استمرت مجلة «الكويت» بالصدور لمدة سنتين إلى أن توقفت العام 1930. ومع ذلك أكمل مؤسسها خطوته تلك، من إندونيسيا حين اشترك مع يونس البحري، بإصدار مجلة «الكويت والعراق»، وبقيت هذه المجلة إلى أن توفي رائد الصحافة الكويتية، الشيخ عبدالعزيز الرشيد في شهر مارس/ آذار سنة 1938.
العام 1946 كانت المحطة الثانية، التي تمثلت بمجلة «البعثة» التي اعتبرها البعض مدرسة تجريبية كبرى للصحافة الكويتية والأم الروحية لها.
احتضنت «البعثة» عددا من الأسماء التي ساهمت بصنع الصحافة الكويتية، أمثال أحمد العدواني، محمد مساعد الصالح، حمد الرجيب، يوسف الرفاعي، عبدالعزيز الصرعاوي، خالد خلف، داود مساعد الصالح، فهد الدويري، خالد الغربلي، سامي المنيس. تولى الإشراف على المجلة الراحل عبدالعزيز حسين، وانتقلت من بعده إلى عبدالله زكريا الأنصاري.
في العدد الأول من «البعثة» قدمت تعريفا لنفسها بأنها نشرة ثقافية تصدر عن بيت الكويت بمصر، تهتم بالصور والتعليق والكاريكاتير، وبشئون الكويت التراثية والثقافية والرياضية، وفتحت أبواب الحوار على قضايا خلافية، مثل السفور عند المرأة، لكن اللافت للنظر إفرادها مساحات لا بأس بها لكل ما يتعلق بمادة النفط.
ما هو جدير بالملاحظة، أن الصحافة الكويتية في العشرينيات وحتى الأربعينيات، خرجت من ديار العروبة والإسلام إلى أن جاءت مجلة «كاظمة»، إذ تولى إصدارها عبدالحميد الصانع وعبدالصمد تركي جعفر وأحمد زين السقاف، وتزامنت مع وصول أول مطبعة «دائرة المعارف»، وهو ما كانت تفتقر إليه الكويت، وذلك في يوليو/ تموز سنة 1948 واستمرت بالصدور لغاية شهر مارس/ آذار لسنة 1949، إذ توقفت بعد ذلك، بسبب كونها شهرية، وغلب طابع الأسماء غير الكويتية عليها.
مرحلة الخمسينيات اعتبرت المخاض الحقيقي لنشوء الصحف «الحديثة» بمعناها الشائع في حينه، نذكر منها:
- «الكويت»: وهي مجلة شهرية أعاد إصدارها يعقوب عبدالعزيز الرشيد تكريما لوالده وصدرت لمدة ستة أشهر.
- «الفكاهة»: صدرت العام 1950 وكان يرأس تحريرها فرحان راشد الفرحان.
- «البعث»: مجلة شهرية ثقافية صدرت العام 1950 استمرت لمدة 3 أشهر.
- «اليقظة»: مجلة طلابية صدرت العام 1952.
- «الرائد»: مجلة شهرية اهتمت بمعالجة الأوضاع الاجتماعية أصدرها نادي المعلمين العام 1952 واستمرت لغاية 1954.
- «الإيمان»: مجلة شهرية، عنيت بالشئون السياسية والاجتماعية، أصدرها النادي الثقافي القومي العام 1953 وبقيت لغاية 1955.
- «الإرشاد»: أصدرتها جمعية الإرشاد الإسلامية العام 1953.
- «الكويت اليوم»: جريدة أسبوعية، وهي الجريدة الرسمية للكويت، صدرت العام 1954 ومازالت تصدر حتى الآن.
- «الرائد الأسبوعي»: أسبوعية جامعة، أصدرها نادي المعلمين العام 1954 وتوقفت العام 1956.
- «العربي»: مجلة شهرية عامة ومنوعة صدرت العام 1958 ولاتزال.
وغيرها من الأسماء التي لا تسمح المساحة بتعدادها، لكن نتوقف عند مطبوعتين صدرتا في الخمسينيات لما لهما من تأثير وحضور مميزين.
الأولى، مجلة «الفجر» التي صدر العدد الأول منها يوم 2 فبراير/ شباط 1955، معبرة عن «نادي الخريجين» الذي يشكل أعضاؤه النخبة الثقافية والسياسية في الكويت.
هذه المجلة توقفت عن الصدور بعد 17 عددا وبقيت محتجبة ما يقارب ثلاث سنوات، إلى أن عادت العام 1958، وسبب التعطيل هذا يعود إلى قانون المطبوعات الذي اشترط «تفرغ» رئيس التحرير للعمل الصحافي، وهو ما كان مجالا للنقد، بسبب صعوبة تنفيذه، كون الصحافة في ذلك الوقت غير منتمية إلى أحزاب، ولم تتوافر لها مجالات الدعم المادي، إذ تحولت إلى عبء على صاحبها.
اتخذت المجلة موقفا واضحا حيال الحريات القومية العربية وشنت أعنف هجوم على معاهدة الحماية البريطانية، كعنوان لها نشرته بتاريخ 13 مايو/ أيار 1958 «المعتمد يهين الكويت حكومة وشعبا. إلى متى تستمر معاهدة الحماية»؟
وفي عدد 13 مايو 1958 أيضا، كتبت تحت عنوان بارز «شعب لبنان يخوض غمار ثورة دامية ضد حكامه الطغاة». وطالبت أكثر من الانضمام إلى مصر وسورية في دولة الوحدة ورفعت شعار «هذا بترولكم يا جمال» إشارة إلى جمال عبدالناصر.
وما يستحق الإشارة إليه هو بيت الشعر العربي الذي كان يتصدر صفحتها الأولى بجانب الاسم وهو: إذا كنت لا تدري فتلك مصيبة، وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم.
وفي عدد أكتوبر/ تشرين الأول 1958 تحت عنوان عريض ورئيسي طالبت بالانضمام للجامعة العربية.
المطبوعة الثانية وهي مجلة «الشعب» والتي لم تعمر أكثر من سنة، إذ صدر العدد الأول منها العام 1957 في الخامس من ديسمبر/ كانون الأول احتجبت عقب العدد الذي ظهر يوم أول فبراير/ شباط العام 1959.
صدرت هذه المجلة في مرحلة المد القومي وسط إرهاصات سادت شعوب المنطقة العربية في مختلف أقاليمه بالتطلع إلى الحرية والاستقلال، لذلك سعت للتعبير عن رؤية مثقفي الكويت تجاه الدعوة إلى القومية والانتماء لهذه الأمة.
وكانت التسمية «الشعب» الهدف الذي عملت من أجله ألا وهو العودة إلى القومية العربية.
ترأس تحريرها الكاتب خالد خلف، والذي يمكن اعتباره من أوائل الصحافيين المتفرغين للعمل الصحافي في الكويت.
وتوقفت «الشعب» كما توقفت «الفجر»، ليس فقط لأسباب مالية، بل للشروط التي وضعها قانون المطبوعات الجديد والذي فرض «التفرغ» لرئيس التحرير، وهذا يعتبر من العوائق التي واجهت صحافة الخمسينيات.
حول تلك الواقعة تورد «الموسوعة الكويتية» عن أسباب التوقف وعدم الصدور بالنص «أغلقت جميع الأندية في 3 فبراير 1959، وشمل ذلك تعطيل جميع الصحف في الكويت، ومهد لذلك التعطيل بيان موجه من أمير البلاد آنذاك - الشيخ عبدالله السالم - ألمح فيه إلى أن الحرية والديمقراطية المتوافرة استغلت أسوأ استغلال، لدرجة التطاول على ذات الأمير»، وسمح بعد ثلاث سنوات بإصدار الصحف وفتح الأندية.
وفي هذا الصدد هناك من يعتقد أن التوقف كان حصرا بالصحافة «الشعبية»، بينما بقيت مجلات مثل «العربي» و»حماة الوطن» و»المجتمع» التي كانت تصدرها دائرة الشئون الاجتماعية وأن الصحف عاودت الصدور مع إقرار الدستور ووضع القوانين المنظمة فيما بعد.
يمكن القول إن صحافة الخمسينيات، خلت من صحف يومية، لكنها كانت تعبر عن معظم التوجهات الفكرية القومية منها والإسلامية والحكومية بالطبع.
وفي كتاب «الصحافة العربية: نشأتها وتطورها» يقول المؤلف أديب مروة: تعود نشأة الصحافة في الكويت والبحرين وسائر أقطار الخليج العربي وجنوبي شبه الجزيرة العربية إلى عوامل سياسية وطنية أكثر منها إلى عوامل إخبارية. بيد أن الدوافع الوطنية والرغبة التي تعتمل في نفوس أبناء الأقطار في رفع مستوى أقطارهم وتحسين أحوالها ومسايرة النهضة في الأقطار العربية المتقدمة، هي التي أملت على رواد الصحافة الوطنية إصدار صحف محلية خاصة لتعبر عن أماني الشعب ومطامحه. ولهذا منيت صحف أقطار الخليج بالضغط والتعطيل والاندثار أغلب الأحيان.
العدد 2740 - الأحد 07 مارس 2010م الموافق 21 ربيع الاول 1431هـ
لقب
من هو يوسف الرفاعي