العدد 2776 - الإثنين 12 أبريل 2010م الموافق 27 ربيع الثاني 1431هـ

مرونة النعيمي السياسية والحزبية والفكرية

عبدالله جناحي comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

قررت اللجنة المركزية بتنظيم (وعد) إصدار الأعمال الكاملة للمناضل عبدالرحمن النعيمي، حيث تشتمل على جميع ما كتبه النعيمي من دراسات ومقالات سياسية وفكرية.

وقد قام الفريق المكلف بتجميع وتوثيق التراث السياسي والحزبي والفكري للنعيمي بانجاز الجزء الأول منها والذي سيتضمن الدراسات والمقالات التي نشرها عبدالرحمن النعيمي في نشرة 9 يونيو/ حزيران التي كانت تصدرها الجبهة الشعبية لتحرير عمان والخليج العربي، ونشرة 5 مارس/ آذار التي كانت تصدرها الجبهة الشعبية في البحرين، ونشرة الأمل التي كانت تصدرها كل من جبهة التحرير الوطني البحرينية والجبهة الشعبية في البحرين.

ولقد أشار عبيدلي العبيدلي في مداخلته التي قدمها في الندوة التي أقامتها جمعية وعد بمناسبة مرور ثلاث سنوات على الاستراحة القسرية للرفيق أبو أمل شافاه الله إلى مجموعة من الاختلافات في الرؤى السياسية والتنظيمية بينه وبين النعيمي، وحيث لم يكن الرفيق ابوامل حاضرا بسبب مرضه حتى يوضح مدى دقة وصحة ما طرحه الأخ عبيدلي وترك صوابيته للتاريخ، فان انسب توضيح قادر على دحض كل ذلك هو كتابات النعيمي، وخاصة بأنها تكشف التطور والتغير الفكري والسياسي للنعيمي عبر المحطات السياسية التي مرت بها البحرين والوطن العربي، حيث تكشف هذه الكتابات الحقائق التالية:

أولا: عبدالرحمن النعيمي كان ولايزال قائدا وزعيما وطنيا ليس على الصعيد البحريني بل في معظم المحافل العربية للمعارضة السياسية، حيث كان صوته مسموعا ومقدرا وكان محل إجماع في أطروحاته القومية والوطنية. ولم يكن هناك أي تعارض بين أن يكون النعيمي قائدا لتنظيم سياسي وفي نفس الوقت أن يكون قائدا وطنيا حسب أطروحة العبيدلي، فالتاريخ العالمي والعربي والبحريني يؤكد ان معظم الزعماء الوطنيين كانوا قيادات على رأس أحزابهم، كعبدالناصر وبن بيلا ومانديلا وعبدالرحمن الباكر الذي كان زعيما وطنيا ورئيسا لأول حزب بحريني تأسس في الخمسينيات من القرن الماضي.

ثانيا: عبر كتابات النعيمي يتضح مدى المرونة الفكرية والسياسية لهذا القائد، حيث كان يغير موقفه حسب المستجدات الدولية والإقليمية والمحلية التي كانت تفرض نفسها على الواقع، وكان كثير المراجعة الفكرية والحزبية، ولذلك لم يكن صحيحا ما طرحه العبيدلي بان النعيمي كان مخلصا حتى النهاية لماركسيته ولإيمانه بان الطبقة العاملة وحدها فقط قادرة على التغيير وبالحزب اللينيني الحديدي، وهي نقاط الاختلاف التي كشفها عبيدلي. فلقد كان النعيمي جدليا في أفكاره ولم يكن قط صنميا متمسكا بأيدلوجية واحدة وكان مؤمنا بنسبية الحقائق والأفكار والأيدلوجيات، وكان يسترشد بكل العلوم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وبكل جديد من النظريات. ولذلك تكشف دراساته ومواقفه بأنه كان مبادرا في تغيير قناعاته لضرورات النضال وبوصلته الوحيدة مصالح شعبه وأمته العربية وقضية العرب الأولى المتمثلة بفلسطين.

فعلى الصعيد الفكري كان النعيمي ثوريا حتى النخاع ومؤمنا بالعنف الثوري والكفاح المسلح وما لبث وأمام التحولات السياسية الكبيرة أن تحول إلى وطني ديمقراطي يطالب بالمشاركة السياسية وبالشرعية الدستورية، وبعد حل المجلس الوطني في العام 1975م طالب بعودة المجلس الذي كان قد قاطعه ورفض الاعتراف به وطالب بتفعيل دستور 1973م، وبعد انتصار الثورة الإسلامية الإيرانية وبروز الحركات الإسلامية المعارضة كان شديد الإيمان بتحالف وطني إسلامي يستنهض قوى المجتمع وجميع طبقاته وليس فقط الطبقة العاملة!.

وبعد عودته من المنفى كان المبادر الأول في دعوة جميع الوطنيين والديمقراطيين بتشكيل جمعية سياسية جامعة تحتضن الشيوعي والناصري والقومي والإسلامي المتنور واللاطائفي والمستقل والبعثي، وهذا ما بذل فيه من الجهد الكثير إلى أن تأسست جمعية (وعد) التي احتضنت كل هذه الأطياف ولذلك فلقد قام النعيمي بتعويم الايدلوجيا حزبيا واعتبر كل من يؤمن بالمبادئ الوطنية والديمقراطية وبالعدالة والمساواة والحرية والديمقراطية والحقوق ومساواة المرأة بالرجل وبمحاربة الفساد والطائفية له حق الانضمام لحزب (وعد) وليس فقط الماركسيين.

ثالثا: لم يكن صحيحا ما طرحه العبيدلي بان النعيمي وقف عكس موقفه بشأن وحدة العمل الحزبي الخليجي، حيث وافق على الاستقلال التنظيمي لفروع الجبهة الشعبية، فدراساته تكشف بان هناك ضغوطات وتحولات جذرية حدثت وبالأخص لدى العمانيين بعد تراجع الثورة العمانية في الربع الأول من سبعينيات القرن الماضي عندما تمكن الجيش الإيراني الشاهنشاهي والجيش الأردني والبريطاني من دحر الثوار وتقليص الأراضي العمانية المحررة، الأمر الذي فرض على العمانيين التفكير نحو العمل السياسي كأولوية بدلا من العمل العسكري، إضافة لفرض الدويلات القطرية الخليجية نفسها بعد الاستقلالات التي حدثت لهذه الإمارات الخليجية ولأسباب أخرى. ومع ذلك تكشف دراسات النعيمي بأنه وحتى آخر مقال كتبه كان شديد الإيمان بان مستقبل هذه المنطقة وقوتها واستقرارها واستقلالها الوطني الحقيقي لن يتحقق إلا بالوحدة الخليجية كمعبر للوحدة العربية، وكان مؤمنا ومثابرا في تحقيق إيمانه هذا بضرورة تكامل ووحدة القوى الديمقراطية الخليجية.

رابعا: رغم مرونة النعيمي وتحولاته الفكرية والحزبية والسياسية إلا أن دراساته تكشف بأنه كان منذ الستينيات ولغاية مرضه - شافاه الله - متمسكا بثوابت لم يتنازل عنها أبدا أهمها الشرعية الدستورية للأسر الحاكمة وإلا فلا اعتراف ولا شرعية لها، الدفاع عن الكادحين والعمال والفقراء وصغار الموظفين والمرأة والشباب وتحقيق جميع حقوقهم المشروعة، وحدة الصف الفلسطيني كطريق أساس لانتصار الثورة الفلسطينية، وحدة الشعب العربي عامة والشعب الخليجي، بجانب المبادئ الديمقراطية والوطنية التي رسخها في البرنامج السياسي لتنظيم وعد.

إقرأ أيضا لـ "عبدالله جناحي"

العدد 2776 - الإثنين 12 أبريل 2010م الموافق 27 ربيع الثاني 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 3:40 ص

      إلى عبيدلي - نفي الآخر - هل تيقنت ام ذاك وهم

      الرقص على الماضي القريب الذي اختطف من مجموعة طلابية لا شأن لها في الحياة الداخلية لتنظيم الجبهة الشعبية ومنهم أمينك العام حتى اؤلئك الذين ابيضت شعورهم لا علاقة لهم بالحياة الداخلية للجبهة بقدر العبيدلي وزوجته وأخوه كعناصرمركزية في الحسم والقرار فعبيدلي لا يحتاج تزكية منك أو من غيرك لأن معاصريه والذين عايشوا تلك المرحلة من قيادات الجبهة الشعبية الذين تتجنبهم أنت وزملائك من الطلبة لا يزالون أحياء كنت أتمنى لو رفض العبيدلي المشاركة في تلك الأمسية وكان على العبيدلي عدم نفي الآخرين ولكنه توهم

اقرأ ايضاً