أقر مجلس الأمة الكويتي (البرلمان)، مشروع قانون الخصخصة، الذي يمهد لبيع شركات مملوكة للدولة، لكنه يبقي حقول النفط والغاز بعيدة عن متناول المستثمرين الأجانب.
وسيحال المشروع لأمير الكويت، في حال نيله موافقة الحكومة.
وحاز المشروع على موافقة 33 عضواً، فيما رفضه 29 عضواً آخرين من أصل 61 عضواً.
وبرّر النواب المعارضون موقفهم بخشيتهم، في حال إقراره، بتحول الاقتصاد الكويتي من «اقتصاد الدولة إلى الاقتصاد الرأسمالي بصورة كلية»، الأمر الذي يفسح المجال أمام «أصحاب رؤوس الأموال للتحكم بمصير الاقتصاد الوطني».
ولم يكن استبعاد القطاع النفطي مجرد صدفة، إذ إن هناك اتجاهاً كويتياً غالباً يدعو إلى استمرار إبقاء قطاع النفط في كنف القطاع العام.
وقد عبر عن ذلك النائب مبارك الوعلان في تصريحه الصحافي الذي حذر فيه، في حال خصخصة النفط، من أن «قانون تنظيم برامج وعمليات التخصيص (الخصخصة) سيسلم القطاع النفطي الذي يشكل أكثر من 95 في المئة من دخل البلاد الى فئة محدودة لتتحكم في اقتصاد الدولة كاملاً، معتبراً خصخصة القطاع النفطي هي سير بالاتجاه المخالف للقواعد الدستورية».
الملفت في تصريح الوعلان هو ما جاء فيه بشأن المقارنة بين أداء القطاعين العام والخاص، حيث اعتبر أن «الادعاءات بأن شركات القطاع الخاص تعمل بكفاءة أعلى ادعاءات باطلة وغير صحيحة، وقد كشفت الأزمة المالية ضعف هذه الشركات وتحايلها على القوانين وتسببت هذه الشركات في كارثة لاقتصاد البلاد».
وقد سادت العالم في التسعينيات من القرن الماضي، موجات متنامية تدعو للخصخصة، وتبشر بجدواها الاقتصادية والسياسية على حد سواء، تحولت بموجبها الخصخصة إلى ما يشبه الاتجاه العام، تجسدت، وفقاً لإحصاءات البنك الدولي، في تزايد عدد الدول، «التي طبقت برامج وعمليات الخصخصة من 12 دولة في العام 1988 إلى أكثر من 80 دولة في العام 1995».
ولذلك فليست الكويت هي الدولة التي بدأت تتحدث عن الخصخصة، فقد سبقتها إلى ذلك، وفي المنطقة العربية أيضاً، دول، مثل مصر وسوريا، مارست الخصخصة على أرض الواقع، الأولى بعد مضي سنوات معدودات على غياب الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر، والثانية بعد سقوط الاتحاد السوفياتي وتراجع زخم دعوات تعزيز دور الدولة في تملك الشركات والمؤسسات الصناعية. وعلى المستوى الخليجي، كانت البحرين، وعلى امتداد السنوات العشر الماضيات، أكثر الدول الخليجية اندفاعاً نحو تقليص نسبة ملكية الدولة في الاقتصاد، وعلى وجه التحديد في الشركات الوطنية الكبرى، سواء تلك المملوكة كلياً، أو حتى جزئياً، من قبل الدولة.
وتنبغي الإشارة هنا إلى إشكالية التوصل إلى مفهوم موحد بشأن الخصخصة، أو الخوصصة، أو التخصيص. يبدأ ذلك التباين في تحديد نطاق الخصخصة، فبينما يحصره البعض في الجانب الاقتصادي، المتمثل في التوجه نحو تقليص الدولة في الاقتصاد لصالح القطاع الخاص، يوسعه البعض الآخر، كما نقرأ في الموسوعة الإلكترونية «ويكيبيديا» كي يشمل منظورين، اقتصادي وسياسي.
فعلى المستوى الاقتصادي «تهدف عملية الخصخصة إلى استغلال المصادر الطبيعية والبشرية بكفاءة وإنتاجية أعلى, وذلك بتحرير السوق وعدم تدخل الدولة إلا في حالات الضرورة القصوى, وعبر أدوات محددة لضمان استقرار السوق والحد من تقلباته».
أما من المنظور السياسي فالتخصيص هو بمثابة الدعوة التي تهدف إلى «اختزال دور الدولة ليقتصر على مجالات أساسية مثل الدفاع والقضاء والأمن الداخلي والخدمات الاجتماعية. لذا فإن التخصيص يتجاوز مفهومه الضيق المقتصر على عملية بيع أصول أو نقل ملكية ليكون بمثابة نقلة اقتصادية واجتماعية وسياسية كبيرة وفلسفة جديدة لدور الدولة». لكننا إذا ما حصرنا الخصخصة في الجانب الاقتصادي، وأخذنا، تسهيلاً على القارئ، أكثر التعريفات شيوعاً، وهو ذلك الذي صاغه البنك الدولي، ويلخصه ثامر الهيمص، فسوف نجده يرتكز على «زيادة مشاركة القطاع الخاص في إدارة ملكية الأنشطة والأصول التي تسيطر عليها الحكومة أو تملكها».
أما جبار محمد الشيخ حمادي فيتناول الخصخصة من مفهومها المطلق، حيث يعتبر الخصخصة بأنها «تحويل المشاريع العامة إلى المشاريع الخاصة وفق قوانين ومعايير البلد المعني، من أجل تحويل مصدر القرارات من المستوى المركزي إلى مستوى الوحدات أفراداً ومؤسسات أو شركات... إلخ, وبذلك يكون توزيع الأدوار بين القطاع العام والقطاع الخاص وبالتالي إفساح المجال أمام المبادرات الخاصة».
وكما تتضارب تعريفات الخصخصة، كذلك تتنوع الإستراتيجيات التي تنفذها، والتي تنقسم من وجهة نظر المحلل الاقتصادي العراقي فلاح خلف الربيعي إلى فئتين رئيسيتين: الأولى هي:
«إستراتيجية التطور التدريجي، القائمة على التنامي التدريجي للقطاع الخاص على حساب القطاع العام، على أن يتم تهيئة المناخ الذي يسمح بوصول القطاع الخاص إلى المواقع المتقدمة في هرمية الهيكل الاقتصادي، عن طريق تشجيع إنشاء الشركات وإلغاء الحواجز أمام دخول وإقامة المشروعات الجديدة، وتطبيق السياسات الضريبية والسياسة الائتمانية المحفزة».
أما الثانية وهي إستراتيجية الخصخصة السريعة: فهي تلك التي «تدعو إلى التخلص السريع من الملكية الحكومية، عن طريق تبني أشكال أقرب ما تكون إلى التوزيع المجاني، بهدف توسيع قاعدة الملكية على أساس التوزيع المتساوي للأصول الحكومية لكل المواطنين، مستندة في ذلك على الاعتبارات المعيارية الأخلاقية».
قضية في غاية الأهمية لابد لنا من التنبه لها هنا، وهي أنه بخلاف ما يتوهم البعض، فليست كل التجارب «التخصيصية» كانت ناجحة، فبينما حقق بعض الدول قفزات اقتصادية ناجحة كما هو حال بريطانيا، في عهد مرغريت تاتشر، وجدنا البعض الآخر منها يشكل تجارب فاشلة، مثل تلك التي عرفتها بعض الأسواق العربية، وخاصة تلك التي نفذت الخصخصة استجابة لضغوط مارستها على تلك البلدان مؤسسات دولية مثل البنك الدولي، ولأغراض سياسية عالمية، أو للتخفيف من تداعيات الأزمة المالية العالمية، وليس تلبية لاحتياجات وطنية داخلية.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 2807 - الخميس 13 مايو 2010م الموافق 28 جمادى الأولى 1431هـ
هل تخل الدول الغربية عن نظام الخصخصة
الول العربية تمشى وراء الغرب الذي بدأ نظام الخصخصة،ووصلت الية هذة الفكرة متأخر
كما يعلم ان الدول الغربية بدأت الخصخصة مبكرا
لكن الآن أعتقد ان تلك الدول تسير في الاتجاة المعاكس للخصخصة بعد ان جربت تلك التجربة
لكن الدول العربية تسير متأخرة في الركب وتريد الآن تطبيقها