الانتخابات العراقية التي اقترب موعدها بدأت نتائجها تتمظهر ميدانيا في لعبة التجاذب المناطقي بين الطوائف والمذاهب. وجاءت القرارات المتسرعة التي اتخذتها «هيئة المساءلة والعدالة» بشأن منع نحو 500 من الترشح، وما أعقبها من ردود فعل متباينة، لتضفي المزيد من الفوضى السياسية في بلد يعيش فضاءات انقسامية يديرها الاحتلال الأميركي من اتجاهات مختلفة.
القرارات المجهولة المصدر والعنوان ليست بعيدة عن الرؤية العامة للاستراتيجية الأميركية، وهي أصلا كان من الصعب اتخاذها من دون موافقة مسبقة من الأجهزة التي تتابع الملف العراقي منذ احتلال بغداد في العام 2003. والاختلاف الشكلي الذي تجلى بين السفير الأميركي في بلاد الرافدين ونائب الرئيس جون بايدن في التعامل مع قرارات «الهيئة» يؤشر إلى وجود وجهات نظر متباينة في إدارة باراك أوباما. ولكنها ليست بالغة الحدة ويمكن السيطرة عليها وإدراجها في سياق استكمال مشروع التفكيك والتشرذم الذي تأسست قواعده في عهد جورج بوش الابن.
المشروع الأميركي الفعلي الذي لا يعلن عنه في الأجهزة المرئية كان ولايزال يعتمد سياسة التقويض وإعادة تشكيل خريطة العراق بناء على الانقسامات الطائفية والمذهبية وتجويف البلاد من ذاكرتها التاريخية (سرقة الآثار ونهب المتاحف والمكتبات) وتجريف هوية بلاد الرافدين العربية وإخراجها من معادلة الصراع وما تتطلبه من توازنات إقليمية.
هذا المشروع الأميركي أصاب النجاح ولم يفشل كما ذكر وأكد مرارا الرئيس السابق بوش في تصريحات وخطابات حرص على تكرارها في مناسبات مختلفة. فهو كان يرد على المعارضين بالإشارة دائما إلى الوقائع الميدانية والإحالة أحيانا إلى «حكم التاريخ» وترك الزمن يأخذ مداه حتى تبدأ قراءة الملف من زواياه المتعاكسة.
إذا كان المشروع الأميركي ينص فعلا على شطب قوة العراق من معادلة الصراع الإقليمية فإن المسألة تتطلب ميدانيا منع عودة الوحدة الوطنية والاستمرار في تغييب «الدولة الواحدة» وتشجيع الأطياف على الانكفاء إلى وحدات جغرافية متجانسة طائفيا ومذهبيا ومتعايشة سياسيا على خط التوتر العالي القابل للاشتعال في اللحظة المناسبة.
التوصيف المذكور ليس بعيدا عن المشهد العراقي الآن قبل قرارات «الهيئة» وبعدها. فالقرارات تقارب الواقع في تضاريسه الطائفية والمذهبية وهي جاءت لتتجاوب مع متغيرات ميدانية أدت إلى زعزعة التجمعات السكانية وساهمت في فرز المناطق وتحويلها إلى غيتوات أو كانتونات صافية في وحدتها اللونية والعقائدية والايديولوجية والأقوامية والعشائرية. وبهذا المعنى تبدو قرارات «الهيئة» ليست بعيدة عن المشروع الأميركي الذي تأسس على سياسة تقويض الدولة وتغيير خريطة العراق السكانية وتدمير الروابط وتقطيع جسور التواصل بين مكونات المجتمع.
التطابق المشار إليه بين إدارة واشنطن وقرارات الهيئة الذي زاد الطين بلة ورفع من درجة حرارة الاشتعال الطائفي والمذهبي قبل أسابيع من موعد الانتخابات، ساهم في تقديم صورة مصغرة عن «العراق الجديد» أو ذلك «النموذج» الذي وعد بوش بتصديره إلى المنطقة. فالنتائج باتت واضحة في رمزيتها قبل البدء في التصويت وفرز صناديق الاقتراع مهما حاولت القوى المتنافسة وهي كثيرة في عددها وعديدها إعلان البراءة من المسئولية.
العراق «الجديد» بدأ الدخول في مرحلة الانتقال من الطائفية (نظام المحاصصة) إلى المذهبية (فرز التكوينات إلى مقاطعات تتمتع بحكم ذاتي). وبالتالي فإن المشهد السياسي في طور ما بعد الانتخابات سيتشكل من مراكز قوى تمتلك الإمكانات الخاصة على حكم مناطقها الصافية في تجانسها المذهبي أو الأقوامي المعطوف على قوة القبيلة في الداخل والتمدد الخارجي إلى الأقاليم والمحيط الجغرافي. والفرز المذهبي الذي ينتظر نتائج الاقتراع بعد الانتخابات سيتحول بدوره إلى خطوة ارتدادية تمنع عودة الوحدة أو قيام دولة قوية وقادرة وعادلة. وهذا الاحتمال القوي يرجح أن يفتح أوراق الملف العراقي على إطارات جغرافية جوارية سترفع بدورها من شدة التنافس الإقليمي والتقاتل على تعبئة الفراغات الأمنية الناجمة عن بدء القوات الأميركية في التموضع تمهيدا للانسحاب في نهاية العام المقبل
إقرأ أيضا لـ "وليد نويهض"العدد 2732 - السبت 27 فبراير 2010م الموافق 13 ربيع الاول 1431هـ
بالون العراق يحلق
يوم تقولون طائفية ويوم تقولون مذهبية ونحن نقول الله يوفق العراقيين في الانتخابات القادمة ويزدهر العراق الجبيب ويزدهر بالامن والامان والاقتصاد ويبني بنيتة التحتية بكل قوة ويتقدم الى الامام لينافس الدول المتقدمه بالعلم والموارد البشرية المتعلمة والاقتصاد القوي...دعائكم من تحبون العراق مطلوب جدا لان المتربصيين به من الخليج خصوصا وجميع القاراة عموما لايعدون لا لسبب بس لان الصنم انزاح...
هل من متعض
باب الفتنة انكسر و هيهات ان يتصلح . هناك اليوم ثارات لن تنتهي . و الله يكافينا الشر من الطائفية ومن نفاخة الضو و مصدرين الطائفية . فهل من عقلاء .نعم هذا هدف الأستعمار و قد حققتة في العراق و الدور على باقي الدول و أتت اليمن في اول الطابور . فهل اتعظنا .