في خطوة غير مفاجئة، أطاح الاقتصاد الصيني بنظيره الألماني ليحتل صدارة الدول المصدرة عالميا، وباعتراف الأرقام الرسمية الألمانية، حيث «بلغت صادرات ألمانيا، التي تعد أكبر اقتصاد أوروبي، 1.12 تريليون دولار، مقارنة مع 1.20 تريليون دولار، إجمالي الصادرات الصينية خلال الفترة نفسها».
ووفقا لأرقام المصلحة العامة للجمارك، «حققت التجارة الخارجية الصينية نموا بنسبة 44.4 في المائة في يناير/ كانون الثاني 2010 على أساس سنوي».
مقابل ذلك أعلن مكتب الإحصاءات الفيدرالي الألماني تراجع الصادرات الألمانية بنسبة 18.4 في المائة خلال العام 2009، مقارنة بالعام السابق، ما يعد أكبر تراجع خلال عام واحد منذ عام 1950».
وبالنسبة لألمانيا، ليس هناك ما يبشر بالخير، كما تقول مراسلة «بي بي سي» في برلين تريستانا مور، التي ترى أن «نتائج الارقام الالمانية جاءت اسوأ مما كان متوقعا». وقد أوضحت الارقام، كما يقول موقع «بي بي سي»، ان «الاقتصاد الألماني انكمش بنسبة 1.7 في المئة في المتوسط النهائي للعام الماضي». ويشاطر مور هذا الرأي، الاقتصادي في بنك بي اتش اف جيرد هاسل الذي يقول بأننا «لم نعد في وضع ركود وانما تعاف ضعيف جدا. وعلى الارجح سيكون الربع الاول من العام (الجاري) ضعيفا أيضا».
وكانت صادرات الصين، كما نقل موقع الـ «سي إن إن»، قد «ارتفعت بنحو 18 في المائة في ديسمبر/ كانون الأول 2009، حيث بلغت صادراتها من السلع 957 مليار دولار في الشهور العشرة الأولى من العام 2009 فيما صدّرت ألمانيا بضائع بـ 917 بليونا في الفترة ذاتها، لتواصل الصين صعودها إلى مصاف القوى الاقتصادية العظمى».
لكن المارثون الاقتصادي الصيني، وهو في طريقه نحو القمة، لن يكتفي بتنمية صادراته فحسب، على الرغم من أهمية ذلك كأحد المؤشرات المهمة على تنامي الاقتصاد، فهو يذهب إلى أبعد من ذلك، ويطمح إلى التحول إلى قوة اقتصادية عظمى، كما تكشف عن ذلك مؤشرات أخرى، إذ يحاول اللحاق بالقوة الاقتصادية الثانية العالمية والتي هي اليابان، التي يبدو أنها تعاني بشدة من ذيول الأزمة الاقتصادية العالمية، حيث وقف نموها خلال الربع الأخير من العام 2009، في حين تراوح نمو الاقتصاد الصيني خلال الفترة ذاتها بين 8-10 في المائة، حيث «أنهى الاقتصاد الصيني العام 2009 بناتج محلي إجمالي بلغ نحو 4.9 تريليونات دولار». وهذا يتوافق مع ما توقعته مجلة الايكونومست البريطانية التي تنبأت أن «تتجاوز الصين اليابان لتصبح ثاني اكبر اقتصاد في العالم بنهاية العام 2010 «. وتجري الإيكونومست نوعا من المقارنة بين الاقتصاديين.
ففي العام 2000، حسبما تورد الإيكونومست «كان الناتج المحلي الإجمالي عند 47 في المئة من الأميركي، بينما كان الناتج المحلي الإجمالي الصيني عند 12 في المئة فقط، ويبدو شبه مؤكد الآن ان يصل الناتج المحلي الإجمالي الصيني الى نسبة 38 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي الأميركي، فيما لن يزيد الياباني عن 34 في المئة».
قد عبرت وكالة الأنباء الرسمية «شينخوا» عن تفاؤلها باستمرار نمو الاقتصاد الصيني الذي «سوف يصل إلى 9 في المئة العام 2010، وستساهم فيه الصادرات بدور أكبر». وليست إزاحة الاقتصاد الألماني من المركز الأول في التصدير ليس بيت القصيد، كما أن تجاوز الاقتصاد الياباني ليس المحطة النهائية، إذ يدرك الاقتصاد الصيني أن هناك مسافة طويلة ما تزال تفصله عن منافسه الحقيقي والذي هو الاقتصاد الأميركي، الذي «كانت قيمة ناتجه المحلي نحو 14 تريليون دولار».
لكن الاقتصاد الصيني السليم، يختلف عن نظيره الأميركي العليل، في أكثر من مكان، فبينما تشهد الأسواق الأميركية تراجعا مطلقا، لا يخفف من ترديها بعض استثناءات الانتعاش، تواصل أسواق المال الصينية ارتفاعها الذي لا تشوه صورته القوية بعض التراجعات الآنية الطفيفة. يضاعف من تردي أوضاع الاقتصاد الأميركي الديون الأوروبية التي تثقل كاهله، فيما تتنامى، كما يقول موقع «سي إن إن» ، قدرة» صندوق الثروة السيادة الصيني، الذي يدير ثروة تقدر بنحو 200 مليار دولار للاستثمار في الخارج، فيواصل شراءه لأسهم الشركات الأميركية التي بلغت في العام 2009 اجماليها 9.6 مليارات دولار». يعزز من قوتها الاقتصادية تلك الحصص الصغيرة التي اشترتها «هيئة الاستثمار الصينية في عدة شركات كبيرة، مثل (كوكا كولا) و(أبل) و(غوديير).
وأخذت الصين تشكل تهديدا جديدا مباشرا للولايات المتحدة في أحد أكبر أسواقها والذي هو سوق السيارات، الذي يعتبر «جوهرة تاج الصناعة الأميركية» ، فقبل أسبوع أعلنت منظمة التجارة الصينية «أنه تم بيع 13.6 مليون سيارة في الصين خلال العام 2009، مما يجعل الصين أكبر سوق للسيارات لأول مرة، مقارنة بـ 10.4 ملايين سيارة بيعت في الولايات المتحدة العام الماضي».
ولعل هذا هو الذي دفع الرئيس الأميركي باراك أوباما، لأن يعترف في لقائه بالمئات من طلاب الجامعات الصينيين في المركز الاقتصادي للصين، ومتحف شنغهاي للعلوم والتكنولوجيا، خلال زيارته الأخيرة للصين في ديسمبر/ كانون الأول 2009 بإنه «لا ينبغي أن يكون البلدان على تناقض، وبأن بلاده لا تسعى إلى احتواء نمو وتطور الصين، بل أنه يرحب في أن تصبح الأخيرة عضوا قويا ومزدهرا وناجحا في المجتمع الدولي».
ولا تبدو أوضاع صناعة السيارات اليابانية بأفضل مما هو عليه حال الأميركية، فقبل أيام أعلنت شركة هوندا اليابانية لصناعة السيارات أنها «تعتزم سحب 437 الف سيارة هوندا من السوق الأميركية نتيجة لاكتشاف عطل في السلامة يتعلق بنظام التحكم في انتفاخ الوسائد الهوائية عند وقوع حوادث». وقبل الهوندا كانت شركة تويوتا قد سحبت «نحو 200 الف سيارة من طرازها الهجين بريوس بيعت في اليابان العام الماضي بسبب مشكلة في الكوابح»
هذا الاندفاع الذي بات يرسم معالم مستقبل الاقتصاد الصيني كأحد أقوى الاقتصادات العالمية هو الذي يدفع شخصا مثل رئيس قسم السياسة الاستثمارية في شركة «بيكون تراست» فرد فرانكيل إلى القول إن «التركيز على مجموعة السبع، خلال خمس سنوات من الآن، لن يكون بذات أهمية التركيز على مجموعة الاثنين، وتضم الولايات المتحدة والصين».
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 2720 - الثلثاء 16 فبراير 2010م الموافق 02 ربيع الاول 1431هـ
الرؤية الاستراتيجية القيم الرسائل والنظرة الشمولية
الواقع يشهد بأن الفرد في المجتمع هو أساس لتلك الأزمات وخاصة بأن الفرد أصبح إستهلاكي إتكالي إنبطاحي ويقتات على الإعانات أين الإنتاجية التي تحرك عجلة الإقتاد واين تطبيق الشعارات والقيم إذا كان الفرد البسيط لا يرتق عن مستوى البهيمية الإستهلاكية مع تحيات (بووضحه موسى المهبلاوي ))