العدد 2770 - الثلثاء 06 أبريل 2010م الموافق 21 ربيع الثاني 1431هـ

آفاق العلاقات الهندية الأميركية (1)

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

يصل وزير الخزانة الأميركي تيموثي جيثنر إلى الهند كي يطلق برنامج «الشراكة المالية والاقتصادية الأميركية الهندية» مع نظيره الهندي براناب مكرجي، التي سوف تركز، كما يقول مسئولون في الخزانة الأميركية على «البنية الأساسية والاستثمار المالي والاستقرار الاقتصادي»، من أجل «تأسيس حوار متين بين البلدين».

ويرى مسئولون أميركيون آخرون هدفا آخر يقف وراء هذه الزيارة وهو «خلق توازن للعلاقات الصينية الأميركية». وكما هو معروف تتوزع العلاقات الأميركية الهندية على ثلاثة محاور أساسية: الأول اقتصادي والثاني عسكري والثالث سياسي.

فعلى المستوى الاقتصادي، وإذا ما بدأنا بحجم التبادل التجاري بين البلدين فسوف نجد، أنه وإن كان أقل حجما من ذلك الذي بين الولايات المتحدة والصين، لكنه بلغ في العام 2008 إلى نحو 40 مليار دولار.

أهمية هذا الرقم تتضاعف إيجابيا لصالح الهند، حينما ندرك أن الصين، كما تعترف بذلك بيانات وزارة التجارة الصينية «تعاني من عجز تجاري كبير مع الهند، تجاوز 1.75 مليار دولار خلال العام 2004، عندما بلغ حجم التجارة بين البلدين خلال عام نحو 13.6 مليار دولار أميركي».

وكان هذا من أحد الأسباب الرئيسية التي تجعل الولايات المتحدة تولي أهمية كبيرة للسوق الهندية، وخاصة أنه قد يصل إلى 43 مليار دولار في العام 2009. يتوافق ذلك مع كون السوق الأميركية كما يقول سفير الهند السابق بواشنطن أرانداتي جوز، «أكبر سوق للخدمات الهندية».

ويبدو أن أرانداتي جوز يشير هنا إلى قطاع تقنية الاتصالات والمعلومات، الذي حققت الهند فيه طفرة واسعة يشهد لها بها الجميع، وكما يقول موقع «النور» على الإنترنت بأنه بعد أن «حققت الشركات الهندية النجاح والشهرة المطلوبين، وتمكنت الحكومة من تأهيل آلاف المهندسين والخبراء، دخلت الصناعة المعلوماتية الهندية مرحلة جديدة، إذ بلغت صادرات الهند من البرامج وخدمات الكمبيوتر في العام 2002 نحو 7.7 مليارات دولار. وفي حال استمرار نمو هذا القطاع كما هو مخطط له، فسيصل هذا الرقم إلى نحو 58 مليار دولار بحلول العام 2008، إذ تجاوز معدل نمو هذه الصناعة خلال السنوات العشر الماضية نسبة 40 % كل سنة. ويُذكر أن حصة السوق الأميركية الشمالية من هذا الإنتاج تزيد على النصف، فيما تحتل السوق الأوروبية المركز الثاني، تليها جنوب آسيا وبضمنها اليابان وكوريا الجنوبية».

أهمية هذا القطاع مسألة يشير لها بالتفصيل كتاب «ديناميات القوى الآسيوية الجديدة» (The New Asian Power Dynamic)، من تأليف «مهاراجاكريشنا راسغوترا» (Maharajakrishna Rasgotra)، كما تلقي عليها عروض محتويات ذلك الكتاب الكثير من الأضواء، وعلى جوانب متعددة من واقع وآفاق العلاقات الهندية – الأميركية على المستوى الاقتصادي.

وقد نشر موقع صحيفة «الجزيرة» السعودية عرضا مطولا لمحتويات ذلك الكتاب جاء فيه «إن الارتباطات الاقتصادية بين الهند وأميركا بدأت تتعاظم، إضافة إلى وجود مناظرات في أميركا حول توكيل أعمال تقنية المعلومات من الشركات الأميركية إلى الهند، ولكنه يقول إن الشركات الأميركية تدرس جديا جعل الهند قاعدة تصنيع بديلة لها من أجل إحداث توازن نوعي مع الصين».

وهناك بعض العوالم الخاصة التي توفر لهذه العلاقة الكثير من مقومات النجاح، تنقل بعضا منها وكالة أنباء رويترز على لسان أستاذ السياسة والاقتصاد الهندي في جامعة كولومبيا بنيويورك أرفيند باناجاريا، حيث يشير إلى أن «العلاقات الاقتصادية (الأميركية) مع الهند يقودها بدرجة كبيرة رجال الأعمال ولاعبون من القطاع الخاص. وكهدف رئيسي لها العلاقة وتطورها ينبغي بحث كيف يعطي القادة إشارات أفضل بشأن السياسة للقطاع الخاص».

وتستطرد (رويترز) في وصف ما يريده الأميركيون، من الهند، فترى أن هناك «إمكانية سبل زيادة مشاركة الشركات الأميركية في تلبية حاجات البنية التحتية الضخمة للهند والتي يقدرها المحللون بما يصل إلى تريليون دولار».

وبخلاف دول آسيوية كثيرة أخرى، مثل الصين، أو حتى اليابان، تتمتع العلاقات الاقتصادية الهندية - الأميركية بمظاهر صحية مؤطرة، فإلى جانب احتمالات نمو التبادل التجاري بينهما الذي يتوقع له أن يصل بينهما إلى ما قيمته نحو 43 مليار دولار، من دون ديون أميركية، هناك «المنتدى الأميركي ـ الهندي للمديرين التنفيذيين»، الذي تأسس في العام 2005، والذي أخذ على عاتقه تأطير وتطوير العلاقات الاقتصادية بين البلدين، كما أن هناك العديد من الأميركيين المنحدرين من أصول هندية ممن يحتلون مناصب تنفيذية عالية في شركات أميركية عملاقة مثل الرئيسة التنفيذية لشركة بيبسي، اندرا نويي.

بالقدر ذاته هناك الشركات الأميركية العملاقة أيضا، مثل شركة أميركان إكسبريس التي أنشأت لنفسها مركز اتصالات متقدم منذ العام 1993 في الهند، اتبعته بنقل مراكزها ذات العلاقة إلى الهند أيضا، بعد أن وجدت أن كفاءة أداء المراكز الهندية أفضل من تلك الأميركية، وبكلفة أقل.

وخلال الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء الهندي مانموهان سينغ إلى واشنطن في العام 2009، وكان حينها أول رئيس دولة يزور الولايات المتحدة بعد نجاح باراك أوباما في انتخابات البيت الأبيض.

خلال تلك الزيارة، أعلن أوباما «أن العلاقات بين البلدين ستكون من العلاقات التي ستصوغ القرن الحادي والعشرين، معربا عن أمله في أن يتمكن البلدان من مساعدة الانتعاش الاقتصادي العالمي، باعتبارهما اقتصادين رئيسيين، إذ تستطيع الولايات المتحدة والهند (حسب أوباما)، تعزيز انتعاش الاقتصاد العالمي وتعزيز التجارة التي تخلق فرص عمل للشعبين ودفع النمو الاقتصادي المتوازن والمطرد».

وتشكل الجالية الهندية في الولايات المتحدة رصيدا اقتصاديا لا ينبغي الاستهانة به، حيث وصل عدد أفرادها، حسب مصادر رسمية هندية «أكثر من مليوني شخص من أكثر الجاليات تعليما وتأثيرا وحضورا ومشاركة في مختلف الأنشطة الاجتماعية والثقافية بالمقارنة مع الجاليات الأخرى».

وتتجاوز آفاق العلاقات الاقتصادية الأميركية الهندية البلدين ذاتهما كي تشمل سعيهما المشترك لإصلاح أوضاع اقتصادية في بلدان أخرى مثل الصين. هذا ما يشير له الباحث في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، ومقره واشنطن، أرفيند سوبرامانيان، حيث يقول بكل وضوح: «هناك قضية واحدة كبيرة قد تكون ذات اهتمام مشترك بين الولايات المتحدة والهند... سعر الصرف الصيني، فسعر الصرف الصيني، المقدر بأقل من قيمته الحقيقية، يؤثر على اقتصادات الأسواق الناشئة، مثل الهند، بأكثر مما يؤثر على الولايات المتحدة».

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2770 - الثلثاء 06 أبريل 2010م الموافق 21 ربيع الثاني 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 2:41 م

      ونحن

      شكر ياستاذ على الموضوع المفيد و حبذا لو تنيرنا اذا كان العرب لهم نفس التحركات الاقتصادية مع الهند. منذ الاف السنين و العرب يتعاملون و يتاجرون مع الهند و الان نجد ان امريكا البعيدة جغرافيا اصبحت اقرب الى الهند ونسبة التداول الصناعى و الاقتصادي و المهني و حتى العلمي, يبدو لي قد فاق حجم الدول العربية مجتمعين. اين نحن من الوضع القائم الان؟
      رياض خميس

    • زائر 1 | 9:21 م

      الكل يبحث عن طرف وقطب آخر للتمسك به .. ماذا عنا نحن

      شكرا للأستاذ عبيدلي .. الشاهد أن الكل يهرول للتمسك بقطب معين لتوثيق مصالحه وأهدافه لماوراء المحيطات والعابرة للقارات إلا نحن إجتمعوا للتشاور علينا لنهب ثرواتنا والتاريخ يشهد بأن خلال قرنين من الزمان وهناك رؤية إستراتيجية لنهب الثروات في المنطقة العربية .. حتى الشرذمة المتشرذمة أصبحت تقدح في لغة القرآن اللغة العربية وإستبدلتها باللغة الأجنبية ... أين هم رواد العلوم مما يحصل لنا من نهب مبرمج ونهب لملكات العقول ..مع تحيات (ندى أحمد)

اقرأ ايضاً