فيما كان وزراء المالية في مجموعة العشرين يحاولون، في اجتماعهم يوم الجمعة الماضي الموافق 23 أبريل/ نيسان 2010 طمأنة العالم بأن «التعافي الاقتصادي على المستوى الدولي حقق نتائج أسرع من المتوقع، مبدين استعداد منطقة اليورو تقديم قروض عاجلة إلى اليونان تصل قيمتها إلى 30 مليار يورو (نحو 40 مليار دولار) خلال السنة الأولى، على أن يقدم صندوق النقد 10 مليارات أخرى»، كان وزير المالية اليوناني جورج باباكونستانتينيو، يحاول هو الآخر أن يشيع المزيد من الثقة في النظام الاقتصادي العالمي، بالتأكيد على أن «المحادثات التي تجريها بلاده مع صندوق النقد الدولي لتمويل أقساط ديونها تسير بشكل جيد، وأن اليونان لن تواجه مشاكل في تسديد ديونها التي أثرت على اليورو». لكن صوت هؤلاء جميعاً لم ينجح في تغطية المخاوف التي أبدتها بعض دول مجموعة الثماني من أمثال ألمانيا وفرنسا اللتين أعربتا عن «قلقهما بسبب مشاكل ديون اليونان»، مطالبينها، كما جاء على لسان وزير المالية الألماني فولفغانغ شيوبله بأن «توافق على إجراءات تقشفية كبيرة قبل أن تتسلم أي مساعدات مالية من الاتحاد الأوروبي، وأن عدم تنفيذ مثل هذه الاجراءات التقشفية سيهدد الدعم المقترح، وبأن حقيقة كون الاتحاد الأوروبي أو الحكومة الألمانية لم يتخذا بعد قراراً (بتجهيز المساعدات) تعني أن استجابتهما قد تكون إيجابية أو سلبية».
لا يحتاج المرء إلى الكثير من الذكاء كي يرى أن غيوم الأزمة المالية العالمية السوداء لم تنقشع بعد، وأنها لاتزال تطل بوجهها القبيح على الأسواق العالمية، بغض النظر عن طلاءات التجميل التي تغطي ذلك الوجه، الأمر الذي يعني أن الأزمة عالمية، وليست الحالة اليونانية سوى أحد معالمها الأكثر بروزاً. يؤكد كون الحالة اليونانية عالمية، ما ذكره مراسل «بي بي سي» في أثينا بأن «الحكومة اليونانية وصندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي والمفوضية الأوروبية سيحاولون التوصل إلى الشروط التي يجب أن تلتزم بها اليونان مع اتخاذها خطة الإنقاذ المالية». تزداد الصورة وضوحاً عندما نربط أعراض الأمراض اليونانية مع التردي في معدلات النمو في مجموعة الـ 16 التي تستخدم اليورو، التي بلغت، وفقاً لأرقام مكتب الإحصاء الأوروبي (يوروستات) المعدلة، «صفراً في المئة تقريباً»، وتراجع «اقتصاد تلك الدول بنسبة 2.2 في المئة، أي بدرجة انكماش أكبر من المقدرة سابقاً عند2.1 في المئة». والأسوأ من كل ذلك وكما ورد على لسان كبير الاقتصاديين في منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي بيير كارلو بادوان «ان النمو الاقتصادي في العالم المتقدم قد يتباطأ في النصف الأول من العام 2010».
ولا ينبغي هنا إغفال التراجع الذي هوى باليورو إلى «أدنى مستوى له على الإطلاق مقابل الفرنك السويسري والدولار في جو من الحذر بين المستثمرين الذين كانوا يترقبون لمعرفة تفاصيل صفقة المعونة لليونان»، قبل انعقاد اجتماع قمة للاتحاد الأوروبي المشار إليها أعلاه.
ولا يقتصر الأمر على الأسواق الأوروبية، فهناك التطورات في السوق الأميركية، ففي الوقت الذي كانت فيه أنظار العالم تتابع المشهد اليوناني، سارعت السلطات الأميركية إلى إغلاق سبعة بنوك في ولاية إلينوي، كي يصل عدد المصارف المنهارة بالولايات المتحدة هذا العام إلى 57، بأصول بلغت في مجموعها الكلي ما يربو على سبعة مليارات دولار. وكما تشير التوقعات فإن عدد البنوك التي أشهرت إفلاسها في تزايد مستمر منذ اندلاع الأزمة، فبينما لم يتجاوز عددها في العام 2007 ثلاثة مصارف، وجدناه يرتفع إلى 25 بنكاً في العام 2008، ويصل إلى 140 مصرفاً في العام 2009، وتتحدث تلك التوقعات إلى احتمال تجاوز هذا العدد بحلول العام 2011، كما جاء على لسان رئيسة مؤسسة التأمين على الودائع شيلا بير، التي نجدها، وكإجراء احترازي، تطالب البنوك «أن تدفع رسوماً مقدمة تصل إلى 45 مليار دولار من 2010 إلى 2012 كي تتسنى للمؤسسة إعادة ملء صندوقها» ويكون في وسعها إضافة ذلك إلى ما تمتلكه هي، والذي «يعادل 66 مليار دولار من السندات والسيولة في احتياطياتها بما يمكنها من تحمل تكلفة البنوك المنهارة».
وكما يبدو يجاهد وزراء مالية دول مجموعة العشرين، وفي المقدمة منهم دول مجموعة الثمانية من أجل لجم جشع البنوك، وإبطاء اندفاعها نحو «الدخول في عمليات ذات مخاطر عالية بهدف تحقيق أرباح كبيرة، والتي كانت أحد أسباب الأزمة المالية العالمية». وكانت المؤشرات تنحو للأخذ بالمقترح الفرنسي الداعي إلى «وضع قيود إلزامية على الحوافز المصرفية»، وهو ما أفصحت عنه صراحة وزيرة المالية الفرنسية كريستين لاجارد، في مقابلة لها مع هيئة الإذاعة البريطانية عندما أكدت أن «نظام الحوافز المصرفية ساهم في الأزمة المالية العاليمة، وبالتالي لابد من وضع قيود عليه لمنع تكرار الأزمة». لكن اختلافهم حول تفاصيل تنفيذ تلك التوصيات، وآلياتها حال دون التوصل إلى خطة مشتركة على هذا الصعيد.
وطالما أن مجموعة العشرين تضم الاقتصادات الغنية والناشئة التي مست الأزمة المالية العالمية معظم دولها، فربما يساعدها هذا اللقاء الدولي على أن تضاعف من تكاتفها كي تتوصل، كما تقول وكالة أنباء رويترز إلى «أرضية مشتركة بشأن الامور المثيرة للجدل ومن بينها تنظيم عمل القطاع المصرفي وإعادة التوازن للنمو العالمي».
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 2790 - الإثنين 26 أبريل 2010م الموافق 11 جمادى الأولى 1431هـ
يحتاج المرء للذكاء
هل تعلم عزيزي الكاتب بأن في اليونان الكثير من الممارسات الخاطئة التي أدت للأزمة أهمها تفشي الفساد والرشوة والإحتيال وهذا الكلام من أناس لهم إحتكاك مباشر باليونان.. وجاءت الأزمة العالمية فكشفت المستور .
مجموعة النخبة الإلكترونية عجزت في الصمود أمام التحديات العالمية
شكرا جزيلا للأستاذ العبيدلي ونحن إذ نعقب بأن آلهة التمر التي تم صنعها من بعض حديثي النعمة بالوظيفة والتي أسندت إليه وظائف أكبر من قدراتها بعدما صرفت مبالغ ضخمة على ما يسمى بالتطوير والتدريب والتأهيل لا يزال التعامل مع بعض المسئولين بشىء من القداسة متى سنقرأ عن كومة إنذارات خطية شديدة اللهجة وجهت إلى مسؤولين على أثر التلاعب بقضايا إدارية وظيفية وتأخير معاملات وإن حديثي النعمة بالوظيفة إستغلوا وسائل الإعلام بأن المؤسسة الفلانية والعلانية راعية لل Balanced Score Card مع تحيات (ندى أحمد)