رفض الحكومة للتعديلات الدستورية الجزئية التي تقدم بها مجلس النواب في نهاية الدور الثالث، يعتبر أمراً غاية في الغرابة حيث لم يكن متوقعاً للمراقبين، وقد أكد للسياسيين والدستوريين والقانونيين، المطلعين على طبيعة التعاطي الرسمي والشعبي في البحرين أن الأمور تسير بشكل غير متوقع.
هذا الرفض يأتي على خلفية إرادة تتناقض والإرادة الشعبية، ومغايرة لما تقوم على أساسه النظم الدستورية في العالم بأجمعه، فليس هناك نظام في العالم يحترم إرادة شعبه يقوم بإعمال الأدوات المانعة من تحقيق الإرادة الشعبية في حدود مرتكزات الدولة الأربعة التي تقوم عليها، الأرض والشعب والسلطة والسيادة.
هذه المرتكزات، يرتبط كل منها بالآخر، ويستقيم به، وكلما انفكت عرى الارتباط بينها كلما وقع المحذور واستشرت بواعث الخطر. في العالم كل العالم، وفي خصوص الأنظمة التي تحترم إرادة شعبها، فإن عمليه التعديل الدستوري تعتبر مسألة تؤكد على حضارية النظام ومرونته، و تكشف عن ضعف أو غياب نزعه الديكتاتورية فيه، كما تكشف من جهة أخرى أيضاً عن الجنوح للأخذ برأي الشعب « مصدر السلطات» في تطوير و تشذيب وثيقة التعاقد الاجتماعي السياسي المتمثل في الدستور الذي يحكم البلاد.
إن رفض الحكومة لهذه التعديلات، والذي أشار فيما جاء بين تضاعيفه و مبانيه، أن الوقت مبكر على إجراء التعديلات، إلا أن التبرير برفض التعديلات المتعلقة بأية مادة من مواد نظام المجلسين بأنه «لا يجوز» !! لم يكن متوقعاً لأنه يغلق جميع أبواب الأمل في إجراء أي تعديل، كما أن الردود والتسبيبات كانت لا ترقى لطبيعة المرحلة التي نعيشها في المملكة، وإنما نحت نحو التموضع بصورة انتقائية في توظيف كل ما يميل بها نحو الرفض والاعتراض على إجراء التعديلات الجزئية في الدستور.
وبالعودة لماجاء في رد الحكومة من أن « ما صدر عن الإرادة الشعبية الأصلية باعتبار أن ما صدر عن سمو أمير البلاد في هذا الشأن – في ذلك الحين – من التصديق على ما تم الاستفتاء عليه من تعديلات تضمنها ميثاق العمل الوطني المشار إليه، يعد في حقيقة الأمر وواقع الحال تنفيذاً لهذه الإرادة الشعبية الممثلة للسلطة الأصلية وليس إنشاء أو تعديلا من سلطة أخرى مغايرة لها « يتضح مدى خطورة هذا النمط من التأصيل المفرغ لجوهر مفهوم التمثيل الشعبي المتمثل في اختيار نوابه في نظام ديمقراطي تمثيلي، يقوم على أساس اختيار الشعب لممثليه في العملية السياسية.
ويقود هذا «النمط التأصيلي» إلى تفريعات لا أول لها ولا آخر، وكأنها لعبة «السلَم والحية» فكلما قاد الحظ إلى سلَم يرتقي به اللاعب، يقوده حظ عاثر لحية تبتلعه وترمي به في الدرك الأسفل... وكأن المعطيات والوقائع الناجزة على أرض الواقع ضرباً من ضروب اللعب بمصالح الشعب بمعيار الحظ والنصيب !!
إن ما يختفي وراء الرفض الحكومي لهذا التعديلات الجزئية هو أنها تلعب على أساس تسبيبات تهدف أولاها إلى: كسب الوقت على حساب مصالح الشعب، و الإبقاء على هيمنة السلطة التنفيذية على عملية التشريع لفترات زمنية أطول، تكفل لها الإمعان في تعقيد المكون السياسي والاقتصادي والاجتماعي المفضي لتفريغ مفهوم سيادة الشعب من محتواه، لصالح السلطة أو حكم النخبة.
وثانيها: تهدف إلى الانقلاب على استشرافات المستقبل في ميثاق العمل الوطني، والذي جاء فيها التالي:
إن ميثاق العمل الوطني قد توافق الجميع على محتواه حكومة وشعباً، وأخذا في الاعتبار أنه يمثل وثيقة عمل مستقبلية للبلاد، وان تفعيل الأفكار الأساسية الواردة فيه تتطلب بعض التعديلات الدستورية، فإنه يلزم لذلك ما يلي:
أولا: مسمى دولة البحرين: يقرر التعديل الدستوري التسمية الرسمية لدولة البحرين بناءً على الطريقة التي يقرها الأمير وشعبه.
ثانيا: السلطة التشريعية: تعدل أحكام الفصل الثاني من الباب الرابع من الدستور الخاصة بالسلطة التشريعية لتلائم التطورات الديموقراطية والدستورية في العالم وذلك باستحداث نظام المجلسين، بحيث يكون الأول مجلساً منتخباً انتخابا حراً مباشراً يختار المواطنون نوابهم فيه ويتولى المهام التشريعية ، إلى جانب مجلس معيّن يضم أصحاب الخبرة والاختصاص للاستعانة بآرائهم فيما تتطلبه الشورى من علم وتجربة.
وتصدر القوانين على النحو الذي يفصله الدستور وفق النظم والأعراف الدستورية المعمول بها في الديمقراطيات العريقة. فإين منها الممارسة اليوم من منطوق ما جاء في ميثاق العمل الوطني؟
وأخيراً، تهدف ثالثها إلى تكريس فاضح لأغرب نظام نيابي على مستوى العالم، حيث تعلو سلطة الغرفة المعينة والتي تمثل السلطة، سلطة الغرفة المنتخبة التي تمثل الشعب في تركيب لم نرَ مثيلاً له في العالم في ألفيته الثالثة.
إقرأ أيضا لـ "هادي حسن الموسوي"العدد 2788 - السبت 24 أبريل 2010م الموافق 09 جمادى الأولى 1431هـ
إقرأ ثم إقرأ ثم إقرأ
الزائر رقم رقم،،، صباااااااح الخير
هل قرأت مقال نقلة نوعية في القضاء البحريني؟؟
إقرأه وقل ما تشئت...
بحراني
سر يا ابا حسن في مطالبتك بالحقوق ولا عليك بمن ينتقص من اسهاماتكم ، والمسايرة هي ان ابقى في المنزل ولا اتعلم ولا اتدخل في الشئون الرسمية ! " بخصوص زائر رقم واحد "
سكت دهراً ونطق كفراً
اليس انته من كتب عن نزاهة القضاء في البحرين وكنت من المطبلين للقضاء والنظام القضائي .. كفاكم مسايرة وتلميع في القضاء الظالم .. فها هو قد أصدر أحكامة مره اخرى ضد معتقلي كرزكان .. وكونوا للظالم خصماً مو كونوا للظالم مطبلين ومصفقين وطباله