في مطلع هذا الشهر، نقلت نشرة «أرابين بيزنس» الإلكترونية العربية إعلان شركة ماكنيل كونسيومر هيلثكير التابعة لشركة جونسون وجونسون عن «سحب أدوية أطفال مثل شراب تيلينول ومورتين وبينادريل وزيرتيك، التي تباع بدون وصفة للأطفال والرضع».
ووفقاً لبيان الشركة المصنعة فإن الأسباب الكامنة وراء عملية سحب هذه الأدوية التي تم توزيعها في 11 بلداً منها الكويت والإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة، «تتعلق برداءة التصنيع».
وأشار بيان الشركة إلى أن «بعض مكونات الأدوية المذكورة تتضمن تركيزاً أعلى من النسب المحددة لها بينما تتضمن منتجات أخرى مكونات غير فعالة أو منتهية الصلاحية بينما يوجد في أخرى بعض الجزيئات الدخيلة».
وفي السياق ذاته حذرت صحيفة «الاتحاد» الضبيانية من أنه خلال العام الماضي وبداية العام الجاري 2010، «شهدت السوق الدوائية سحب العديد من الشحنات الدوائية بسبب المضاعفات الجانبية الخطرة أو لصدور تحذيرات من جهات عالمية مختصة بشأنها».
لا تندرج قضية الأدوية «المضرة»، إن جاز لنا القول تحت عائلة واحدة فقط، ومن ثم يمكن تصنيفها وفقاً للضرر الناجم عن استخدامها إلى الفئات الرئيسية التالية:
1. الأدوية المعطوبة، وهي تلك التي انقضى تاريخ صلاحيتها، ومن ثم لم تعد صالحة للاستخدام، خاصة إن كانت أماكن تخزينها تفتقد إلى الظروف البيئية المطلوبة، الأمر الذي يسارع من انقضاء تاريخ صلاحيتها.
2. الأدوية المهربة، وهي تلك الأدوية التي تحتاج إلى وصفات طبية في بعض البلدان، ولا تحتاج لمثلها في بلدان أخرى، مثل المضادات الحيوية، والتي يؤدي سوء استخدامها، إلى أضرار جانبية ليست آنية، إذ قد تظهر في مراحل لاحقة على المريض نفسه أو في أجيال أخرى من نسله.
3. الأدوية المزيفة، وهي تلك التي تخالف القانون من حيث المواد المصنوعة منها، حينما تتحايل مصانع الأدوية، فلا تخضع نفسها للمقاييس المتعارف عليها دولياً، أو تلك التي تضعها منظمات عالمية أو إقليمية متخصصة من مستوى منظمة الصحة العالمية التي تعرّف الدواء المزيّف على أنه «منتج لا تتلاءم تركيبته وعناصره والمعايير العلمية، وهو نتيجة لذلك غير فعّال وغالباً ما يكون خطراً على المريض».
الأمر المحزن في الموضوع أنه تولدت، بفضل تنامي دائرة المخالفات سوقاً ضخمة لمثل تلك الأدوية تحولت إلى تجارة دولية يمارسها العديد من شركات تصنيع الأدوية، بما فيها تلك المشهورة. وينشر موقع (http://forums.mazika2day.com/t14668.html ) مقاطع من دراسات مختلفة، بعضها أعد في الولايات المتحدة تتحدث عن انتعاش تجارة تزييف وغش الأدوية، واتساع نطاقها، إذ تقول «إن حجم مبيعات الأدوية المغشوشة عالمياً سيصل خلال العام 2010 إلى 75 مليار دولار بزيادة قدرها 90 في المئة عن العام 2005 و75 في المئة عن العام 2007، وقد قدرت المنظمات الدولية حجم الأدوية المزيفة في الأسواق العالمية بنسبة تتراوح بين 10 إلى 15 في المئة بما يساوي من 26 إلى 48 مليار دولار من قيمة سوق الدواء العالمي التي تبلغ 317 مليار دولار حسب آخر إحصائيات أجريت في العام 2000».
ويستعين الموقع بأرقام منظمة الصحة العالمية التي تؤكد أن «70 في المئة من الأدوية المغشوشة تضبط في الدول النامية معظمها من مضادات الالتهابات وأن نسبة هذه الأدوية المغشوشة ترتفع في بعض الدول النامية والفقيرة لتصل من 50 في المئة إلى 60 في المئة من حجم سوق الدواء بها».
ويبدو أن لدى «إسرائيل» باعاً طويلة في هذه السوق، إذ تشير بعض الإحصاءات الصادرة عن وزارتي الصحة والشرطة الإسرائيليتين، إلى أن «إسرائيل تصنف ضمن الدول العشر الأولى في العالم في قائمة الأكثر انتشاراً للأدوية المزورة والتداول التجاري بها». وتقدر الوزارتان «أن حجم تجارة الأدوية المزورة داخل السوق الإسرائيلية يتراوح ما بين 21 إلى 27 مليون دولار أميركي».
لكن ذلك لا يعني أن الأسواق العربية خالية من الأدوية المزيفة، فإلى جانب الإمارات والكويت التي أشرنا لهما أعلاه، هناك السوق اللبنانية التي كشفت صحيفة «السفير» البيروتية في مطلع الشهر الماضي عن توقيف «مخابرات الجيش اللبناني شحنة من الأدوية الفاسدة في مرفأ بيروت»، ناقلة تصريح وزير الصحة اللبناني محمد جواد خليفة الذي أشار إلى أنها «كانت متوجهة من باكستان إلى العراق». ونقلت الصحيفة حينها تصريحات نائب رئيس الاتحاد الدولي لنقابات الصيادلة الفرنكوفون زياد نصّور الذي قال فيه بأن «مسألة الأدوية المزورة خطيرة جداً، حيث يتم خلطها في خلال تصنيعها بمواد بديلة ليس لها علاقة بعلاج المرض، وتتحول حبة الدواء إلى رصاصة قاتلة».
وفي فلسطين، نشر موقع «العيون العربية» خبر ما وصفه بأكبر «عملية تهريب وتصنيع للأدوية الفاسدة على مستوى فلسطين ولربما على مستوى المنطقة، حيث ضبطت الشرطة الفلسطينية في نابلس مستودعات وأغلقت عدداً من الصيدليات، إضافة إلى مطبعتين كانت تقوم بطبع اللاصقات على الأدوية إضافة إلى كميات كبيرة من الأدوية الفاسدة وغير الصالحة للاستخدام البشري والتي كانت تروج منذ سنوات».
على صعيد آخر، هدد محافظ نابلس الدكتور جمال محيسن «بسجن أي شخص يقوم بالتوسط لهؤلاء المجرمين الذين يقومون بقتل المجتمع الفلسطيني»، محيسن يؤكد وجود شبكة قوية يصل نفوذها إلى أعلى المراكز في السلطة.
وفي المغرب العربي تعتبر المنطقة الحدودية بين المغرب والجزائر ومليلية المحتلة، كما يقول أحمد الحموش من «أهم منافذ للأدوية المهربة والمزورة التي تعرف انتشاراً واسعاً بعد ذلك بمختلف مدن البلاد». وينقل الحموش عن نقيب هيئة الصيادلة بالجهة الشرقية إدريس بوشنتوف، قوله بأن «المناطق الحدودية بالشرق المغربي وإن كانت البوابة الرئيسة لتدفق تلك الأدوية، فالمشكلة لم تكن أبداً جهوية بل اتخذت بعداً وطنياً مقلقاً، محذراً من أن التهوين من المشكلة يزيد الظاهرة تفاقماً وسط غياب أرقام دقيقة حول حجمها وآثارها السلبية على صحة المواطن بالبلاد». ونوه بوشنتوف إلى «أن الأسواق التقليدية التي لا تخضع للمراقبة المنتظمة تعرف رواجاً كبيراً للأدوية المهربة والمزورة، وهو ما يستدعي اتخاذ تدابير لمواجهة تداعيات هذا الخطر على صحة المواطن».
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 2798 - الثلثاء 04 مايو 2010م الموافق 19 جمادى الأولى 1431هـ
عندما يموت الضمير
شكرا ياستاذ على الموضوع. شخصيا, اصبحت ادقق كثيرا في تاريخ الصلاحية على المنتجات الغذائية التي اشتريها, و الان موضوعك زاد من شكوكي, اذ انه يمكن شراء دواء فاسد على الرغم من وجود تاريخ صلاحية على المنتج حسبما ذكرت و الحل يكمن في قسم فحص الادوية و الاغذية الموجود لدينا, و ارجو ان يقوم رئيس القسم بالرد و الافادة بكيفية الفحص المتبح و الالية المتبعة في حالة وجود دواء او طعام فاسد في الدولة. و سيكون مناسب لو قامة الصحيفة بزيارة قسم الفحص و عمل ريبورتاج مفصل. رك
طالما هناك ضمائر فاسده تنتعش الذمم الفاسده
مع تنامي الحضارة تتنامي الضمائر الفضفاضه وإنه هناك فجوه بين الظهور بمظهر يدل على التدين والمعاملات التي تنصب في مصلحة العباد وأن عبدة المال ارتكبوا العديد من الأعمال المشينة التي تنصب في مجال الجريمه مع تحيات (ندى أحمد)