العدد 2818 - الإثنين 24 مايو 2010م الموافق 10 جمادى الآخرة 1431هـ

خطايا «الإعلام الخارجي»!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

تضمّن عدد أمس (الإثنين)، ثلاثة أخبار متشابهة عن البيوت الآيلة للسقوط، اثنان منها بدآ بالسقوط، والثالث بيت طيني، إن لم يكن من القرون الوسطى فعلاً، فهو من القرن التاسع عشر على الأقل!

البيت الأول لعائلةٍٍ من محافظة المحرق، خرجت دون إصابات والحمد لله، بعدما تهاوت أجزاء من سقف إحدى غرفه، وطالبت بإعطاء الأولوية لمثل هذه الحالات الطارئة. أما البيت الثاني الذي تهاوت أجزاء منه يوم الأحد أيضاً، فيقع في إسكان عالي بالمحافظة الوسطى، دون تسجيل إصابات والحمد لله.

المنزل الثالث مدرجٌ على قائمة المنازل الآيلة للسقوط، ويخص عائلة من السنابس بالمحافظة الشمالية، شكت من التأخير في إعادة بنائه، وناشدت وزير البلديات لزيارة المنزل للاطلاع بنفسه على المخاطر التي يواجهونها، فالبيت ينطق بلسان الحال: تكفيك حالة منظري عن مخبري!

هذه ثلاثة أخبار نُشرت في صحيفةٍ واحدة، في يومٍ واحد. ومثل هذه الأخبار باتت تنشر بصفة يومية تقريباً، فضلاً عمّا يُنشر من شكاوى ومناشداتٍ في صفحات بريد القراء بمختلف الصحف. وهي تعبيرٌ عن واقعٍ اقتصادي قائمٍ لا يمكن تجاهله، وعن فوارق طبقيةٍ حادةٍ آخذةٍ بالاتساع.

قبل أربعة أعوام زار البحرين طاقمٌ من قناةٍ تلفزيونيةٍ أميركيةٍ مشهورة، وبثّ ريبورتاجات صحافية أثارت الكثير من الاستياء رسمياً، وتلقى الفريق الكثير من الشتائم (الصحافية)! تبدأ الحلقة بلقطاتٍ من مدخل قرية «كرّانة»، ولم تكن بحاجةٍ إلى موسيقى تصويرية أو لمسات مخرج محترف ليعكس واقع الفقر. هذه القرية أدخُلُها منذ سنوات الصبا، وأقول بثقةٍ إن وضعها لم يتغيّر كثيراً ولا قليلاً عمّا كانت عليه قبل ثلاثين عاماً، رغم كل الطفرات النفطية، إلاّ ما كان من مبانٍ جديدةٍ على الشارع العام، تستر الأسمال البالية في الداخل.

قبل أشهر، تمت استضافة فريقٍ من القناة التلفزيونية نفسها، لعمل ريبورتاجات مختارة بعناية، وأخذت تبث تقارير منتظمة عن البحرين، لترسم صورةً أخرى زاهية غير التي يعيشها غالبية الناس. فهناك تصوّرٌ مغلوطٌ لما يجري من حراكٍ سياسي على أنه مماحكاتٌ من قوى المعارضة، تستعين فيها بالإعلام الخارجي، وعليه لابد من الرد عليهم بأسلوبهم ما دامت المعركة إعلامية!

هذه السياسة تتطلب استضافة مجموعاتٍ من الصحافيين الأجانب من عواصم القرار الكبرى، يمثلون قنوات تلفزيونية وصحفاً ومجلات. ينزلون في فنادق الخمس نجوم، ويتلقون وجهات نظر فيما يشبه المحاضرات، ومطلوبٌ منهم أن يعودوا ليكتبوا مقالات «مضادة» لتلك المقالات والريبورتاجات.

بالمقابل، العمل الصحافي الحقيقي يبحث عن حركة الناس في معيشتها وتقلبها اليومي، والإعلام المعاصر لا يخضع لحملات العلاقات العامة التي تسير وفق مفاهيم السبعينيات. فالطاقم الأميركي لم تثر اهتمامه مناظر الخلجان والجزر الصناعية و «الدرر» العقارية والمباني سيئة التقليد، وإنّما أثار حسه الصحافي مناظر أطفالٍ حفاةٍ في قريةٍ زراعيةٍ صغيرة، ببلد نفطي.

ستستمر الإشكالية «الإعلامية» إلى ما لا نهاية بسبب الفهم المغلوط لدور الإعلام، والتفكير بعقلية «البزنس»، فليست كل الأقلام، سواءً في الداخل أو الخارج، معروضةً للبيع. فهل نصحّح سياساتنا وطريقة فهمنا لأمور العالم المعاصر، أم نقف ضد التيار بالعمل على سدّ الأبواب الإعلامية التي يأتي منها الريح... وما أكثرها وأغلى كلفتها في هذا الزمان!

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2818 - الإثنين 24 مايو 2010م الموافق 10 جمادى الآخرة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 10 | 8:03 ص

      العدل

      العمل الصحفى عمل سلطوى اما انتكون مع الدولة وتطيعها كى تحصل على الامتيازات او بعكس دلك وضميرك .ادا فعلى القانون والموسسات الوطنية تحركت فى خدمة الامة وتساوى الحاكم والمحكوم فى المسولية والواجبات ستحقق المعادلة الصحيحة وهى كلنا خدام الوطن.الصحافة مراة المجتمع فيجب ان تكون فى المكان المناسب والصحيح كى تخدم الامة.الحكومات هى من توضف وتخدم المجتمع والصحافة هى المراة لدلك الانجاز.
      ابوالسادة

    • زائر 9 | 3:07 ص

      الموضوعية

      سيد العمل الصحافي الحقيقي يجب أن يكون موضوعياً مثلما ينقل السلبيات عليه أن يشيد الإيجابيات فكل طرف يريد إبراز مايناسبه. هناك فقر نعم هناك منازل آيلة للسقوط نعم هناك أيضاً محسوبية وفساد في بناء المنازل الآيلة ولاننسى مدير البلدية الهارب فالمشكلة ليست في الحكومة فقط بل في الأعضاء المنتخبين والموظفين أيضاً كما أن المظهر ياسيد لايعني عدم وجود الكاش وخير مثال المبالغ التي أستثمرت في الشركات الوهمية فالموضوع متشعب ويحتاج لتحليل أعمق.

    • كشاجم | 2:05 ص

      العمل على تلميع الصورة على قدم وساق

      تعمل الجهات المختصة على تلميع صورة الحكومة داخليا وخارجيا وعلى كل الأصعدة ويستغلون اي فرصة. فهناك الكثير من المعاهد التي تلمع الصورة في شكل مقالات مبطنة وإعلانات مزورة وغير ذلك. وهناك وؤسسات تعلن عن جوائز عالمية وكله من أجل تلميع الصورة.
      أما المبالغ فهي ليست كبيرة بالمقارنة مع ما تصرفه الدولة على وزارة صغيرة ليست بذات أهمية، بل اقل من تكاليف عرس أحدهم.
      تحياتي

    • زائر 7 | 2:04 ص

      محال أن تحجب الشمس بالغربال

      أولا: الشعوب الغربية ليس لديها إلا القليل عن الخليج العربي " وهذا القليل بسبب الحرب على الارهاب ليس أكثر" ناهيك عما يعرفونه عن شعوبها!.
      ثانيا: الغرض من الكتابات والاعلام الغربي هو جلب إنتباه الحقوقيين منهم فهم أصحاب التأثير السياسي
      ثالثا: مايعرف عن حكام دول الخليج من أنهم حكام قبائل ويحكمون بإسلوب قبلي أصبح دارجا.
      رابعا: فقر اهل البحرين لم يعد خافيا فلم نكتسب تسمية هنود الخليج من فراغ.

    • زائر 6 | 1:50 ص

      ادهن وجه العبد ولا تعشيه

      الاعلام يدعو للديكور و المظاهر الخلابة لجذب السياح حتى لو عري الشعب و جاع ...أبو مريم

    • زائر 5 | 1:49 ص

      شكراً سيد

      أما بعد فالحمد الله الذي ابتلانا بهم وابتلاهم بنا لكي نغربل غربلة ويغربلون غربلة ونرى من المنتصر في نهاية الامر الظالم أم المظلوم ولعمري هل سمع احدكم أن الله قال في كتابه ولننصرن الظالمين؟ أو والعاقبة للظالمين ؟ أو نورثها الظالمين؟ أو وأن الظالمبن لهم المنصورون.

    • زائر 4 | 12:50 ص

      معقوله؟

      يعني ما كفاهم اللي يشترونهم من الداخل فمنهم من فصخ بشته ومنهم من فصخ عمامته حتى ذهبوا لشراء الخارج. هالقد عندهم فلوس؟ معقولة؟

    • زائر 3 | 12:31 ص

      كلها على كافوخنا

      طبعا يا سيد هذه المجموعات من الصحافيين الأجانب الذين ينزلونهم في فنادق الخمس نجوم، ويضيفونهم أعلى مستوى من الضيافة، أكيد يبغى لهم ميزانية ضخمة، كلها على كافوخنا. بدل ما يصلحون الاوضاع يروحون يجيبون لهم ناس من بره يدسمونهم علشان يكتبون ما يريدون.

    • زائر 2 | 11:39 م

      تطور موجود و لكن ....

      سيد التطور موجود و لا أحد يستطيع أن يخفيه و لكن بسبب سيسات التمييز منع هذا التطور و ياريت و ياريت و ياريت أعرف ويش الحكمه من هذا التمييز الاعمى شنو الفايده الي يكتسبها الوطن أ ريد أعرف بس سبب واحد يكفيني

    • زائر 1 | 11:06 م

      سيدنا ماينعت السوق الا الربحان فيها

      فسوق الاعلام مربحة فعلا ولله ذرك يا ابا ذر ستهب عاصفة لا وقف ولا منعة لها الا ما سيكتبه الباري عزوجل كما هناك سيدنا انس هم جن حقيقة فغزلهم وزجلهم الان منكب على القبول بالامر الواقع والتعايش مع من تم تجنيسه وتوطينه باعتباره اصب مواطنا شريكا فى الوطن ولاندرى لوين سيوصلوننا هؤلاء المتفتلكين والنباحيين الاعلاميين المتعكزين باسطورة جلابيب المعارضة ولله ذرك يا اباذر

اقرأ ايضاً