، رغم همومه الداخلية ومشكلاته المتراكمة، التزامه ببعده القومي، وقضيته المركزية فلسطين.

كانت البحرين، شعبياً، حريصة على أن تكون بصمتها موجودة تمهر أشكال التحدي للغطرسة الصهيونية. ربما لا يقع ذلك النشاط في أعلى درجة من سلم أولويات العمل السياسي في البحرين، لكنه، في نهاية المطاف، مؤشر إيجابي على حيوية هذا الشعب وإصراره على العطاء، حتى في تلك القضايا التي ليست من صلب مهماته المركزية اليومية.

لم يكتب لهذه الفرحة، وذاك الاعتزاز أن يدوما طويلاً، فقد فوجئ المواطن بخروج مسيرتين مؤيدتين لفلسطين إحداهما تنطلق من مسجد الفاتح، والأخرى من كرزكان. هذا ما طالعتنا به صحف يوم أمس (السبت) في تغطية المسيرتين، حيث نغصت على الجميع تلك الفرحة، وبخّرت ذلك الاعتزاز.

مرة أخرى، ودون الدخول في التفاصيل أو الاستماع إلى التبريرات، كانت رائحة «العفن الطائفي» تفوح من المسيرتين. ونقول «العفن الطائفي»، وليس «الطائفية العفنة»، لأن ما يجري في البحرين اليوم مصدره ذلك «العفن»، الذي بات يزود جميع من يغيضهم إنجازات هذا الشعب، بما يحتاجونه من أسلحة كي ينحروه بها.

في السابق، وعندما كانت وسائل المواصلات بدائية في البحرين، كانت تخرج مسيرتان أيضاً، الأولى من جزيرة المنامة، والأخرى من جزيرة المحرق، وتسيران بقلوب صافية كي تلتقيان على جسر المحرق تحدياً للسلطة وتأكيداً على الوحدة الوطنية. أما اليوم، ومع تقدم وسائل المواصلات، فحتى عندما تنطلق مسيرة واحدة سواء من المنامة أو من المحرق، تمزق يافطات الشعارات التي يرفعها ذلك «العفن الطائفي».

أخطر ما في الأمر أن هذا «العفن الطائفي» تحول بفضل الحاضنات التي احتوته، إلى ما يشبه «الفيروس المحصن» الذي باتت لديه المقدرة على التعايش مع كل ألوان الطيف السياسي، فبتنا نجده في صفوف التيار الوطني الديمقراطي، مغلفاً بشعارات «تقدمية» تماماً كما نقرأه في برامج الإسلام السياسي، بما فيها تلك التي نشأت على أسس طائفية محضة.

يمكننا أن نفهم، دون أن يحق لنا أن نبرر، تفشي «العفن الطائفي» في المؤسسات الطائفية، كما نستطيع أن نستوعب «تذاكي» بعض مؤسسات الدولة، وتغليفها سلوكها الطائفي بمسحات وطنية، لكننا يستحيل أن نقبل بتسرب هذا «العفن الطائفي» في جسم مؤسسات التيار الوطني الديموقراطي، أو، وهذا أكثر سوءاً، في منظمات المجتمع المدني.

بصريح العبارة، ودون الحاجة لأي شكل من أشكال اللف أو الدوران، لقد نجح هذا «العفن الطائفي»، في التغلغل في صفوف التيار الديمقراطي، الأمر الذي يضع على قائمة مهمات التيار الوطني الديمقراطي، الذي هو الآخر أحد ضحاياه، مهمة جديدة أخرى، من نمط مختلف، وهي عملية غسيل داخلي كامل تطهر بدن هذا التيار من هذا العفن.

قد يبدو في هذه الدعوة مسحة من الاستفزاز، لكن لو راجع كل من أفراد هذا التيار ذاته وصارح نفسه، وبالشفافية التي يدعو الآخرين إلى التمسك بها، فقد يفاجأ بالنتائج التي سيتوصل إليها، حيث سيكتشف نسبة الطائفية التي باتت تلوث سلوكه جراء إصابته بهذا «العفن الطائفي». والحديث هنا لا يقف عند فرد هنا أو حفنة هناك، بل يتناول الظاهرة في نطاقها الشمولي الكامل. وقد لا نبالغ كثيراً أن أحد الأسباب المستترة وراء صعوبة التقاء منظمات التيار الوطني الديمقراطي على أرضية مشتركة، هو هذا «العفن الطائفي».

ومن الحركة السياسية، ننتقل إلى المجتمع التجاري البحريني الذي بات هو الآخر ملوثاً بهذا «العفن الطائفي». ولا يحتاج المرء إلى الكثير من الخبرة السياسية، كي يكتشف أن هذا «العفن الطائفي»، كان أكثر من أي عامل آخر، هو المسيطر الأقوى على مجريات انتخابات غرفة تجارة وصناعة البحرين، هذه الانتخابات التي كانت تجرى منذ الثلاثينيات من القرن الماضي، دون أية نزعة طائفية، نجدها اليوم تجرى في غرف مغلقة ومن وراء كواليس هذا «العفن الطائفي».

أخطر إفرازات هذا «العفن الطائفي» أنه يمنح من يلوّثه ببعض المكاسب الآنية المحدودة على الصعيدين الجغرافي والزمني، التي ترضي بعض طموحاته الاجتماعية، وتدغدغ شيئاً من تطلعاته السياسية، بمعنى أنه قد يفسح في المجال لمن يصاب به، أن يحقق بعض النفوذ المكاني أو الانتشار الزمني، في حي أو محافظة، ولفترة زمنية قصيرة على التوالي. لكن ذلك «الإنجاز» لا يلبث أن يتبخر لأنه لا يملك مقومات الاستمرار، دع عنك النمو.

مساوئ كل ذلك هو أن هذه الرقعة الجغرافية المحدودة، والفترة الزمنية القصيرة، كافيتان لمدّ هذا «العفن الطائفي» بإكسير حياة آخر يمكِّنانه من العيش في أوساط قوى أخرى جديدة. هذا التسلسل المتتالي، يكفل حياة شبه مستمرة له، تكون محصلتها تدميراً كاملاً للبنية الثقافية للمجتمع البحريني، وشللاً كلياً لحركة مؤسساته السياسية، على حد سواء.

ولا ينبغي أن يغيب عن بالنا هنا أنه بعيداً عن ضحايا هذا «العفن الطائفي»، الذي يصابون به دون أن يعوا ذلك، هناك تلك القوى التي لها مصلحة مباشرة وبشكل مطلق في استمرار حركته وتأثيراتها. وتكون هذه القوى على أتم الاستعداد في حقن هذا «العفن الطائفي»، بما يحتاجه من مقومات الحياة في المراحل التي يتراجع فيها المد الطائفي، ويتقدم عليه خلالها المد الوطني أو التقدمي.

أغرب ما في الأمر أن الجميع يتحدث عن هذا «العفن الطائفي»، بتعريفات مختلفة، ويطالب بشن الحروب ضده، ويشدد على ضرورة التصدي له، لكنه بوعي أو بدون وعي، ومن خلال سلوكه اليومي، يساهم في بناء ورعاية البيئة «النموذجية» التي تمد ذلك «العفن الطائفي»، بهرمونات الحياة، وعضلات الحركة، فتأتي النتائج، بخلاف التمنيات.

ما نحتاجه جميعاً وقفة صادقة مع النفس تطهرنا من دنس هذا «العفن الطائفي»، فهل نمتلك الشجاعة الكافية والجرأة المطلوبة لتحقيق ذلك؟

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2830 - السبت 05 يونيو 2010م الموافق 22 جمادى الآخرة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 16 | 8:37 ص

      dear Mr. Obaidly please write more in this Article

      dear Mr. Obaidly ... such article is not being found in any Library reference , please writre more so that everybody should know what is ooing on really hapeening ... with compliments of Nadaly Ahmed

    • زائر 15 | 6:29 ص

      لسنا طائفة

      الشيعة في البحرين ليسو طائفة عندما نقول طائفة يعني اقلية ونحن لسنا اقلية بل اكثرية هل يستطيع احد ان يقول الطائفة الشيعية في ايران

    • زائر 14 | 6:24 ص

      طائفي ومتوحش يا بوجاسم

      والله أنه لشئ يخجل المرء أن يوصف نفسه بأنه متوحش ألا تدرى أين تعيش الوحوش ؟ لا مجال للمجادله هنا ولكن أعلم بأن هذا الفكر المنحرف هو الذى أدى الى أختطاف طائفه كريمه من قبل أوناس لا يرون أبعد من أنوفهم ولا يسمعون الا صدى أصواتهم ..... هداك الله

    • زائر 13 | 1:53 ص

      واللة انة لمعيب

      الى الاستاذ عبيدلي من صنع العفن الطائفي في البلاد هذا ما نريد ا، تجيبنا علية ومن يقف وراءة لكي تتضح الرؤى أكثر هذا جانب أما تعليقي فقلبي يعتصر من هذا النهج الهدام والذي ما دخل بلد الا مزقة وفتت شعبة والأشخاص الذين يمارسون العفن الطائفي هو اساسا عفن من حقدة وقلبة الأسود أما التحليل الآخر هناك مجنسين وحقودين هدفهم الطائفية لماذا هذا الحقد الأسود ولكن أيضا السبب يقع على أفراد هم طائفيون والعفن يظهر في وجوههم لماذا بسبب أنة من هذا المذهب واللة كلام معيب ومذل لا يوظف لا يحترم لا لا

    • زائر 12 | 1:53 ص

      ليس صحيحا

      شهد يوم الجمعة اربع مسيرات حسب علمي في الدراز و الديه و كرزكان و الفاتح و لم يكن هناك تنسيق بينها . قد تكون الجهات التي نظمت هذه المسيرات تنتمي لمذهب واحد و خطوط مختلفة ولكن المسيرات لم تكن طائفية هذه المرة .

    • زائر 11 | 1:39 ص

      أسباب العفن الطائفي الجزء (2)

      كل ذلك أسسه النظام ثم ذرفوا الدمع وشاركوا حلفائهم (النفعيين)في تشييع جنازة العفن الطائفي ووئد آخر ما تبقى من (عرب مال أول) والمسألة ليست وليدة اليوم فمنذ السبيعينيات سرح الكثير ممن يعمل في الجيش بحجج واهية واستبدلوا (بعرب مال أول)وبدأ التجييش منذ تلك اللحظة ثم انقلب السحر الآن واستبدل(عرب مال أول)بالعرب النفعيين وكل ذلك بمسمع ومرأى من (عرب مال أول) أتريد ما هو أسوأ ؟يا أستاد ... زملائي من(عرب مال أول) لايأكولن من عندي شيئ!!

    • زائر 10 | 1:20 ص

      أسبابه الحقيقية أين تكمن ؟

      الأستاد الفاضل العبيدلي .. (1 ) أرجو نشر الجزء الثاني
      تحية كبيرة لك ولمن تبقى من العرب ممن يحملون عبق العرب الأوائل ( الأصيلين ) وأأسف على أن ما ذكرته حقيقة يترجمها الواقع البغيض ويا للأسف ..
      ولكن ما نحتاج إليه ربما ليرجعنا صفا واحد ربما أكبر من مقال خجول لم يحدد حتى أسباب تكون ( العفن الطائفي ) والسبب ربما يعود لخوف الأخوة العرب (مال أول ) للإعتراف بما يجري على طائفة معينة في هذا البلد وكل ذلك بمرأى وتأييد ربما من أخوتنا ( عرب مال أول ) يتبع الجزء الثاني ...

    • زائر 8 | 11:27 م

      بو جاسم

      نسيت أن أقول لك وللقراء ولمن سيحرر تعليقاتي صباح الخير

    • زائر 7 | 11:27 م

      بو جاسم (5)

      أما الفرحة فأين هي لم أرها في الشارع البحريني؟
      نعم وجدت في بعض الحالات البحرينية والعربية لأنهم أعجز أن يفعلوا أي شيء لأنفسم كيف الحال لغيرهم
      يعني رغم كون تركيا منافقة وهي تقيم كامل العلاقات مع الصهاينة بل تجري المناورات العسكرية معها كل سنة ويوجد بينها وبين هذا الكيان تبادل تجاري يقدر بـ 30 مليار دولار إلا أن العرب تطفلوا على مائة السيد التركي لكون لا يوجد لديهم لا زعامات ولا كيانات ولا ذمة ولا نخوة دم ولا إيمان هم هكذا(0000)على الشمال يعني تظاهروا أم لا فهذا لا يغير في الواقع أي شيء!

    • زائر 6 | 11:25 م

      بو جاسم (4)

      أقول مرة أخرى أنا غير مستعد أن أخرج لمناصرة أنساس يكفرونني ويستحلون دمي ويطعنون في شرفي
      ويقيمون العزاء على روح الشهيد"الزرقاوي"وشهيدهم وسيدهم الثاني صديم بن صبوحة ويتهموني بوطنيتي.
      نعم أنا طائفي متوحش ومتحيز لمذهبي حين أرى هؤلاء يعدون السيارات لتفجيرها ضد مذهبي وينسفون مشاهد أبناء رسول الله ويصادرون كامل حقوقي في العيش وهذه الحالة حتى تجدها في الحيوان أن عاملته هكذا فكيف بالإ نسان فلا أحد يحتمل فعل هؤلاء الأوباش

    • زائر 5 | 11:24 م

      بو جاسم (3)

      أن حالة الطفرة لغزة هي حالة نفاقية بحتة إلا اللمم,ودليل ذلك هل خرج هؤلاء المجنسون ضد التواجد العسكري على بلادنا أعني الأمريكي هل رأيت منهم واحد في مسيرة ضد الغلاء أو ضد التعذيب أو ضد التجنيس أو ضد تغير هوية البلد؟
      لا لن تشاهد ذلك لأنهم هم السبب في ذلك.
      وفي المقابل نرى المسيرات والإعتصامات مع غزة الناصبية التي تكفرنا ومع أهل العراق وضد أميركا وإسرائيل نرى التجمعات والخطابات ضد تغيير هوية البلد نسمع كل يوم العلماء والخطباء يتكلمون في الشأن السياسي ولا يهابون أحد إلا الله في ذلك ماذا يدل هذا

    • زائر 4 | 11:22 م

      بو جاسم (2)

      أما عن المسيرتين فكانت ثلاث الدراز ثالثها,هل سألت نفسك لماذا لا يتظاهر هؤلاء الطائفيين الذين يسبوننا على منابر الجمعة من أجل قضايانا الوطنية والله لم أرى منهم إلا الحقد والتهم بأننا صفويين روافض ولائنا للخارج مثل الببغاء فهذه أسطوانتهم المشروخة المفضلة في كل مناسبة ومن غير مناسبة!

    • زائر 3 | 11:21 م

      بو جاسم (1)

      أنا كوني شيعي بحراني لا أتشرف أن أخرج لمسيرة لأبناء بلد يكفرونني ويلعنون كامل مذهبي بكل رموزه
      ويوصفونني بأبشع ما في قاموسهم العفن!
      ربما أتعاطف معهم وربما حتى أدعوا لهم وهذه حالة إنسانية ليست حكراً على طائفة أو دين.

    • زائر 1 | 10:49 م

      للاسف .

      العفن الطائفي يستورد من الخارج ويصدر الى عقول البعض في الوطن .

اقرأ ايضاً