بإشراق شمس اليوم يكون والدي - رحمه الله - قد أكمل أسبوعا بالتمام على رحيله من هذه الدنيا، ومع مرور هذا الوقت على فقد أعزِ عزيزٍ على القلب والنفس، لا يجد الإنسانُ نفسه إلا وهو يسترجع تلقائيا سيلَ الذكرياتِ التي جمعته مع من أحبَّ وفقد.
والدي، عاش حياته بسيطا، بساطة أهل البحرين الذين لم يريدوا أن يحملوا من حطام الدنيا الفانية شيئا، لكنهم حرصوا أشد الحرص على أن يكنزوا الخير وحب الآخرين، لذلك كان - رحمه الله - لا يدخر وقتا ولا جهدا ما استطاع سبيلا لتقديم النصح والوصايا لنا في جميع محطات حياتنا، لأن نعملَ معَ الناسِ ومن أجلَهم.
أذكر انه ما إن علم بأنني سأعمل مع «الوسط»، قال لي موصيا « اكتب ما ينفع الناس»، وها هي كلماته ترن مجددا في أذني بعد أن غادرنا راضيا مرضيا إلى صاحب الجود والكرم.
حقيقة لا اعلم إذا ما قد لزمت ما أوصاني به والدي طوال عملي القصير في الصحافة، لكنني اليوم وصاعدا، على يقين أن الدنيا، بكل ما فيها لن تعدل لذة وسعادة عندي، كذلك الحبور الذي سأجده عندما أساهم في رد مظلمة أو في قضاء حوائج الناس.
اليوم زاد يقيني في أن «أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم»، كما رسخ عندي أننا في كل موقع في هذه الحياة إنما سنُذكَرُ لا بعلوِ مناصبنا ولا بمقدارِ ثرواتنا، ما سيبقى لكلٍ منّا هو عمله الصالح ومدى شغفه بقضاء حوائج الناس، مادام في موقعٍ يؤهله لذلك.
أيضا، كان والدي يتحسرُ ويلفظُ الآه تلو الآه، وهو يرى الأرضَ والبحرَ قد سُلبا من أهل البحرين، وكان لا ينفكُ يردد «إياكَ وظلمَ الناسِ، فإن دعوةَ المظلومِ مستجابةٌ، ولابد أن يأتيَ اليومُ الذي ترى فيه فعل الله ماضٍ في كلِ من جارَ وظلمَ وأهلك النسلَ والحرثَ في هذه الأرض الطيبة».
وكان يقول لنا في بعض الأحايين إن كل إنسان كبرَ شأنهُ أو صغرَ، قلّ مالهُ أو كثرَ، ماضٍ ومولٍّ عن هذه الأرض، ومهما اقتطع من أراضي البسطاء أو أوغلَ في كنزهِ للمالِ والأرصدة في الدنيا، وأقصى الأصيلَ، وقرّب البعيد، فإن حفرة صغيرة هي كل ممتلكاته بعد رحيل روحه، ولن يدّخر إلا ما عملت يداه في الدنيا زادا لأخراه، فهنيئا لمن فطن لذلك قبل أن يفوت الفوت.
أيضا كان والدي يتناهى إليه كل الضجيج الذي نسمعه اليوم عن أملاك الدولة، وقد سألني مرة ببساطته عما إذا كانت الأراضي سترجع للناس فعلا، وحقيقة كنت متفائلا حينها وأجبته بإمكانية إرجاع بعضها، لكن حديثي فيما بدا لي لم يكن مقنعا له، ويبدو انه بسجيته وسنوات عمره الستين كان أدرى وأكثر إدراكا لما قد تؤول إليه الأمور في ملفٍ كهذا!
مضى والدي إلى ربه الكريم، وأفجعَنَا بفراقه إيانا، لكنني سأحتفظ بوصاياه سلوة لنفسي، وسأظل أرجو الله أن يجعلني ممن ينفع الناس، وممن لا يظلمهم، وممن يجعل همّه قضاء حوائجهم، ما استطاع لذلك سبيلا.
رحمك الله يا والدي، ورحم الله كل من عاش حياته يرجو الخير للبحرين وأهلها بكل قراها ومدنها وشعبها الأصيل الطيب.
إقرأ أيضا لـ "حسن المدحوب"العدد 2785 - الأربعاء 21 أبريل 2010م الموافق 06 جمادى الأولى 1431هـ
خالد المطوع
أخي العزيز،
عظم الله اجركم ورحم الله والدكم وادخله فسيح جناته.
اسمح لي لم أعلم إلا منذ قراءة المقال.
إنا لله وإنا إليه لراجعون
رحم الله أباك
رحم الله أباك الطيب الصالح وأسكنه فسيح جناته، صدق من قال "ما مات من خلف". ها أنت تخطو خطى ابيك وتنتهج نهجه عن طريق تنفيذ وصاياه.
عندما بدأت’ بقراءة جريدة الوسط كنت’ أمر’ على عناوين الأعمدة مرور الكرام إلا أنني اصبحت’ أقرأ معظم الأعمدة وعلى وجه الخصوص عمودك وعمود الكاتب عقيل ميرزا لأن فيما تكتبان ما يخفف من آلامنا وحرقة قلوبنا، فجزاكم الله خير الجزاء وسدد خطاكم لما فيه صلاح الناس
ونعم الاب الله يرحمه برحمته
كلامك صحيح كم كان ابوك شخصيه واقعيه وكم كان شخصيه ذات علاقه قويه مع المحطين به لقد كان قنوعا كثير ا لقد احبه اهل القريه كثير لقد كان مشاركا فى افراحهم واحزانهم وانتم خير خلف لخير سلف انت واخوانك اناس محترمين جدا فى المنطقه اناس طيبين الى اخر درجه اخلاقكم كبيره والبسمه شعاركم وهذا اكيد راجع الى تربيتكم الصالحه من انسان صالح احب الخير للجميع ورحل من الدنيا ما يملك غير السمعه الحسنه والدريه الصالحه وهى انتم ... الله يرحمه برحمته ومثواه الجنه .. عن عائله بن شعبان قريه الخميس ( شمال )
عبدالله
الله يرحم والدك . لكن اشوف صارت الجرائد علشان افراد يكتبون على كيفهم . ابي.. امي .. خالي ..ويربطون دائماً كتابتهم بالحق والوطن وغيره .جرايد غريبة
رحمك الله يا ابا جابر
رحلت من الدنيا يا ابا جابر ولكنك تركت فيها هذه الابناء الصالحة البارة بك وهذا في ميزان حسناتك انشاء الله ،وفقك الله يا حسن وسدد خطاك وجعلك الله من البارين بالوالدين والذابين عن المظلومين ،وهذه الوصايا ليست لك وحدك انشاء الله بل هي لنا ايضا فلقد كان والدك البسيط والدنا ايضا فرحمه الله واسكنه فسيح جناته ،اتمنى لك كل الخير ياحسن ونحن نحتاج الى هذه الاقلام المخلصة ، بسم الله الرحمن الرحيم وبشر الصابرين اللذين اذا اصابتهم مصيبة قالوا انا لله وانا اليه راجعون صدق الله العلي العظيم
نعم كما قلت
ابعدتنا الاسكان عن موطننا في البلاد القديم نوعما ولم التقى بالراحل سوى ما نذر من الزمن
اعرفه جيدا من صغري . طيب وخلوق وكما قلت انت
كان راض كل الرضى بما قسم الله متواضع لآخر حد.
لكم ان تفخرو باب مثله واتمنى ان يكون لكم قدوه في كل الاشياء الحسنه
رحمه الله واعانكم على فراقه وجعلكم خير خلف لخير سلف . حسن علي ابو محمود