العدد 2799 - الأربعاء 05 مايو 2010م الموافق 20 جمادى الأولى 1431هـ

صفيّة صدّيقي

محمد عبدالله محمد Mohd.Abdulla [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

قبل أسبوع تحوّلت الأفغانية صفيّة صدّيقي إلى عدو للولايات المتحدة. دَخَلَ جنود أميركيون (من النّاتو) منزلها عُنوةً وقتلوا أحدّ أشقّائها وهو أب لخمسة أطفال، وكبّلوا بقيّة الأشقّاء. صفيّة النائب البرلمانية عن منطقة سوركي (شرق أفغانستان)، قالت: لقد خلق الأميركيون خمسة أعداء جدد لهم في البلاد، هم أبناء أخي.

الأنباء التي أوردتها الوكالات تفيد بأن عدداً من السكان الغاضبين في تلك المنطقة التي وقعت فيها الجريمة «نقلوا جثة القتيل وهم يُردّدون هتافات مناهضة للولايات المتحدة والحكومة الأفغانية». وهي أحداث متكررة ومتوالية باتت تصبّ في صالح حركة طالبان التي يلجأ إلى قدراتها البيروقراطية والقضائية ثلثا الشعب الأفغاني بدلاً من الحكومة الأفغانية.

باختصار، فإن معادلة الأفغان الاجتماعية مع الأميركان هي: إن قتلتَني ستواجه غضب عشيرتي. مثلها في ذلك مثل الصومال وباكستان والعراق، حيث تلعب العشائر والقبائل دوراً بارزاً في حياة الناس. وهو في النهاية عُرف قبلي، تهاوت تحت قدميه أعتى الإمبراطوريات عبر التاريخ، لأنه وباختصار نظام سرطاني تُولّد خلاياه انشطارات متعددة أكثر من اللازم.

في كلّ البلاد التي أرادت واشنطن تعديل ميزان السلطة فيها، بدت الأمور أنها تسير إلى أسوأ مما كانت عليه. لقد قدّمت نماذج سيئة جداً في التغيير، فجعلت من مشاريعها كبرميل مثقوب تتسرّب منه الصدقيّة. في الصومال فَشِلَ الأميركيون في أربع عشرة محاولة لتشكيل حكومة مُعتَبَرة فيه منذ العام 1991.

امتدّ اللانظام في ذلك البلد من البَرّ وحتى البحر. وأخذ القراصنة الصوماليون المحترفون يُهدّدون خليج عدن الذي تمخر فيه عشرون ألف سفينة كلّ عام. واستطاعوا في بحر حَوْلٍ واحد من خطف أربعين سفينة، وجني فدىً من ورائها جاوزت المئة مليون دولار. (راجع ما كتبه جيفري غيتلمان رئيس مكتب نيويورك تايمز في إفريقيا الشرقية).

في أفغانستان ليس الحال بأفضل من سابقه. ولأنه كذلك، فقد كانت إحدى روافع الفوز الأوبامي هو معالجة الملف الأفغاني كما يجب. قبل فترة أعْلِنَ في واشنطن عن أكبر عملية نقل معدات عسكرية منذ الحرب العالمية الثانية، تقضي بنقل ما مجموعه 3.5 ملايين قطعة حربية من الأراضي العراقية إلى أفغانستان.

وحسب تصريح وكيل وزارة الدفاع الأميركية لشئون الإمداد والتكنولوجيا والمشتريات آشتون كارتر، فإن «إرسال المئات من العربات المصفحة والشاحنات وطائرات الاستطلاع (بمقدار عشرين ضعفاً) لأفغانستان هو للاستعداد لصيف حاسم من المعارك». رغم أن الحديث ذاته تمّ تداوله العام الماضي إلاّ أن خسائر القوات الأجنبية بلغت حينها 520 قتيلاً!.

ما يثير الاستغراب أن هذا العتاد الضخم يأتي في الوقت ذاته الذي ينسحب فيه الجيش الأميركي من أهم مناطق الصراع غير المحسومة وهو وادي كورنيغال بعد خمس سنوات من القتال ضد الأشباح. وهو الانسحاب الذي مكّن الطالبانيين من إعادة التمركز هناك من خطّة حرب عصابات إلى خطط جيش متكامل.

القضية التي لا يُريد أن يفهمها الأميركان هي أن معركة بطول قرنين من الزمان لن تُنهي التمرّد هناك. لا معالجة الرشا، ولا نقل تجارب الصحوات، ولا شراء ذمم القبائل ينفع في الحدّ من الصراع. غاية الأمر ومنتهاه أن هذا البلد محكوم بأقدار. إحدى أهم أقداره هو أن يعيش بموزاييكه القبلي وبميزان قوى مرتبطة بتاريخه واجتماعه ودينه، مهما كان شكل أنفه.

وإذا ما أصرّ الأميركيون على البقاء وبالمعالجات ذاتها البائسة، فعليهم أن يُعدّلوا من الجدول الزمني لتحمّل القوات الحكومية الأفغانية مسئولية الأمن على أراضيها من 2015 إلى 3015 لأنهم لن يُثبِتوا نصراً ما دام اتّكالهم على التكتيك الخاطئ.

إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"

العدد 2799 - الأربعاء 05 مايو 2010م الموافق 20 جمادى الأولى 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 1:38 م

      الأمن

      أتصور أن أي تقييم لأفغانستان ينبغي أن يكون من خلال الصور القادمة من هناك . دمار وصناديق انتخابات تنقلها الحيوانات وشللية إدارية وانعدام الأمان

    • زائر 4 | 2:47 ص

      رد على رقم 1

      ما يثير الاستغراب هو رد الأميين في المعرفه والفهم
      على كتاب محترفين من أمثال كاتب المقال المحترم. إذا كنت لاتفهم شيء فلماذا تداخل؟

    • زائر 3 | 1:39 ص

      رد على مداخلة 1

      غريب هذا الادعاء! هل وضع الامريكيون حجر على حجر في هذا البلد؟ لازالت الناس تركب الحمير والبغال وتعيش على الحروب والفساد في مؤسسات الدولة . اقرأ اولا ثم تحدث

    • زائر 2 | 1:39 ص

      عجييييييييب

      مقالاتك مالها حل أصفها بالسهل الممتنع كل مرة تمتعنا بتحليلاتك للأمور فنشعر بالاستمتاع ونحن نقرأ. كثر الله من أمثالك

    • زائر 1 | 12:37 ص

      تطور افغانستان

      اذا في تطور في افغانستان فهو ببركة الامريكان ةلا حد يزايد على احد

اقرأ ايضاً