العدد 2789 - الأحد 25 أبريل 2010م الموافق 10 جمادى الأولى 1431هـ

الصم حين يتكلّمون

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

احتفلت الدول العربية هذا العام بـ «أسبوع الأصم العربي»، تحت شعار «تمكين المرأة الصمّاء في ضوء قوانين الأمم المتحدة». واحتفلت «جمعية الصم» هنا في الحبرين بتنظيم ملتقى طبي حقوقي في نادي الخريجين.

على هامش المنتدى، أقيم معرضٌ لأعمال الخزف من تنفيذ تسع فتيات، أنتجن خمساً وأربعين عملاً فنياً مستوحى من نقوش الحناء التراثية، بعد دورة تدريبية مكثفة لثلاثة أيام فقط. أما صغار الصم فقدّموا أنشودةً معبرةً بلغة الإشارة، مرفقةً بكلمات رقيقة لأحد الشعراء الشباب، الذي تمثل مشاعرهم وأجاد التعبير عما يريدون بعباراتٍ شاعريةٍ مؤثرة.

أثناء الحفل، روت سيدةٌ صمّاء حكاية معاناتها الكبرى من أجل مواصلة التعليم حتى المرحلة الثانوية، وبعدها اصطدمت بالكثير من العوائق حتى دخلت الجامعة، بعدما تدخّل وزير العمل. وبعدما نالت البكالوريوس، تطمح لنيل الماجستير والدكتوراه رغم بلوغها الثلاثين وكونها أماًً لطفلين. قصة الكفاح هذه مهمة للشباب، خصوصاً الخريجين الجدد، الذين توضع في وجوههم الكثير من العقبات. فالحياة مجموعة تحديات، وأحدها قبول الدخول في دورات أو برامج «إعادة التأهيل» كما فعل المئات قبلهم وتوظّفوا، بدل البقاء بالمنزل بانتظار الوظيفة الحكومية التي تضل طريقها عنهم، وفق سياسة «الأجنبي هو الخيار المفضل».

وزيرة التنمية الاجتماعية فاطمة البلوشي تحدّثت في كلمتها عن شعار تمكين المرأة الصماء، وما يعنيه من تمكين اقتصادي واجتماعي، بما يتوافق مع أهداف الرؤية الاستراتيجية 2030. وهو كلامٌ جميلٌ، لكنه يحتاج إلى تفعيل، ففي مقدمة مطالب الصم اليوم (وعددهم يتجاوز الألف من مختلف الأعمار)، إكمال التعليم الثانوي، وهو مطلبٌ مازالت وزارة التربية والتعليم غير مكترثةٍ بتحقيقه.

في محاضرتها الحقوقية، تكلّمت عضوة مجلس الشورى رباب العريض عن معاهدات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان التي وقّعت عليها البحرين، وهي تنتظر المصادقة عليها رسمياً، حتى تصبح قوانين نافذة، يمكن بعدها أن يلجأ المعاقون إلى القضاء للمطالبة بإكمال التعليم الأساسي أو التظلم ممن يمنعهم من نيل حقوقهم الأخرى.

الصم استمعوا لطرح المحامية العريض في أناة، لكن بعد المحاضرة أبدوا الكثير من الاعتراضات، فأصحاب الاحتياجات الخاصة تقتلهم الطريقة الحكومية الرتيبة في معالجة الأمور. فالكثيرون منهم يعانون من البطالة، رغم أن بعضهم مؤهل تأهيلاً علمياً جيداً، وإحدى المعلمات اللاتي قدّمت دورةًً في الحاسوب لمجموعة من الصم النابهين، تقول إن أم أحدهم تتصل بها وتستجدي منها أي وظيفة، لأن ابنها يتحطم ويحترق كل يوم. وهو مطلبٌ كرّره الصم، وعلّقت عليه العريض بقولها في يأس: «إن أصحاب المؤهلات العليا أصبحوا يعانون من البطالة... فكيف بالصم؟»

إنهم يتطلعون إلى إنصافٍ من حيث فرص العمل والتعليم، ومطالبهم أقل بكثير من سقف الأمم المتحدة. يريدون توفير مترجم في الوزارات التي يتعاملون معها يومياً، كالصحة والعمل والتنمية والداخلية، لئلا يصرف لهم الطبيب دواءً خاطئاً بسبب خطأ في التشخيص، أو يسجّل الحادث المروري ضدهم لمجرد عجزهم عن الكلام لتوضيح ملابسات الحادث.

أكثر من مداخلةٍٍ للصم داخلها الكثير من العتاب، تعلقت بالمعونة المالية التي لا تغطي الاحتياجات الأساسية. وتمنّيت أنهم لم يقرأوا أن وزارة التنمية الاجتماعية نفسها هي التي عارضت رفع مخصصات ذوي الإعاقة من 50 إلى 100 دينار. أحد الضيوف الصمّ من الرياض، قال في مداخلته: «حين أرى ما يمرّ به إخواننا الصم في البحرين يرأف لحالهم قلبي».

ماذا لو فتحت بقية الملفات... من المكفوفين والحراك والتوحّد؟ حدّدوا لنا سقفاً وطنياً يضمن الحد الأدنى من الكرامة، ودعوا عنكم سقف الأمم المتحدة!

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2789 - الأحد 25 أبريل 2010م الموافق 10 جمادى الأولى 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 9 | 1:13 م

      ستراوية

      خلها على اللة يابو حسين احنا االلي 24ساعة نتكلم ما افتكرت فينا وزارة التنمية فما بالك بالاصم خلنا على رسم الجداريات احسن لنا واللة يكون في العون . تشكر استاذي الفاضل على هذا الموضوع.

    • زائر 8 | 9:13 ص

      مشكلة الخريجين الجدد

      قد اتفق معك في ان الخريجين الجدد بحاجة إلى إعادة النظر في مواقفهم. فلابد ان يعرفوا ان هناك جهات لا تريد توظيفهم بالمرة، وتضع الحجايج امامهم لمنعهم من التوظيف، وعليهم ان يعرفوا اللعبة. إذا طرحوا عليكم الالتحاق ببرامج اعادة التاهيلل اقبلوا، ترى هالخطة حاولوا بطبقونها علشان يطفشون الخريجين، اللي قبلوا الحين توظفوا، رغم مرارة الدراسة من جديد، والذين رفضوا مازالوا في البيت. مجرد رأي

    • زائر 7 | 3:08 ص

      14 نور :: إذا أردتم التغيير فإبدئوا يتغير الطغات الكبار في الحكومة

      إذا أردتم التغيير فإبدئوا يتغير من يعيثون في الأرض الفساد فما إن نغيرهم ستنفتح لكم و لنا أبوب الصلاح.

    • زائر 5 | 12:42 ص

      حد أدنى من الكرامة

      لقد القيت عليهم الحجة سيد قاسم..... حددوا لنا سقفاً وطنياً يضمن الحد الأدنى من الكرامة، ودعوا عنكم سقف الأمم المتحدة. ولكن هل المواطن العادي يتمتع بهذا الحد الادنى من الكرامة؟ ألم تسمع عن خبر وفاة احد النقابيين أثناء اعتصام تضامني مع المصرفيين المسرحين؟ ماذا بقي لنا في هذا البلد؟

    • زائر 4 | 12:25 ص

      خلهم يطبقو القانون البحريني

      اتفاقات وقوانين امم متحدة؟ خلهم يطبقون قوانين البحرين أول. القانون ينص على توظيف نسبة معينة من اصحاب الاعاقات في الشركات والمؤساات ، لكن من اللي يطبقه هالقانون؟ أين وزارة العمل وأين تمكين؟

    • زائر 3 | 12:23 ص

      معقولة؟

      معقولة هذا الكلام؟ الصم ما يتعلمون إلا إلى الصف الاعدادي؟ ليش؟ اللي نعرفه انهم ناس عاديين بس عندهم عدم قدرة على الكلام، وهذا لا يمنعهم من اكمال التعليم. فلماذا لا تزال وزارة التربية والتعليم لا تحقق هذا المطلب الأساسي؟

    • زائر 1 | 11:11 م

      الله يمهل ولا يهمل

      اذا كن مظلومين من حيث الوظيفه وتفضيل الاجنبي على المواطن الاصلى,طبعا المجنسون لا نعترف بهم ولا يمثلوا البحرين بنسبه لنا...
      الله يعين الصم والمكفوفين والمعاقين
      نعيش ف زمن التخلف

اقرأ ايضاً