العدد 2804 - الإثنين 10 مايو 2010م الموافق 25 جمادى الأولى 1431هـ

ماذا نريد من «حقوق الإنسان»؟

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

لم يكن ما حدث مساء الأربعاء الماضي في «وعد» مستغرباً ولا خارج دائرة التوقعات، وخصوصاً لمن له معرفةٌ بأوضاع قوى المعارضة، ووضع حركة حقوق الإنسان في البحرين.

الدعوة للندوة كانت توحي بأنها أعدت لتكون محاكمةً مسبقة للنوايا، لاثنين من أبرز الشخصيات الحقوقية بعد تعيينهما بالهيئة الجديدة لحقوق الإنسان.

الحركة السياسية والحقوقية في البحرين تجران وراءهما ذيلاً طويلاً من الشكوك، لكثرة قصص المتساقطين من النخبة المشتراة، والشك في مثل هذا الوضع مقدّمٌ على اليقين. والمبدأ الحقوقي الأول «المتهم بريء حتى تثبت إدانته» يتعطّل، وتصبح المعادلة «المتهم مدانٌ حتى تثبت براءته».

الوضع سقيمٌ حتماً، ومليء بالكثير من أعراض الأمراض الحزبية والتحزبات. ومن أسوأ ما حصل أن هذه الهيئة التي طالبت بتشكيلها الحركة الحقوقية منذ سنوات، تحوّلت إلى معول إضافي لهدم مزيدٍ من أعمدة الثقة بين الناشطين المستقلين. وكما حصل في دخول «الوفاق» للبرلمان من تفتيت للقوى السياسية المعارضة، يجري اليوم، وبغباءٍ أيضاً، تفتيتٌ للقوى الحقوقية.

لا نلوم الجمهور الذي تغصّ ذاكرته بقصص الكثير من المتسلقين، من مختلف التيارات والتوجهات، مَنْ وصلوا ومَنْ مازالوا يلهثون للوصول. لكن نلوم النخبة التي تسقط في هذه الحالة من الفوضى المدمّرة والتخبط وضياع البوصلة، بحيث أصبحت لا تدري ماذا تريد.

لست من أنصار الذوبان السريع ولا البطيء في الحكم، ولابد أن يبقى المستقلون على مسافةٍ لحفظ استقلاليتهم وتاريخهم وكرامتهم أيضاً، في بلدٍ يعاني شعبه من عقدة النخبة المشتراة. وما يُقال عن الناشطين الحقوقيين يُقال عن الأطراف الأخرى، التي دخلت البرلمان أو التجربة البلدية أو غيرها من المجالات، من ضرورة التعفّف والالتزام بأكبر قدرٍ من النزاهة ونظافة اليد، وهي أمورٌ نادرة الوجود، وقليلٌ ما هم في مختلف التيارات. فليس كل من دخل البرلمان كان مخلصاً لله وملائكته واليوم الآخر. وبعض من دخل المجالس البلدية كانت عينه على البرلمان. وفي انتخابات 2006، كانت هناك مجموعةٌ تريد أن تصعد على ظهر «الوفاق» للوصول إلى البرلمان، وحينها تتبرأ منها وتهتم لبناء شبكة مصالحها الخاصة. هذه من أمراض الحياة السياسية في كل مكان، ومن الصعب الحصول على نماذج كثيرة، ذات درجةٍ عاليةٍ من النقاء.

هذا الوضع يفسّر حذر الجمهور والمواقف المتشددة التي أطلقت في تلك الأمسية، لكنه لا يبرّر الفوضى وضياع البوصلة، وخصوصاً من العاملين العارفين بالأوضاع القلقة لحقوق الإنسان. فالملفات الكبرى مازالت معلّقة، والحكم يقدّم رجْلاً ويؤخر أخرى في مجال احترام الحريات العامة. وضحايا ثلاثة عقود من الانتهاكات مازالوا يعانون نفسياً ومادياً. وما حققه بلدٌ عربيٌ مثل المغرب، مازلنا عاجزين عن الوصول إليه بعد، رغم كل الندوات والمؤتمرات والكتابات.

إن جزءاً من هذا العجز يعود لتخبط الحركة الحقوقية وانقساماتها على نفسها، أما الجزء الآخر فيعود للحكم الذي يهتم بتحسين صورته الخارجية، ولم يبدأ بالتفكير بعد في إنصاف ضحايا حقبة أمن الدولة، أو جبر الضرر، أو التفكير بالتعويضات لترميم حياة مئات الضحايا من مختلف التيارات القومية واليسارية والإسلامية المعارضة.

إن أغلب أوراق الحل بيد الحكومة، وما قيل عن ضماناتٍ بتدخل المفوضية السامية لحصر دور الأعضاء «الحكوميين» في الاستشارة، سابقٌ لأوانه ويصعب تخيّله. وتعهّد كمال الدين والدرازي بالانسحاب سيبقى كلمة شرف، فمهما قُدّم للرجلين من وعودٍ شفويةٍ من الصعب أن تقنع الجمهور.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2804 - الإثنين 10 مايو 2010م الموافق 25 جمادى الأولى 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 20 | 3:53 م

      أشوف الفشار زايد

      انا توني فاهم، ترى حزب البلاليط هو حزب.... اشوف الدعاية والفشار زايد عند هالهبنقة صاحب حزب. بارك الله فيك رقم 17 انت اللي وضحت لنا. وشكرا للوسط.

    • زائر 19 | 12:32 م

      حزب البلاليط

      صح جبتها في الصميم، انا مع الزائر رقم 15 عن كثرة المتساقطون ، المصطلح الذي جاء به (النخبة المشتراة)، وقبل ذلك اشارته إلى حزب البلاليط. ضربة معلم ياسيد.

    • زائر 18 | 10:25 ص

      14 نور :: نريد من حقوق الإنسان إحترام الإنسان

      ولك كل الحق بأن تكون عضواً فاعلاً بأمنه وتنمية قدراته وإقتصاده وخيراته وأن تكون شريكاً أساسياً بهذا الخليط الذي يسمى جسد الوطن فالأرض بدون الشعب جسدُ ُ ناقص الأطراف ومكمل الأطراف هو الشعب فإن كان الشعب مهمش لم ينل من حقوقه أدنى الحقوق

    • زائر 16 | 8:04 ص

      كثرة قصص المتساقطين من النخبة المشتراه

      سيدنا ، مقال اكثر من رائع ، كنت ابحث دائما عن مصطلح او عبارة تجسد حالة تحول الناس الى الحكومة، جبتها سيد في الصميم عبارة " كثرة قصص المتساقطين من النخبه لمشتراه" عبارة ولااروع.

    • زائر 15 | 7:04 ص

      تابع لنكن موضوعيين ومتوازنين

      المؤسسة وليدة ضغط خارجي قبل ان يكون داخلي و ستعمل على إفراغها من محتواها بشتى الوسائل ولن تتردد في إحراج الدرازي وكمال الدين من اجل ضرب الحركة الحقوقية من الداخل ودفع الجمهور للتشكيك في مصداقيتهما ولن توفر اي مجال للمؤسسة لاثبات أي درجة من المصداقية ولدينا في البرلمان خير دليل. ويبقى الأمل الوحيد في وعي الأخوين الدرازي وكمال الدين في مواجهة الموقف واتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب.

    • زائر 14 | 6:53 ص

      لنكن موضوعيين ومتوازنين

      أجمل مافي العمود هو التوازن في الطرح. مشكلتنا هي عقليتنا الشرقية التي تري لونين فقط: السود والأبيض! هناك من يهاجم المؤسسة الوطنية لحقوق الانسان واصفا اياها بالحكومية وهناك من يدافع عنها ويصفه بالوطنية ويتوقع منها الحلول السحرية. واقعيا يمكننا أن نعول على شخصين فقط ضمن المؤسسة: الدرازي وكمال الدين نتيجة لخلفيتيهما الوطنية والحقوقية وقدتم إختيارهما لإعطاء قدر من المصداقية للمؤسسة

    • زائر 13 | 5:56 ص

      لماذا التشائم ؟

      يبدو لى ان تشكيل حركة حقوق الانسان بهذة التركيبة جيدة نوعا" ما , هذة التعينات فيها شخصين معروفين بالحيادية والمعارضة للحكومة . لماذا التشائم ربما التعينات بهذا الشكل تكون نقطة ايجابية تحسب للحكومة

    • زائر 12 | 5:21 ص

      الوعي ثم الوعي

      أضم صوتي للأخ الزائر رقم 5، فالهيئة كوكتيل أغلبه حكومي ومعروفين تماماً. وأحب أن أضيف انه يجب الا نتوقع من الحكومة أن تسلم المعارضة مثل هذه الهيئة على طبق من ذهب. انا مع حقوق الانسان ومع الجمعيات والشخصيات المخلصة، ولكن علينا ان نعرف ان الحكومة تاخذ احتياطاتها جيداً. وعلى المعارضة ان تتحلى بالوعي، فهذه مسؤوليتها التاريخية في هذه الفترة من حركة النضال الوطني.

    • زائر 11 | 5:16 ص

      مدرس ثانوي

      أبدعت يا سيد بارك الله فيك ، مقال في الصميم ، فعلا الحكومة بإستطاعتها تغيير كل شيىء لكن لا حياة لمن تنادي ، و طالما هناك من المطبلين و المتملقين و المنافقين يصورون البلد على أنها مدينة أفلاطون الفاضلة ولا يوجد فيها ما يستحق النقد و التغيير فلا تترجى تغييراً إيجابياً طالما بقيت هذه الزمرة النشاز بيننا ، هؤلاء هم المتمصلحون من هذا الوضع و ليس من صالحهم نهائيا التغيير و تطبيق العدالة لأنهم ببساطة سيسقطون حين إذ حيث أنهم لا يملكون سوى التطبيل و النفاق و يفتقرون إلى المؤهلات و الكفا

    • زائر 10 | 4:31 ص

      رد على محمد ابو احمد

      للأسف تتكلم وكأنك احد الجلادين، ؟ لعلمك السيد سلمان كمال الدين وكثير من الناشطين الحقوقيين كانوا ضحايا السجون، وهؤلاء أبناء عوائل وطلاب جامعات واصحاب ثقافة، وليسوا أبناء شوارع. وحتى سجناء التسعينات هم الذين فتحوا الطريق مع الشهداء لإحداث التغيير وولادة الاصلاح ومجيء الدميقراطية.بس عذركم جهلكم فمتى تزول الغشاوة والتضليل عن عيونكم؟ والى متى يستهبلونكم؟ الله يهديك ويهدي الجميع. سجين من زمن الطغيان

    • زائر 9 | 4:19 ص

      سؤال لابو أحمد

      وهل الذين وصلوا بجهدهم وإخلاصهم فعلاً؟ هل سلك البلد يمشي بهذه الصورة الرومانسية التي تتكلم عنها؟ألا ترى الكثير من المتملقين الذين ازدادوا كالفطريات في هذا الزمان؟ ألا يعامل المخلصين بالشك والتهميش والابعاد ويتم استبدالهم بالمتملقين والمنافقين واصحاب المصالح؟ لنكن واقعيين فالناس ليس لديها ثقة.

    • زائر 8 | 4:12 ص

      يا ما بالسجن من مظاليم

      سلمان كمال الدين كان من المناضلين، ودخل السجون من السبعينات، هو وغيره من المناضلين الشرفاء من التيارات السياسية المختلفة المطالبة بالإصلاح وتغيير الاوضاع وعودة البرلمان، وقبل ذلك ضد المحتل البريطاني واعوانه الطبقيين. كانت السجون لقمع الشرفاء والمثقفين وأبناء العوائل المحترمة وقتل ارادة الحياة لديهم، وطول عمرها السجون العربية ما تستخدم إلا ضد المعارضات وأصحاب الآراء الحرة.

    • زائر 7 | 3:24 ص

      محمد ابو احمد

      نورت الصحيفه اليوم بعودتك ياسيد واقول لك والله ان الدنيا بخير واللى يبي يوصل يوصل بجهده بعيدا عن تهييج الشارع ونشر الاكاذيب وعن اي حقوق انسان تتحدث والجماعه شغالين حرق وتخريب وبلبله وشبكات حرس ايراني ووووو فهؤلاء حقوقهم انشاءالله مصانه في السجون فالسجون اعدت من سالف الازمان لتربية من لم يتربى فى ضل اسرته ومحيطه واما الموطنون الصالحون فلن يصيبهم الاماكتب الله لهم من الخير والفلاح فارجو ان تتحدث عمن يهدر حقوق الانسان فى استخدام الطرق والمدارس

    • فيلسوف | 3:00 ص

      نريد منهم محاسبة المجرمين ابان التسعينات وحاليا

      نريد منهم محاسبة كل مجرم انتهك حقوق الانسان . حقوق الانسان من زمان ضايعة وخصوصا على ايام التسعينات شهداء راحوا وقضوا عليهم والحين يدورون عن حقوق الانسان حقوق الانسان ضايعة والدليل تعذيب متهمي كرزكان ... اين الحقوق. وبنشوف الحين الدور اللي بتلعبه المؤسسة الوطنية لحقوق الانسان رغم ان كل اعضائها محسوبين على الحكومة وشلون بتحاسب الحكومة متمثلة في وزارة الداخلية على حقوق الانسان دام كل الاعضاء محسوبين عليها

    • زائر 6 | 2:47 ص

      لا احد يشك في اخلاص الرجلين كمال الدين والدرازي

      ولكن المشكلة ياقاسم في اللجنة المكونة من الخليط من البهرات واشخاص لا احد يعرفهم وبعض معروفين با التسلق والتملق-سوف يتعبان في طل وجود هدة الاسماء وفي النهاية سوف يصيبهم الاحباط والملل والتعب النفسي وسوف تخسر منطمة الحقوق اشخاص امثال سلمان وعبداللة من يشهد لهم الشعب و تاريخهم-فحسب تقديري ومعرفتي با الاستادين فهم ادكاء من مانتصور وهم عارفين وملمين بما يدور ويحبك لهم -فا الايام القادمة سوف تكون في صالحهم ويعزز موقفهم

    • زائر 5 | 2:21 ص

      عجيب عجيب !!!

      هذي من أروع المقالات اللي قرأيتها بشكل عام وخاص .. ومابقول لك صح لسانك أو غيره لأنها قليلة عليك !!!!

    • زائر 4 | 1:34 ص

      الحكومة تلعب على التناقضات

      فعلا المعارضة قاعدة تضرب في بعضها ومو حاسين ويش يسوون في روحهم. الحكومة لعبت على وتر الاخلافات بينهم بذكاء، وهم استجابوا لذلك بغباء. لنكن صريحين ونعالج ادواءنا وعللنا قبل ان نلقي باللوم دائما على الحكومة.

    • زائر 3 | 12:42 ص

      الحجى

      لقد قلتها بصراحه ان اغلب اوراق الحل بيد الحكومه .. وانا اقول كل الحلول بيد الحكومه

    • زائر 2 | 11:43 م

      رب البيت باالطبل مولع

      حكزمتنا الرشيده ياسيد ينطبق عليها بيت الشعر
      إذا كان رب البيت باالطبل مولع
      فشيمة أهل البيت كلهم الرقص

اقرأ ايضاً