استشهاد أربعة شبان في أقل من يومين في الضفة الغربية يؤكد مجددا أن المعركة الحقيقية ضد الاحتلال تتركز في المرحلة الراهنة في نطاق السلطة الفلسطينية. فالمشروع الاستيطاني حاليا يقتصر على القدس والضفة لأن الاحتلال يرى أن تقويض فكرة الدولة المستقلة «القابلة للحياة» يبدأ باستكمال خطة نشر المستوطنات وتوسيعها أفقيا وعموديا في المجال الذي ستنهض فيه قواعد السلطة البديلة. والاستعجال الدائم في الإعلان عن بناء وحدات سكنية جديدة يؤشر إلى أن الاحتلال في سباق مع الزمن ويريد تغيير معالم الأرض تمهيدا للدخول في طور آخر وهو إعلان هوية مضادة للوجود الفلسطيني.
المعركة ضد الاستيطان تشكل الآن نقطة مفصلية للدفاع عن الهوية الفلسطينية. وفشل السلطة في خوض المعركة لا يهدد حكومة رام الله بالانهيار فقط وإنما يعطل في المستقبل احتمال التفاوض بشأن تقرير مصير مناطق الاحتلال أيضا. فالمعركة حيوية ولا يمكن التساهل بمخاطرها القريبة والبعيدة باعتبار أنها تؤسس قواعد ارتكاز يمكن أن تتخذها سلطات الاحتلال ذريعة للمطالبة بالمشاركة في الملكية أو المناصفة في تقاسم الأراضي بين صاحب الحق والدخلاء من كل حدب وصوب.
«إسرائيل» تراهن منذ العام 1967 على عامل الوقت وتعتبر أن الزمن يتكفل بالتغيير وإعادة صوغ هوية منطقة «متنازع عليها» أخذتها عنوة من الأردن لا من دولة فلسطينية مستقلة. وحكومات تل أبيب على اختلاف أنواعها وألوانها كانت شبه متفقة على خطط القضم التدريجي من دون اكتراث للاعتراضات الدولية والانتفاضات المدنية. فالمشروع الاستيطاني شكل في الضفة والقدس جوهر الاحتلال باعتبار أن استمرار السيطرة لا يمكن أن يتم من دون قوة بشرية تستند إليها لتبرير صعوبات الانسحاب.
الآن وبعد مرور 43 عاما على الاحتلال العسكري - الاستيطاني تبدو حكومة تل أبيب الحالية شبه مقتنعة باستحالة التفاوض على الانسحاب من دون أخذ مصير آلاف المستوطنين ومئات المستوطنات في الاعتبار بذريعة أن المشكلة إنسانية وبشرية وتتجاوز منطق ترسيم الحدود. ولهذه الأسباب أخذت حكومة أقصى التطرف الاستعجال في توسيع رقعة المستوطنات حتى تكون الورقة قوية وثقيلة حين تبدأ المفاوضات المباشرة أو غير المباشرة.
ورقة التوطين والاستيطان ستكون أكبر العقبات في المرحلة المقبلة لأن الاحتلال سيستخدمها للضغط على السلطة الفلسطينية والتهرب من الاستحقاقات الدولية، وربما سيتم استثمارها لطرح مجموعة اقتراحات لتبادل الأراضي أو اقتطاعها مقابل تعويضات. وهذه الخطة لم تعد غائبة عن مسرح التفاوض السياسي إذ لمحت تل أبيب مرارا إليها سواء من خلال التركيز على «يهودية» الدولة العبرية والإشارة إلى وجود كتلة بشرية فلسطينية فيها مقابل وجود كتلة بشرية استيطانية في الضفة والقدس.
الكلام الإسرائيلي عن تبادل الأراضي أو ترسيم جديد للحدود أو ترحيل السكان مقابل تفكيك المستوطنات بدأ في السنوات العشر الماضية يأخذ دلالاته السياسية من خلال تغيير معالم الأرض ومصادرة الآثار وتعديل الأسماء والمسارات وبناء جدار الفصل العنصري وتوسيع الطرقات والجسور وعزل القرى عن المدن وتقطيع أوصال المناطق الفلسطينية.
هذه المتغيرات الميدانية والبشرية لم تحصل عن عبث ومن دون هدف بعيد يطمح لتأسيس معادلة سياسية تريد كسر التوازن اعتمادا على استراتيجية خلق وقائع على الأرض يصعب تجاوزها أو إهمالها من دون مقابل أو بدائل حين تبدأ المفاوضات.
الاحتلال خطط منذ زمن طويل إلى تشويه معالم الصورة وتكوين قوة بشرية تشكل ذلك الاحتياط السياسي الذي يمكن استخدامه ورقة ضغط على السلطة بغض النظر عن الجهة الفلسطينية التي تديرها. فالمعركة كما تبدو بالنسبة للجانب الإسرائيلي كانت ولا تزال دائمة إذ لم تتوقف حركة الاستيطان في القدس والضفة حتى خلال فترة الانتفاضة الأولى ومفاوضات التسعينات ثم عودة السلطة والانتفاضة الثانية ورحيل ياسر عرفات والانقسام الفلسطيني.
في كل تلك المراحل استمر الاستيطان يتوسع ويتفرع من دون توقف في مختلف الفترات. وهذا الإصرار على التمسك بمبدأ الاستيطان مهما كانت الظروف والأسباب والدوافع يشير إلى مخاطر جدية أخذت تواجه عملية التفاوض في ظل نمو بؤر سكانية بدأت تنتشر في كل مناطق الضفة والقدس. فالتفاوض في ظل الاستيطان يعني أن الاحتلال يريد إنتاج معادلة ميدانية لا يمكن كسرها أو تغييرها من دون تنازلات متبادلة سواء على مستوى الأرض أو الناس.
المعركة إذا شاقة وطويلة، وهي فعلا تتطلب سياسة عربية مشتركة تضغط باتجاه وقف نهائي ودائم للاستيطان باعتبار أن التفاوض لا معنى له في وقت يقضم الاحتلال الأراضي التي تشكل المجال الحيوي لتأسيس دولة مستقلة «قابلة للحياة». والرد الفلسطيني على رفض التفاوض تحت سيف الاستيطان المترافق مع اغتيال الشبان الأربعة في دارهم، يشكل أبسط وسائل الاحتجاج على منطق احتلال عسكري - استيطاني يريد الأرض من دون بشر.
إقرأ أيضا لـ "وليد نويهض"العدد 2756 - الثلثاء 23 مارس 2010م الموافق 07 ربيع الثاني 1431هـ
عبد علي عباس البصري
كفاح المقدسيين ضد الكيان الصهيوني له انعكاسات خطيره على ملف القضيه الفلسطينيه فالاستيطان وتهويد القدس والحفريات المستمره تحت المسجد الاقصى ، وهدم بيوت المقدسيين،كل ذلك على مسمع ومنظر ويحدث ذالك نهارا جهارا ، والعالم العربي في غياب مستمرحتى تهود القدس فلا اثر للمسجد الاقصى حيث يتم الآن استبداله بكنيسه او دير للكيان الصهيوني ،صح المثل (نامو ولاتستيقضو** مافاز الا النومو)
عبد علي عباس البصري
كذلك الموقف البريطاني من قضيه اغتيال المبحوح وطرد دملماسي صهيوني من بريطانيا له الاثر
كل هذه الامور تصب في صالح حركه حماس التي في يوم من الايام ستصبح المنفذ الرسمي الفلسطيني او على الاقل ستصبح اطروحتها او فلسفتها هي المستساغه لدى الشعب الفلسطيني أو فلربمى ستوحد الصف الفلسطيني على طريق اوحد الا وهو الخيار العسكري او الجهادي او على الاقل عدم الرضوخ لاملائات الكيان الصهيوني والامريكي
عبد علي عباس البصري
مصائب قوم عند قوم فوائد )اعتقد ان السلطه الفلسطينيه غير قادره على مواجهة الكيان الصهيوني والسبب هو ضعف الصف العربي الحليف الاول للسلطه الفلسطينيه (فالدول العربيه كل له مصائبه الخاصه مثلا: قضيه التوريث في مصر ،الازمه السياسيه في العراق ،الخلخله الامنيه والسياسيه في اليمن ، والاتجحاهات المتعاكسه في لبنان النزاعات الحدوديه و التسلط الدكتاتوي وغياب الديموقراطيه عن المسرح السياسي العربي )
عبد علي عباس البصري
اعتقد ان السلطه الفلسطينيه غير قادره على تغيير مسارها السياسي ،الذي هو غير متوازي مع حركه حماس ،والذي هو في اتجاه حلفائها الاقليمييين ،بس تصريحات رئيس الوزراء الصهيوني في البيت الابيض يوم امس وضع النقاط علي الحروف حينما صرح ان القدس عاصمه للكيان الاستيطاني ، ووضع شرط اساسي لموصله محاذثات السلام بأن تتنازل السلطه عن القدس ..؟؟!!وغير مكلفه هذه الاخيره بحركه الاستيطان في القدس . فهل توافق السلطه ؟ وتجري الامور في اتجاه الحلحله التدريجيه للقضيه الفلسطينيه