عزا مسئولون أميركيون خطط وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) بإعادة نشر القوات الأميركية في الخارج إلى الأهمية المتزايدة التي تعلقها الولايات المتحدة على حماية الاحتياطات النفطية الرئيسية في إفريقيا ومنطقة القوقاز بالقرب من بحر قزوين، إضافة إلى محاربة ما تسميه واشنطن بـ «الإرهاب». ويقول مسئولون في البنتاغون إنهم يتوقعون اتخاذ قرارات نهائية في الأشهر القليلة المقبلة، وانه من الممكن بدء إعادة نشر القوات الأميركية إلى خارج ألمانيا البالغ عددها 70 ألف جندي ومنطقة القوقاز وإفريقيا في غضون العام. وان من بين الدول التي تريد البنتاغون وضع قواعد فيها كل من الجزائر والمغرب والسنغال ومالي وكينيا وغانا.
وعلى رغم الحاجة التي أبدتها «البنتاغون» إلى الاحتفاظ بقاعدة (رامشتين) في جنوب ألمانيا ولاسيما انها تمثل أحد أهم مراكز الدعم المساند للكثير من «الجبهات الأمامية» فإن التوجه يبدو الآن نحو إعادة القوات الأميركية هناك إلى الولايات المتحدة ومن ثم إعادة نشرها في مهمات لا تتجاوز فتراتها الأشهر الستة.
فخطوات «البنتاغون» في خفض قواتها في ألمانيا التي مضى عليها أكثر من نصف قرن، تأتي كما يقول محللون، في أعقاب معارضة حكومة المستشار الألماني غيرهارد شرودر للغزو الأميركي للعراق، وأنه من المحتمل تفسيرها كتأنيب لألمانيا. ومع ذلك فإن مسئولين في البنتاغون قالوا إن هذه الخطوات ليست مرتبطة بموقف ألمانيا المعارض، موضحين أن الألمان لم يضعوا أي قيود رئيسية على استخدام القوات الأميركية أثناء الحرب على العراق، للأراضي والأجواء الألمانية.
ويرى مسئولون عسكريون أن «البنتاغون» مترددة في تخفيض حجم قواتها في أوروبا بشكل كبير بسبب القلق من أنها قد تفقد دورها القيادي في منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو). ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» عن نائب القيادة الأميركية في أوروبا الجنرال تشارلس والد قوله «إن الاحتفاظ بزعامتنا للناتو يعتبر أمرا في غاية الأهمية، ونحن بحاجة إلى أن يكون لنا عدد من القوات في أوروبا، لأن ذلك يعطينا مثل هذا الوضع القيادي».
ويرجح مسئولون عسكريون أن يكون للولايات المتحدة نحو 15 ألف جندي في منطقة القوقاز يعمل بعضهم من خلال قواعد صغيرة في أماكن مثل أذربيجان وأن بعضها سيتحرك إلى مرافق أكبر في رومانيا وبلغاريا بالقرب من موانئ على البحر الأسود. وقال الجنرال والد «إن هناك في بحر قزوين احتياطات معدنية كبيرة... ونريد أن نكون قادرين على ضمان قابلية مصادر هذه الثروة للحياة».
كما ذكر مسئولون عسكريون أن باستطاعة الولايات المتحدة زيادة وجودها العسكري في إفريقيا ليصل إلى ما بين 5000 و6500 جندي من مشاة البحرية (المارينز) والقوات الخاصة الموجودة في جيبوتي. وستستخدم هذه القوات نحو 12 قاعدة شبه دائمة في إفريقيا.
وقال هؤلاء المسئولون إنهم يتطلعون إلى إقامة قواعد شبه دائمة في الجزائر والمغرب وربما تونس. وتتوقع الولايات المتحدة الاحتفاظ بعدد قليل من هذه القوات في هذه المرافق ثم تقوم باستبدالها بقوات أكبر. كما أنها تنظر في إقامة قواعد أصغر وأقل إنفاقا في السنغال ومالي وكينيا وغانا. وقال مسئولون إن المهمة الرئيسية للقوات الأميركية ستكون ضمان أمن حقول نفط نيجيريا التي يمكن في المستقبل أن تقدم نحو 25 في المئة من واردات النفط الأميركية.
ويذكر أنه قبيل الحشد العسكري للعدوان على العراق كان للولايات المتحدة نحو خمسة آلاف جندي في السعودية لمراقبة منطقة الحظر الجوي في جنوب العراق. وسيتم الآن بموجب تحول جزئي في انتشار القوات الأميركية عالميا نقل هذه القوات إلى قطر وسيعود البعض الآخر إلى الولايات المتحدة. وبالمثل فإنه كان للولايات المتحدة ثلاثة آلاف من سلاح الجو الأميركي في قاعدة إنجيرليك في جنوب شرقي تركيا لمراقبة منطقة الحظر الجوي في شمال العراق. ويتوقع أن تحتفظ الولايات المتحدة بـ 500 جندي في تلك القاعدة، ولكن الحجم النهائي لهذه القوة قد يعتمد على نوع الضمانات التي سيقدمها الأتراك الذين امتنعوا ولم يسمحوا للولايات المتحدة بشن حرب على العراق من أراضيهم وأجوائهم.
ويتوقع مسئولون عسكريون الاحتفاظ بعدد من القوات في بولندا تتراوح ما بين خمسة و عشرة آلاف جندي. ومن المحتمل أن تكون هذه الزيادات في القوات الأميركية في إفريقيا وأوروبا الشرقية والقوقاز على حساب ألمانيا وبصورة أقل على حساب بريطانيا إذ ستقوم الولايات المتحدة بتعزيز قواتها.
وتعتزم البنتاغون أيضا إنفاق 11 مليار دولار خلال السنوات الأربع المقبلة لإعادة نشر قواتها وزيادة الدفاعات في شبه الجزيرة الكورية. وإن التغييرات في أوروبا التي تشكل عددا أكبر بكثير من القوات، ستكلف على الأرجح مبالغ مالية أكبر
العدد 280 - الخميس 12 يونيو 2003م الموافق 11 ربيع الثاني 1424هـ