إذا ما رأت الولايات المتحدة ان ما هو مطبّق في البحرين هي ديمقراطية حقة، أو هي ليست كذلك، فاننا نعلم أن واشنطن تنظر الى الأمور من زاوية مصالحها والحلفاء الذين يخدمون هذه المصالح ويدعمون توجهاتها وأهدافها، وبالتالي فإن رأي الولايات المتحدة وحكمها على ديمقراطية البحرين أو غيرها ليس محايدا ولا منزها ولا يتوجب الأخذ به سواء كان سلبيا أو إيجابيا.

وخلاف ذلك فان الديمقراطية الحقة تقوم على مجموعة من المبادئ الأساسية، والمتعارف عليها في العالم الديمقراطي، وان الدول التي لا تأخذ بهذه المبادئ عادة لا تعتبر أنها دول ديمقراطية، والبعض يصفها مجازا بالديمقراطية الشكلية، أي التي تأخذ بقشور الديمقراطية وليس لبها.

من هذه المبادئ التي تقوم عليها الديمقراطية الحقة مبدأ الشعب مصدر السلطات، فلا تتكون سلطة إلا بإرادة شعبية، فالسلطة التشريعية تأتي بانتخاب شعبي مباشر، وإذا تكونت هذه السلطة من غرفتين فان الغرفة الثانية يكون انتخابها بصورة مختلفة عن الغرفة الأولى، وهو ما يسمى انتخاب غير مباشر، إذ يتكون أعضاء هذه الغرفة من ممثلين عن المجالس المحلية والبلدية، ومجالس المحافظات والجمعيات والنقابات المهنية، ومجالس كل هذه المؤسسات منتخبة إما من قبل الشعب في المناطق وإما من خلال الجمعيات العامة في الجمعيات والنقابات والغرف، وان أعضاء الغرفة الثانية ليس فيهم معين واحد ولا تتدخل أي سلطة في الاشراف على انتخاب الأعضاء فيها، انما يحدد الدستور عدد أعضاء هذه الغرفة الذي يقل عن عدد أعضاء الغرفة الأولى في المعدل بنسبة الثلث، ومن ثم تبعث كل جهة بأسماء ممثليها في هذه الغرفة الى الأمانة العامة في الغرفة الثانية التي تشرف على تطبيق اللائحة الداخلية المنظمة لعمل هذه الغرفة، والموضوعة أساسا وبالكامل من قبل أعضاء هذه الغرفة وليس أي سلطة أخرى.

وهذا يعني أن مبدأ الشعب مصدر السلطات يلزم الأخذ به تطبيق مبدأ الانتخاب على كل السلطات التي تتكون منها الدولة، وعلى كل سلطات ومؤسسات المجتمع المدني، وأنه لا تكون هناك ديمقراطية إلا إذا ساد مبدأ الانتخاب في الدولة، من دون استثناء، ومن دون مزج بين الانتخاب والتعيين، فالأخذ بنصف انتخاب لاعلاقة له بالديمقراطية ولا بالنظام الديمقراطي، وأن الديمقراطية الحقة التي تنبع من الشعب، وتدافع عن مصالحه، وتعكس رغباته هي التي تأخذ بالانتخاب الكامل وهذا ما نفتقده في البحرين ونتطلع إليه