لقد أثبت مجلس الشورى برفضه الاقتراح بقانون رقم (54) بشأن اللائحة الداخلية لمجلس النواب، أنه لا وجود لسلطة حقيقية للإرادة الشعبية في البحرين، وما وجود الغرفة المنتخبة إلا تحصيل حاصل وحدث طارئ لا يستحق الجلبة والاهتمام.
توسيع صلاحية النواب في الاستجواب بات ترفاً سياسياً ورفاهية تتجاوز الحد المعقول، ومن المناسب الاستعانة بسياسة تقليم الأظافر وبرد الأسنان حتى لا تكبر وتصبح جارحة أو مقلقة للسلطة التنفيذية.
حسناً فعل مجلس الشورى حين قطع التكهنات وأكد حرصه واستماتته في الدفاع عن الوزراء والذود عنهم، حتى وإن أدى ذلك إلى التقليل من هيبته كسلطة تشريعية موازية تضم نخبة من ذوي الخبرة والاختصاص والأكاديميين، يفترض أنهم الداعم الرئيسي لمجلس النواب والسند الأول له للارتقاء بالتجربة البرلمانية بعيداً عن الارتجال والحماسة.
من المناسب أن يدرك الناس أن مشاركتهم في الانتخابات البرلمانية المقبلة لن تقدم أو تؤخر، فلا داعي للحرب المسبقة بين الجمعيات السياسية، ولا حاجة لأن يبحث المترشحون عن من يخط لهم ديباجة عريضة على رأس برامجهم الانتخابية، فالنتيجة معروفة وواضحة، وكانت جلية منذ أعوام خلت، فليس هناك سلطة شعبية نافذة ولا هم يحزنون.
وجود صلاحيات متكافئة بين مجلسي الشورى والنواب سيضعف ثقة المواطنين في ممثليهم، وسيصرف نظرهم عن طرق أبواب البرلمان لمعالجة قضاياهم المعيشية المتشعبة وفي مقدمتها البطالة والفقر والحاجة إلى السكن، واستمرار الوضع على ما هو عليه يمثل إساءة بالغة إلى المشروع الإصلاحي الذي دشنه عاهل البلاد لإرساء دعائم الديمقراطية من خلال دولة المؤسسات والقانون.
رفض اللائحة الداخلية هو جرس الإنذار والشرارة التحذيرية الأولى، لسلسلة من الاعتراضات المستقبلية على أي تحرك أو توجه لتنشيط الحراك البرلماني، فإذا لم ترفض الحكومة تعديل الدستور لحداثة العمل بمواده، فإن مجلس الشورى سيكون حائط الصد المنيع الذي يضمن فلترة جميع الاقتراحات النيابية بقوانين وإزالة الشوائب منها.
ومن حسن الطالع أن هناك نواباً يتمتعون بحس رسمي أكثر من الحكومة ذاتها، وهؤلاء مستعدون لتغيير مواقفهم والتراجع عن تصريحاتهم متى ما اقتضت الظروف، يصوتون تارة على التعديلات الدستورية وتارة أخرى يدعون إلى التريث وعدم الاستعجال في تمرير المقترح، بل ويدعمون مجلس الشورى في الانتقاص من صلاحياتهم ومزاحمتهم في سن القوانين وتعديلها، فهنيئاً لنا بهكذا نواب.
علاوة على التفكك الذي يعيشه النواب لحسابات طائفية وفئوية أحياناً وعدم توحدهم في كثير من القضايا المصيرية، فقد جاء موقف مجلس الشورى بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، وبدلاً من أن يلتئم شملهم برز إليهم من يدعي التدين والاستقلالية ليزعزع عزيمتهم ويفرقهم، مذكراً إياهم باختلاف العقيدة والمنهجية والأسلوب.
لا نشكك في وطنية أعضاء مجلس الشورى وولائهم لهذا البلد وقيادته، إلا أنهم في نهاية المطاف معينون لم يخوضوا صراعاً للوصول إلى مقاعدهم، لذلك فهم لا يعانون ضغوطاً تمارس عليهم من قبل القواعد الشعبية، وغير مطالبين بإثبات أفعالهم لناخبيهم حتى ينالوا رضاهم، ولا يوجد من يراقب تغير أوضاعهم الاجتماعية والمادية.
أي أنهم مطلقون بلا قيود، معفيون من إطلاق الوعود، فلا عليهم لوم أو تأثيم، وهنا تكمن زبدة الحكاية.
إقرأ أيضا لـ "أحمد الصفار"العدد 2790 - الإثنين 26 أبريل 2010م الموافق 11 جمادى الأولى 1431هـ
الى متى
لماذا هذه الحملة الضارية من قبل السلطة على أبناء هذا الشعب ابتداء من التجنيس أبو الكبائر والخطيئة الكبرى والقضاء على هوية البلد وجعل أهلها أذلة إلى سرقة السواحل وأملاك الدولة أو الأصح أملاك الشعب والتميز والتفرقة العنصرية والتزييف في الحياة البرلمانية فماذا بقي من أنواع الفساد والظلم والتخريب الذي لم يمارس على أبناء هذا البلد