في الفترة بين 30 أكتوبر/ تشرين الأول و20 نوفمبر/ تشرين الثاني 2006 بادرت جمعية «المنتدى» بعقد سلسلة من المحاضرات غطت محاور محددة ذات علاقة بعملية انتخابات 2006.
تناولت أولها، والتي عقدت في غرفة تجارة وصناعة البحرين البرامج الانتخابية لمجموعة مختارة من الجمعيات والشخصيات السياسية المشاركة في انتخابات تلك الدورة. حينها أكد رئيس جمعية المنتدى جمال فخرو «أهمية هذه المناظرات في نشر الوعي بين الجمهور بضرورة مشاركة الناخبين في التصويت في الانتخابات البرلمانية لما لذلك من أهمية في إرساء التجربة الديمقراطية في مملكة البحرين».
في تلك الفقرة المقتضبة لخص فخرو رؤية متكاملة يختزنها «المنتدى» منذ اللحظة التي انطلقت فيها كجمعية غير سياسية. وللعلم، فقد تأسست جمعية المنتدى كأحد الإفرازات السياسية الإيجابية المميزة التي رافقت تدشين مشروع الإصلاح السياسي في مطلع هذا القرن.
وعرفت «المنتدى» منذ ولادتها نقاشات داخلية موسعة وغنية تناولت الدور الذي يطمح أعضاؤها، وعلى وجه الخصوص مؤسسوها أن تقوم به. تمخضت تلك الحوارات عن، وانعكست بشكل واضح في، الأهداف لتي حددتها الجمعية لنفسها، والتي تنص على:
1. مساندة وتشجيع التوجهات الليبرالية لبناء مجتمع مدني معاصر تسوده قيم العدالة والحرية والمساواة.
2. تعزيز الوحدة الوطنية وترسيخ مبادئها القائمة على التسامح والقبول بالآخر.
3. التفاعل الإيجابي مع المؤسسات المحلية والإقليمية والدولية لتنشيط الحركة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
4. التعاون مع مؤسسات المجتمع المدني ومشاركتها في مسيرة التنمية والبناء.
وتبلور ذلك على نحو أفضل في الوسائل التي إختارتها المنتدى لتحقيق تلك الأهداف والتي نصت على:
1. عقد الندوات والمؤتمرات وورش العمل.
2. التعاون مع المؤسسات المهنية والتعليمية والثقافية في تنفيذ البرامج ذات العلاقة بالأهداف التي تسعى الجمعية لتحقيقها.
3. إعداد الدراسات والبحوث.
4. إصدار النشرات والدراسات والمطبوعات التقليدية والإلكترونية.
ومن يراجع مسيرة المنتدى على امتداد السنوات الثماني الماضيات، بوسعه أن يلاحظ المراحل الثلاث المفصلية في حياتها، والذي نجح رؤسائها الثلاثة في تكريس رؤيتها السياسية خلالها عن طريق نظرتهم الصحيحة للدور الذي يقع على عاتقها كجمعية متميزة. فبينما حرص أول الرؤساء وهو رشيد محمد المعراج، على وضع اللبنات الأولى من خلال التركيز على وضع الأساسات القوية الراسخة التي كانت الجمعية بحاجة لها للاستناد عليها لبلورة خط وطني ديمقراطي متميز، من خلال الأنشطة التي رافقت مرحلة رئاسته، فوجدناه يركز كثيرا على اختيار المتحدثين من بين صفوف النخبة، على الصعيدين العالمي والإقليمي؛ لإثراء الفكر السياسي بتناول قضايا حساسة وبحاجة إلى معالجات مختلفة قادرة على إثارة التحديات أمام الفكر السياسي البحريني، مستفيدا لتحقيق ذلك من خلفياته المهنية التي أباحت له بناء شبكة علاقات واسعة مع تلك الفئة المختارة من العقول المتميزة، جاءت المرحلة التي تقلد فيها رجل الأعمال البحريني عادل عبدالله فخرو رئاسة الجمعية، فوجدناه يكرس جهوده من اجل الحفاظ على ما أسس له المعراج، مع إضافة نكهة خاصة به، تقوم على مد الجسور وتعزيز العلاقات بين «المنتدى» وقطاع رجال الأعمال، دون إهمال الجمعيات السياسية، من أجل صهر إمكانات الجميع للتأسيس لحركة سياسية تجمع بين رجال الأعمال والقوى السياسية في بوتقة التأسيس لحركة وطنية ديمقراطية واسعة، يمارس كل طرف منها مهامه على الوجه الأفضل.
ونجح عادل فخرو، ساعدته في ذلك تجربته كرجل أعمال مثقف ومسيس في آن، في المساهمة في تقليص هامش الفجوة بين التجار والعمل السياسي، من جهة ومد جسور التعاون بين «المنتدى « والجمعيات السياسية من جهة ثانية.
وأخيرا تسلم جمال محمد فخرو الراية، كي يتقدم بها على طريق تعزيز دور الجمعية في الساحة السياسية البحرينية، فنجح في دفع «المنتدى» لأخذ مواقع متقدمة في العمل السياسي البحريني من خلال حضورها المباشر في العديد من المعارك السياسية، التي أخذ الكثير منها طابعا ثقافيا، وأحيانا أخرى غلبت عليه المسحة الاجتماعية أيضا، دون أن يكون ذلك على حساب الحضور السياسي للمنتدى كجمعية متميزة.
ساعد هؤلاء الرؤساء الثلاثة على أداء هذه المهمة المعقدة والمتشعبة خلال تلك المراحل، وبنجاح، مجموعة من أعضاء مجالس الإدارة.
لقد غرف رؤساء المنتدى من معين مجالس إدارة تمتع أعضاؤها بالخبرات السياسية الغنية من أمثال عبدالواحد أحمد، والكفاءات المهنية الراقية من مستوى خليل نور الدين وصالح حسين وندى حفاظ، والخلفيات الأكاديمية من مستوى باقر النجار، تضافرت جميعها مع قائمة أخرى من الكفاءات البحرينية السياسية والمهنية والفكرية التي ليس هنا مجال سرد كافة أسمائها.
لا يعني ذلك أن طريق «المنتدى» كان مفروشا بالورود، وليس المقصود أيضا إبراز المنتدى وكأنها الجمعية الوحيدة التي حققت النجاحات المنقطعة النظير، حيث أخفقت الجمعيات الأخرى، والتي هي – أي تلك الجمعيات - والتي ليس هنا، أيضا، ليس مجال سرد أسمائها جميعا، أسهمت كل منها حسب قدراتها ووفقا لمنهجها النظري والسياسي، في تعزيز مسيرة الديمقراطية وتوسيع هامش الحريات في هذا البلد الصغير في حجمه الكبير بكفاءات شعبه.
لكن ما يدفعنا إلى الحديث عن «المنتدى» هو شعورنا بقدرتها اليوم، ونحن نستعد لانتخابات 2010، تماما كما كانت عليه الحال في انتخابات 2006، على ممارسة دور مميز، قد يكون الآخرون غير قادرين، أو حتى غير راغبين في القيام به، لكونه لا يقع في أعلى سلم أولوياتهم، هناك حاجة ماسة كي تبادر جمعية مثل «المنتدى»، وليس هناك أي حجر على أن تبادر جمعية أخرى، بشكل مستقل أو بالتعاون مع المنتدى للدعوة إلى شكل من أشكال اللقاء السياسي لبلورة تجمع وطني ديمقراطي.
بوسع المنتدى، وطالما أنها قد اختارت، وبقرار من جمعيتها العمومية، ألا تكون جمعية سياسية، كما يتطلب قانون الجمعيات المعمول به في البحرين، أن تكون العامل المساعد في عملية التفاعل السياسي، الذي يمارس دوره في تسريع عملية التفاعل الكيميائي دون أن يفقد أيا من خصائصه.
ففي كيمياء العمل السياسي، هناك بعض المراحل التي يكون فيها دور العمل المساعد أساسيا، في إجراء عمليات التحول، مع احتفاظه، رغم كونه جزءا لا يتجزأ من العمليات، بكل الصفات الحريص على التمسك بها، وغير راغب في المساومة عليها.
قطع هذه الطريق يتطلب السير في اتجاهين، قد يبدوان متعارضين، لكنهما في حقيقة الأمر متكاملين. فكما هو مطلوب من المنتدى أن تبسط يدها كي تقوم بهذا الدور، نتوقع من القوى الأخرى التي يهمها بروز مثل هذا التجمع، أن تمد يدها كي تتماسك مع يد المنتدى ويسيران سوية نحو نهاية الطريق، الذي لا ينبغي أن يكون معاديا لأي من طرق القوى المعارضة الأخرى، أو معيقا لحركتها، ما لم تضعه هي وبقرار ذاتي منها في خانة غير خانة الحلفاء.
بروز هذا الكيان المعبر عن الحركة الديمقراطية البحرينية، الذي لا نملك حق وضع تصور له، فذلك من صلب مهمات القوى التي ستشارك في الدعوة له وبنائه، بات مهمة ملحة وعاجلة من الخطأ التباطؤ في العمل من أجلها.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 2712 - الأحد 07 فبراير 2010م الموافق 23 صفر 1431هـ
دون أدنى شك بأن المنتدى هو أحد الوسائل الفاعلة لإيصال الفكرة المطلوبة
ولقد كانت كل آرائي مطروحه في المنتدى وأدرجت العديد من المشاركات التي تعني بالشأن العام المحلي نصرة لإخواني المسلمين مع تحيات ( إبراهيم بوعمر الصنقيحي)