أثار تحقيق فريق الأهلي درع دوري كرة القدم التساؤلات، وأسال الكثير من الحبر، ولاسيما أنه جاء بعد 14 سنة من الجفاف، إذ بعد أن أكدت الأيام أن الأهلي صاحب النفس القصير أمسى غير قادر على أن يحقق ما عجز عنه السابقون، وشلت المشاكل قدرات الفريق منذ سنوات مضت، برفض الكثير لمنصب رئيس الجهاز، وإقالة المدرب تلو الآخر، آخرهم من دون شك الصربي دوشان بسبب السداسية المحرقاوية، جاءت مشيئة الأيام، لتفعل ما تشاء، بفريق قلما يقال عنه أنه من دون نجوم ولا «سوبر ستار».
من ذا يصدق أن الأهلي يحقق البطولة وإن جاءت على شكل هدية من الرفاع، وهو الذي بدأ منذ خسارة المحرق بالدور الأول يدخل في مشكلة تلو الأخرى، فقام بإقالة المدرب وعمل على بيع أفضل لاعبيه، بل وعلى الفرق التي تنافسه مباشرة بغية البحث على الأموال نتيجة الضائقة المالية التي يعيشها النادي، ليستنجد بمدرب وفريق جله من صغار السن يلعبون في فئة الشباب، ليحقق المعجزة بتحقيق بطولة غابت عن النادي مدة طويلة، لكن كيف حقق هذا الإنجاز وسط كل هذه المشاكل التي تجعل بعض الفرق تغرق في ترتيب المسابقات وقد تتهاوى إلى الدرجات السفلى، وليس تحقيق البطولة.
يتبادر للذهن حين يسمع هذا السؤال أسئلة أخرى على شكل إجابات، هل يا ترى أن تحقيق فريق بهذا الوصف للدوري جاء بسبب ضعف المسابقة وهشاشة نظامها؟، أم أن الجيل الجديد الذي لعب به الفريق بقية مباريات القسم الثاني وغلب عليه طابع اللاعبين صغار السن وغابت عنهم حب الظهور والأموال كان السبب؟، أم أن للمستوى المهزوز الذي قدمه حامل اللقب المحرق وهو الذي خرج من بطولات الموسم الجاري صفر اليدين، بعد أن خطف جميع البطولات الموسم الماضي، جعل اللقب يغير اتجاهه من عراد إلى الماحوز.
باعتقادي، فإن الأسئلة أو الإجابات السابقة جميعها تمثل الأسباب وربما هناك أخرى غيرها، لكنني أرى أن الأمور الثلاثة السالفة الذكر كان لها الدور الأكبر في خطف «النسور» للقب للمرة الرابعة فقط في تاريخهم، فمسابقة الدوري كانت وبشهادة الجميع ضعيفة المستوى حتى في مباريات القمة، فمن جداول مباريات غير معروفة، إلى توقفات غير طبيعية للمسابقة، إلى طريقة غريبة في فرض العقوبات لا تستند إلى قوانين، ناهيك عن اللوائح التي يفسرها كلٌ حسب أهوائه، وفي الأخير تفضيل فرق على أخرى، قصمت ظهر الدوري الذي غابت عنه الجماهير بسبب ضعفه بخلاف المباريات الأخيرة التي فرضت الإثارة ليس بسبب المستوى وإنما لعدم معرفة البطل المرتقب.
في الجانب الآخر فإن فريقا يخلو من أبرز اللاعبين، يغادرون حتى لفرق منافسه، جعل الجميع يعتقد بأن فريق الأهلي لن يكون إلا ممرا للفرق الأخرى التي تكبره سنا، غير أنه سار بخطى ثابتة وبعيدا عن الضغوط، والأكثر من ذلك، كان اللاعبون بعيدين عن رغبتهم في حب الظهور والمال، فقدموا كرة وإن لم تكن جميلة، لكنها واقعية قياسا بالحال المزرية التي مر بها الفريق، وتمكنوا من إلحاق الخسارة بفريقي الصدارة حينها الرفاع والمحرق، وبدأوا رحلة التسلق حتى وصلوا للقمة بجدارة.
لا يمكن نسيان أن لفريق المحرق دورا آخر في تحقيق الأهلي للبطولة، وهو الذي كان بيده لا بيد عمر أن يحقق لقب البطولة قبل 3 مراحل من ختام المسابقة، وجعلته يخرج من الموسم خالي الوفاض، لكن القريب يرى أن المحرق لم يكن سيئا فقط في نهاية المسابقة، وإنما منذ بداية الموسم، ولولا أخطاء الرفاع وتشتت أفكاره بين 3 مسابقات يشارك فيها لأول مرة وأهمها كأس الاتحاد الآسيوي، لكان هو البطل وليس الأهلي.
هذا يعطينا فكرة عن أن المحرق عاد ليكون كباقي الفرق في مستواه، بعد أن ودعه جميع اللاعبين المستوردين بلا استثناء، فأصابه العطل، لأن هؤلاء كانوا يضيفون إلى جانب قوة المحرق الأصلية قوة أخرى، نظير الإمكانات التي يمتلكها المستوردون باختلاف قوتها بالطبع، وبالتالي كانت الفرق الأخرى غير قادرة على المواجهة أساسا، حتى فريق الرفاع حينها.
في النهاية هناك أسباب أخرى بالتأكيد لفوز الأهلي بلقب الدوري، وقد يراها آخرون بأنها الأهم، لكن بالتأكيد فإن هذا الإنجاز لم يأت إلا قضاء لحكمة الأيام، فهنيئا لجميع الأهلاوية، مع تمنياتنا بأن يبقى الأهلي عنصرا أساسيا في رقي الكرة البحرينية.
إقرأ أيضا لـ "محمد مهدي"العدد 2812 - الثلثاء 18 مايو 2010م الموافق 04 جمادى الآخرة 1431هـ