«إن أموال المخدرات حافظت على بقاء النظام المالي قائما إبان ذروة الأزمة الاقتصادية العالمية... إن معظم أرباح تجارة المخدرات، التي يصل حجمها سنويا إلى 352 مليار دولار أميركي، تم استيعابها في النظام الاقتصادي، وإن عائدات الجريمة المُنظمَة كانت السيولة الاستثمارية الوحيدة المتاحة لبعض المصارف التي كانت على حافة الانهيار في العام 2008 والعام الذي تلاه».
هذا النص ينقله الكاتب العربي المتخصص بالاقتصاد محمد كركوتي، على لسان رئيس مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة أنطونيو ماريا كوستا، كي يكشف عن بعض مصادر جرائم غسيل الأموال من جهة، ويثبت أن هذه الجريمة، بخلاف الجرائم الأخرى، لم تعد تعتمد على شخص هنا أو مجموعة من الأفراد هناك، بل تطورت، ومنذ تسعينيات القرن الماضي، كي تتحول إلى مؤسسة عالمية تنتسب إلى عضويتها جهات، مثل تلك المصارف التي أشار لها ماريا كوستا، والتي كان من المفترض أن تكون في مقدمة من يحاربون هذه الجريمة. حقيقة مرة قد تقود إلى التشكيك في مصداقية، وشفافية المؤسسات المالية المركزية محلية كانت أم دولية.
ورغم أن البعض يرجع تاريخ بروز هذا المصطلح إلى ثلاثينيات القرن الماضي، ويربط بينه وبين عصابات المافيا، عندما كانت تحاول إضفاء الشرعية على ما كانت تحصله من أموال مصدرها جرائم الابتزاز السياسي، وتهريب المخدرات وتجارة الرقيق الأبيض، أو حتى مساعدة المؤسسات أو الإفراج ممن يحاولون التملص من دفع الضرائب، لكن هناك من يربط بين معاودة بروزه مجددا وبين فضيحة «ووترغيت» في العام 1973 وبطلها الرئيس الأسبق للولايات المتحدة ريتشارد نيكسون. يبقى هناك شبه إجماع على أن اتفاقية فيينا 1988
الصادرة عن الأمم المتحدة، تشكل نقطة الانطلاق التاريخي لمحاربة هذا النوع من الجرائم في العصر الحديث.
هذا على صعيد المواجهة، أما على صعيد التعريف، فهناك الكثير من المصادر التي الأخذ بالتعريف الأوروبي المقر العام 1990 على اعتبار أنه، حسب تلك المصادر، الأفضل والأكثر شمولية، حيث تعتبر اللجنة الأوروبية عمليات غسيل الأموال كل ما ينجم عن «تحويل الأموال المتحصلة من أنشطة جرمية بهدف إخفاء أو إنكار المصدر غير الشرعي والمحظور لهذه الأموال، أو مساعدة أي شخص ارتكب جرما ليتجنب المسئولية القانونية عن الاحتفاظ بمتحصلات هذا الجرم».
ويستغرب الكثير منا من مستوى الاهتمام الدولي بجريمة غسيل الأموال، وحملات التوعية التي ترافق ذلك الاهتمام، وعدد الدول المنضوية للعمل تحت مظلة الاتفاقيات التي تنظم مواجهة تلك الجرائم. لكن ذلك الاستغراب يتلاشى حين نطلع على حجم الأموال المتداولة في هذه الجريمة ونسبتها العالية نسبيا من حجم التجارة العالمية، بل وحتى الحيز الذي تحتله في الاقتصاد العالمي، إذ يقدر تقرير رسمي صدر في العام 2009 عن وزارة الخارجية الأميركية ورفعته للكونغرس «حجم تجارة غسيل الأموال وصل إلى 3.61 تريليونات دولار وهو أكبر من الميزانية الأميركية الراهنة وما يعادل 5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للاقتصاد العالمي».
ويحذر التقرير كما أوردته صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية من أن «غسيل الأموال تضاعف بشكل صاروخي على مدى العقد السابق بعد أن كان يبلغ 300 - 500 مليار دولار في العام 1997»، تجاوز التريليون دولار بحلول العام 2007، ويرجع التقرير سبب ذلك إلى تزايد «استخدام المعادن النفيسة والأحجار الكريمة لغسيل الأموال ونقل القيمة وتمويل الإرهاب».
وتتفاوت حصة كل دولة في تلك الأرقام، وتأتي دولة مثل روسيا، بعد سقوط الاتحاد السوفياتي التي تنشط فيها عصابات جرائم غسيل الأموال المنظمة، وتقدر بعض المصادر وجود «نحو 80,000 مجموعة تعمل في هذا المجال، تسيطر على قرابة 40,000 مؤسسة مالية في روسيا».
وكما تقول بعض المصادر الإعلامية الأميركية فإن «أموال المافيا الروسية يجري غسيلها عن طريق بنكين في الولايات المتحدة الأميركية وتبلغ قرابة 15 مليار دولار على الأقل».
ولا يقتصر الأمر على روسيا، ففي دولة مثل سويسرا، التي تعتبر من الحصون المالية الآمنة، وطبقا لإحصاءات الهيئة السويسرية لمحاربة غسيل الأموال، فقد «بلغ حجم تجارة غسيل الأموال في سويسرا خلال العام 2007، ما يربو على 921 مليون دولار مقارنة مع 780 مليون دولار في العام 2006، بزيادة نسبتها 13 في المئة.
وكشفت وحدة المخابرات المالية البلجيكية، أنه خلال الفترة 1993-1998 تم ما يربو على 1416 قضية غسيل أموال أحيلت إلى القضاء بقيمة 3.9 مليار دولار».
ولا تخلو القائمة من بعض الدول العربية مثل مصر، فقد كشفت دراسة أعدها الخبير المصري عبدالفتاح سليمان ونشرتها صحيفة «نهضة مصر» في العام 2009، بأن «حجم غسيل الأموال في مصر يصل إلى نحو 5 مليارات دولار»، وبأن «البورصات الجديدة في الدول الناشئة تعد المكان الأكثر تفضيلا من قبل عصابات غسيل الأموال لتبييض أموالهم عبرها».
أما على الصعيد العربي العام، فقد أكد المركز العربي للدراسات المالية والمصرفية أن «نصيب الدول العربية (قد بلغ في إحدى السنوات) من غسيل الأموال إلى ما يقدر بنحو 100 مليار دولار».
وهناك طرق عديدة تسهل جرائم غسيل الأموال، غالبا ما يلجأ من يقف وراء تلك الجرائم البشعة، إلى واحدة أو أكثر منها وفقا لطبيعة الأموال المطلوب غسلها، أو قوانين وأنظمة البلاد أو المنطقة التي تكون المسرح الأفضل لتلك الجريمة، والأقل خسارة التي يمكن أن يتكبدها أولئك المجرمون، يمكن أن نذكر أهمها على سبيل المثال لا الحصر، فهناك التسهيلات المصرفية، إلى جانب مؤسسات الاستثمار، مع عدم إغفال إمكانية الاستعانة ببعض الأفراد ممن يتمتعون ببعض أشكال الحصانة نظرا للمناصب التي يشغلونها. ولا ينبغي أن ننكر الدور المميز للتحويلات الإلكترونية، وخاصة تلك التي تتم عبر الإنترنت، التي سهلت كثيرا عمليات تحرك الأموال على المستوى العالمي.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 2763 - الثلثاء 30 مارس 2010م الموافق 14 ربيع الثاني 1431هـ
14 نور
غسيل الأموال مسمى أطلقته لجنات تحقيقية أما غسيل الأرواح والنفوس وتغسيل الجيوب وتغسيل ثقافة الشباب بالمغريات الفتاكة للمجتمع كالمخدرات والمشروبات الروحية والدعارة, فإذا وصلنا إلى المستوى من الحديث فإننا نكتشف بأن غسيل الأموال متوافق مع كل هذه الغسالات فلم لا تناقشها معنا في العدد الجديد.
الى متى
بل ان جريمة العصر وابو الكبائر والخطيئة الكبرى هو التجنيس السياسي وتغير الهوية العربية ومحرك الطائفية والكراهية والتميز وسرقة الارض
عبد علي عباس البصري
عجل هالموضوع شيئ عادي لانه في جميع الدول؟؟ ولا يستحق هذه الضجه ،
بس احب اقول شيئ للكتاب كل الكتاب ترى الكاتب الماهر هو الي اشم ريحه السمك تحت لكدر مو عقب ما اصير فلصه ،اتلعب في حتى السنانير
الغسيل أنواع وأكل حقوق الناس أشد جرما
شكرا للأستاذ عبيدلي أبناء الغسيل في نعيم مقيم موظف لم ينه متطلباته الأكاديمية وأوكلت له مهمة تقييم كبار المؤهلين وأخر ارتأى أن وظيفته لاتأكل عيش ولا بسكوت وأخذ يدير عمله الخاص وأوكل مهماته الجسيمة إلى موظفين عديمي الضمير وأخذ ينشر علم الشعوذة من خلال مؤسسته التي يديرها تحت طائلة ما يسمى بخط الحياة والتنويم المغناطيسي وهذه أنواع من نتائج الغسيل والمثل يقول مع تايد في الغسيل مافيش مستحيل مع تحيات (ندى أحمد)