«وقت الحياة أو « Lifetime»، هو اسم إحدى القنوات التلفزيونية الأميركية التي يمكنك أن تحصل عليها بمجرد أن تملك اشتراكا تلفزيونيا في الولايات المتحدة. هي قناة تلفزيونية عادية ومتوافرة للجميع، تعرض أفلاما ومسلسلات وبرامج منوعة وجاذبة للجمهور بالشكل الأميركي الكلاسيكي جدا. ولكن بنظرة فاحصة قليلا يمكنك أن تكتشف أن لهذه القناة توجهات تخدم قضايا المرأة والنوع الاجتماعي، وببحث ليس بمطول، يمكنك أن تكتشف كذلك أن مجموعة المالكين لهذه القناة التلفزيونية هن من النساء ذوي التوجهات المناهضة للتمييز ضد المرأة.
لا تتبع القناة أسلوبا فجا أو تقليديا في «الصراخ» و «النحيب» على حقوق المرأة الضائعة وضرورة تغيير القوانين وتجاوب المسئولين، ولكنها تتبع أسلوب العصر المؤثر جدا في مجتمع كالمجتمع الأميركي، أسلوب الرسائل المخفية ضمن محتوى إعلامي عصري ومؤثر. تعرض القناة أفلاما ومسلسلات وبرامج، يتصدى للتمثيل فيها نجوم وممثلين وإعلاميين بارزين، ولكن الغالبية العظمى مما تعرضه هذه القناة موجه لمعالجة قضايا من قبيل العنف الأسري، الإجهاض، مشكلات المراهقات، وغيرها من قضايا اجتماعية تهم الأسرة بشكل عام والمرأة بشكل خاص.
مناسبة هذا الحديث هو الاحتفالية التي تقام غدا في البحرين لإطلاق تقرير الاتحاد الدولي للصحافيين بشأن وضع الصحافيات في الوطن العربي، وذلك بمناسبة اليوم العالمي للمرأة والموافق 8 مارس/ آذار من كل عام.
التقرير، الذي كانت البحرين هي إحدى حالاته، يتناول بحسب ما ذكر القائمون عليه وصفا كميا إحصائيا لوجود الإناث في القطاعات الإعلامية المختلفة، ووجودهن في مراكز صنع القرار في مؤسساتهن الإعلامية. وعلى الرغم من أنه لا يعمم الصورة على المجتمعات العربية كافة، إلا أنه يعطي لمحة عن كل دولة على حدة، في محاولة لوضع مؤشر ولو إحصائي حول « أين هي المرأة في خريطة الإعلام العربي».
المرأة في الإعلام العربي هي المذيعة الدلوعة، والمحاورة البارعة. هي ذلك الصوت الإذاعي اللطيف الذي يخاطبك عبر موجات الراديو وأنت متجه لعملك صباحا، وهي الصحافية التي لا تكل ولا تمل في محاولتها لكشف الحقائق. وهي مراسلة الحرب الشرسة التي لم يتوقع أحد أن تصل شجاعتها إلى حد أن تدفع حياتها ثمنا للحقيقة.
بين تشكلات كل تلك الصورة ومعطياتها المتنوعة، هل تستطيع تلك الدلوعة، البارعة، الشجاعة، اللطيفة، الجادة أن تصنع القرار الإعلامي وتؤثر فيه؟ هل يمكنها من موقعها أيا كان، أمام الكاميرا، أم خلف الميكروفون أم قبل الطباعة أن تساهم في وضع الأجندة الإعلامية لما سيعرض/ ينشر/ يبث في وسيلتها الإعلامية؟
ليست هذه التساؤلات حكرا على وضع المرأة الإعلامية، فالوضع ينسحب على باقي الإعلاميين من الرجال في المواقع التي تنفذ الأجندات، ولا تضعها.
يثبت التقرير الذي تعلن نتائجه غدا بأن النساء في الوطن العربي لا يمتلكن مؤسسات إعلامية. لا موقع لأي منهن ضمن مجالس إدارات مالكي الوسائل الإعلامية. هذا الأمر مهم إذا أدركنا رؤية أخرى متوازية، وهي أن من يملك الوسيلة الإعلامية بالنهاية، هو القادر الأول على التحكم والسيطرة على المحتوى الإعلامي.
إحصائيا وكما يذكر التقرير نفسه في القسم الخاص بالبحرين، تمثل النساء 50 في المائة من الجسم الصحافي البحريني في الصحافة المكتوبة، وتمثلن 20 في المائة من العاملين في قطاع الإذاعة والتلفزيون. وعلى الرغم من وجود نساء في مواقع تنفيذية في وسائل الإعلام، لا تزال هناك علامة استفهام كبيرة حول إمكانية تأثيرهن الحقيقي على المحتوى الإعلامي لمؤسساتهن.
وبمناسبة كاليوم العالمي للمرأة، وبوجود مئات من سيدات الأعمال البحرينيات اللاتي تملكن اليوم قوة اقتصادية لا يستهان بها، يجوز لنا أن نتساءل، لماذا لا نجد نساء على رأس مجالس إدارات الصحف المحلية؟ نساء يملكن الصحف، ويساهمن في وضع الأجندات والضغط بشأنها من الأعلى؟ إنها دعوة لسيدات الأعمال لـ «غزو» عالم الإعلام المحلي، فليس رجال الأعمال الذين يملكون الصحف أعرف بالإعلام منكن
إقرأ أيضا لـ "ندى الوادي"العدد 2739 - السبت 06 مارس 2010م الموافق 20 ربيع الاول 1431هـ
اشدعوه؟
يعني شنو الفرق؟ يبدو انك من انصار الجندرية.