العدد 283 - الأحد 15 يونيو 2003م الموافق 14 ربيع الثاني 1424هـ

بالعبري: مصير الصهيونية سيكون شبيها بما جرى في جنوب إفريقيا

أمنة القرى comments [at] alwasatnews.com

.

في وقت لاحظت القيادة الفلسطينية ان التصعيد الإسرائيلي غير المسبوق زاد منذ تشكيل الحكومة الفلسطينية برئاسة رئيس الوزراء محمود عباس (أبومازن) رجحت الصحف العبرية ألا يتخذ رئيس الوزراء الإسرائيلي ارييل شارون قرارا بالرد على العملية الفلسطينية الأخيرة في غزة، خشية أن يتهمه الأميركيون بتعريض «خريطة الطريق» للفشل. وتوقفت «معاريف»، عند تصاعد التحريض الإسرائيلي على عرفات واتهامه بإعطاء «حماس» الضوء الأخضر لشن هجمات بهدف إجهاض المساعي الأميركية. وأشارت الصحيفة العبرية، إلى ان هذا الادعاء يلقى آذانا صاغية لدى صنّاع القرار في واشنطن، مرجحة أن يمهد ذلك إلى إبعاد عرفات من المنطقة. ولاحظ زئيف شيف في «هآرتس»، ان انخفاض نسبة العنف، في فترة انعقاد قمتي شرم الشيخ، والعقبة، هي دليل واضح على ان الفلسطينيين قادرون على السيطرة على وتيرة الاعتداءات وعلى ارتفاع نسبة «الإرهاب». لكنه اعتبر ان المشكلة الأساسية لكل ما يجري، هي ان عرفات، يحاول الحؤول دون تنفيذ أبومازن، لتعهداته. وأضاف ان المشكلة الأمنية الكبرى لا تكمن في المنظمات الإسلامية المتطرفة مثل «حماس» و«الجهاد الإسلامي» إنما في فصائل شهداء الأقصى، المتصلة بحركة «فتح».

وأصر شيف، على انه من غير الوارد أن ينفذ الفلسطينيون التزاماتهم بـ «خريطة الطريق»، إذا بقيت «فتح» متورطة «بالإرهاب»، ولذلك فعلى وزير الأمن محمد دحلان، وأبومازن، أن يبدأ بحث حركة فتح على وقف النار، قبل غيرها من المنظمات. وختم بالقول انه قد يكون من الجيد لإسرائيل، أن تحصل على خطة فلسطينية تقيس مدى النجاح الفلسطيني في الحرب ضد «الإرهاب».

ولا يخرج عن هذا السياق ما كتبه الكاتب اليهودي وليام سافير في «نيويورك تايمز»، إذ ذكر بما قاله رئيس الوزراء الفلسطيني أبومازن، انه لن يسمح لأي كان أن يجر الفلسطينيين إلى حرب أهلية، لفت إلى ما وصفه بالاعتداء المشترك الذي نفذته «حماس» و«الجهاد الإسلامي»، وفصائل شهداء الأقصى التابعة لعرفات، وأودت بحياة 4 جنود إسرائيليين. ورأى سافير، ان الرسالة التي يوجهها من هم وراء الاعتداء تختلف عن الرسالة التي وجهها أبومازن، في العقبة. وتساءل الكاتب الأميركي، هل من حرب أهلية فلسطينية أكبر من هذه الحرب؟ موضحا انه من جهة يعرب أبومازن، عن اعتقاده ان المزيد من الحرب مع «إسرائيل»، ستتسبب المزيد من الأسى للفلسطينيين. ومن جهة أخرى يقود أصوليو «حماس» والجهاد، وجبهة الأقصى، مهمة إخراج اليهود المكروهين من الشرق الأوسط. ولاحظ سافير، ان هذه المنظمات تبدو متحدة بما لم يسبق لها أن اتحدت من قبل بمثله وهي مصممة على الإطاحة بأبومازن، وأي «معتدل» قادر على المفاوضة بشأن السلام. وزعم سافير، ان الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، يسعى لكي يظهر أبومازن، كما لو انه أداة إسرائيلية أميركية. وقال الكاتب الأميركي، انه في الجانب الفلسطيني يوجد طرفان، طرف «الإرهاب» بقيادة عرفات، وهو يعلن حربا أهلية والطرف الثاني بقيادة أبو مازن، الذي لا يريد السماح لأحد بالتسبب بحرب أهلية فلسطينية. وختم بالقول ان الطرف الذي سيناضل هو من سيربح.

ورأى يوئيل ماركوس في «هآرتس»، ان ما أسماها الاعتداءات «الإرهابية» على حاجز إيريتز، وأصوات الاستهجان الإسرائيلية التي واجهها شارون بعد قمة العقبة، لم تكن أمرا غير متوقع حصوله. فالمتطرفون من الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني كانا ينسقان لإحراج رئيسي وزرائهما، معتبرين انهم قادرون على تقويض «خريطة الطريق»، وتقييد قياداتهما بهذه الطريقة. وإذ لاحظ ماركوس، ان المزاج الوطني لا يرتفع كثيرا في هذه المرحلة، شدد على انه ما زال من المبكر دفن «خريطة الطريق». وأعرب عن اعتقاده ان رئيس الوزراء الإسرائيلي ارييل شارون، قد توصل فعلا إلى خلاصة مفادها ان القدرة العسكرية لا تقضي على «الإرهاب» أبدا. وإلاّ فمن غير الممكن تفسير تعهده بوضع حد للاحتلال، أو إعلانه انه لا يمكن للإسرائيليين أن يحكموا ما يزيد عن 5,3 مليون فلسطيني. وإذ اعتبر ان ثمة مسائل كثيرة، تعتمد على صدقية شارون، عند الفلسطينيين والإسرائيليين والأميركيين، قال ان أهم مرحلة ستمر فيها صدقية شارون، هي اختبار بوش. موضحا ان الرئيس الأميركي، الذي حوله زعيم «القاعدة» أسامة بن لادن، إلى قائد يرغب يمحاربة «الإرهاب» الدولي، يعي جيدا انه بهدف كسب تعاون العالم الإسلامي لابد له من أن يحل مسألة النزاع الفلسطيني الإسرائيلي. واعتبر ماركوس، ان بوش، لن يسامح شارون، أبدا إذا لم يحافظ على التزاماته بتحضير الطريق لقيام دولة فلسطينية ذات حدود مؤقتة في نهاية هذه السنة التي ستكون سنة انتخابية في أميركا. وختم ماركوس، بالقول ان مصير الإسرائيليين سيتحدد وفقا لصدقية رئيس الوزراء. وإذ لفت عكيفا إلدار في «هآرتس»، إلى ما قاله مستشار إسرائيلي في الفريق المفاوض مع الفلسطينيين مايكل تارازي، الذي رأى انه لن يتم التوصل إلى اتفاق عبر قيام دولة فلسطينية وأخرى إسرائيلية وفقا لحدود 1967، واعتقاده انه من الأفضل انتظار 10 أو 20 سنة إلى أن يصبح الإسرائيليون والفلسطينيون كيانا واحدا ويصبح مصير الصهيونية شبيها بما جرى في جنوب إفريقيا، فيتم انتخاب فلسطيني ليرأس الكيان الجديد وفقا لحدود 1947، رأى ان كلام تارازي، يجب أن يفتح أعين عدد من الإسرائيليين الذين يعلقون آمالا كبيرة على كلام شارون، عن الاحتلال وعن قيام دولة فلسطينية وتفكيك المستوطنات. وبدا له ان الإسرائيليين يرفضون فقدان أية فرصة يقولون فيها ان الفلسطينيين يفقدون الفرص. وتوقع انه بعد شهر أو شهرين، أو سنة أو سنتين، عندما يرفض الفلسطينيون عرض شارون «السخي» بإعطاء الفلسطينيين نصف قطاع غزة، فإن رئيس الوزراء سيعلن انه تعرّف إلى وجه أبومازن الحقيقي. وأضاف انه عندما سيكون مصير «خريطة الطريق» شبيها بمصير الخطط الدولية الأخرى، وعندما تستمر الاعتداءات «الإرهابية» سيقول الإسرائيليون ان أبومازن، لم يكن إلا نسخة جديدة للرئيس الفلسطيني ياسر عرفات. من جانبه، موشيه آرينز (وزير الدفاع الإسرائيلي السابق) في «هآرتس»، لفت إلى ان قمة العقبة التي جمعت الرئيس الأميركي جورج بوش، ورئيس الوزراء الفلسطيني أبومازن، ورئيس الحكومة الإسرائيلي ارييل شارون، تذكرنا باجتماع عقد قبل 24 سنة بين جيمي كارتر، ومناحيم بيغن، وأنور السادات الذي أدّى إلى اتفاق سلام مصري إسرائيلي، ولكنه يذكرنا أيضا بلقاء بين بيل كلينتون، وإسحق رابين، وياسر عرفات، الذي كانت نتائجه كارثية. وإذ دعا آرينز، إلى ترك الماضي والتركيز على الحوادث الحاضرة، رأى انه من المرجح ان عددا كبيرا من الإسرائيليين مسرورون الآن، لأنه تم تهميش الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، الذي يرى آرينز، انه كان قريبا من «الإرهاب» ويزعم انه تسبب بقتل حوالي 800 إسرائيلي، وقد تم استبداله برئيس وزراء يتحدث عن ضرورة وضع حد «للإرهاب». لكنه لاحظ ان عددا من الإسرائيليين أيضا يرون ان شارون، قدّم تنازلات كثيرة بالتزامه بإزالة المستوطنات غير الشرعية وقد أطلق عليها اسم جديد هو «حواجز غير مرخص لها». وقال انه إذا تم التدقيق في «خريطة الطريق» التي وافقت عليها الحكومة الإسرائيلية قبل انعقاد قمة العقبة، نلاحظ غموضا يلف عددا من الأمور. مضيفا انه بعد التدقيق في هذه الخطة يتبين انها تؤيد انسحاب الإسرائيليين إلى حدود حزيران 1967، وتؤيد حق الفلسطينيين في العودة. واعتبر انه ثمة القليل من الشك في ان حكومة شارون، وغالبية المواطنين الإسرائيليين يوافقون على هذه الشروط. ورجح آرينز، أن تكون موافقة الحكومة على «خريطة الطريق» مبنية على افتراض ان الغموض في النص كان «بناء» بحيث انه يسمح للأطراف كافة بأن تسير على الطريق الذي تراه صحيحا. لكن آرينز، تساءل، انه في حال تم السير بمسيرة السلام، ألن يتم التدقيق في هذا الغموض، والمطالبة به؟ ورأى ان التحفظات الإسرائيلية على الخريطة لا تغيّر شيئا. وختم بالقول انه حتى وإن دفنت الخريطة في صحارى الشرق الأوسط فسيكون للتنازلات الإسرائيلية التي تتضمنها هذه الخطة الدولية تأثيرا سلبيا متراكما على وضع «إسرائيل» في السنوات المقبلة. فيما رأى عوفير شلح في «يديعوت أحرونوت»، ان الحرب ستتواصل حتى يعترف آخر شخص في آخر مخيم للاجئين وفي آخر نقطة استيطانية بأنه لم تعد هناك أية فائدة من الحديث عن الانتصار التاريخي أو الشهداء السائرين نحو القدس.. وقال ان الإسرائيليين يدركون منذ فترة طويلة، وربما منذ البداية، بأن الحرب مع الفلسطينيين ستصل إلى نهايتها، فقط، عندما ينهار الطرفان معا، وقد أصابهما الإعياء جراء ما فقداه من دماء وجراء استنزاف أحدهما لدماء الآخر. لافتا إلى انه لم يعتقد أحد ان شيئا قد انتهى فعلا، أو بدأ، في قمة العقبة. مشددا على ان الانتصار في متناول اليد، كما كان قبل عام، أو عامين، بل ثلاثة أعوام، تقريبا. كما كان قبل أول تظاهرة، وأول انتحاري، وقبل أول هجوم على موقع عسكري، وقبل أول الحصارات والإغلاقات، قبل فترة طويلة من الزمن. ورأى شلح، انه كلما أصبح هدف الحرب ضبابيا وغامضا بالنسبة إلى الجانبين، كلما ازدادت أهمية الانتصار لديهما، ولاسيما انه مع مرور كل يوم، ومن جنازة إلى أخرى، يتحول الانتصار إلى كونه المبرر الوحيد للدماء التي سفكت. ولحظ الكاتب العبري، ان استطلاعات الرأي في الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي تظهر دعم الجمهور لحل يعتمد على الاتفاق، لكنهم يواصلون، في الوقت ذاته، دعم استمرار العنف، لأن العدو سيفهم هكذا فقط. لكنه لاحظ أيضا ان لا أحد يصغي فعلا، من أبناء الشعبين المنكوبين في هذه البلاد. وقال شلح، ان المسلحين الذين نظموا الهجمات قرب حاجز إيريتز وفي الخليل، لم يفكروا في الثمن الذي سيدفعه أبناء شعبهم، سواء أولئك الذين سيقتلون أو أولئك الذين سيفقدون مصادر رزقهم. وأضاف ان صوت الحكم الأميركي، سُمع كصوت شمعون بيريز في الأيام الغابرة، يدعو إلى مواصلة التفاوض على رغم أعمال القتل. معتبرا انه غدا أو بعد غد، سيفقد هو، أيضا، الإصرار الذي أظهره خلال الشهرين الأخيرين، وسيترك الإسرائيليين مرة أخرى، يواجهون نفوسهم المتصارعة

العدد 283 - الأحد 15 يونيو 2003م الموافق 14 ربيع الثاني 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً