العدد 2708 - الأربعاء 03 فبراير 2010م الموافق 19 صفر 1431هـ

«السعيدي وأبل»... رب صدفةٍ خيرٌ من ألفِ «وفاق»!

حسن المدحوب hasan.madhoob [at] alwasatnews.com

.

لم يعد مستغربا أن تجاهر كتلة الوفاق النيابية بمواقف عديدة كانت تتحفظ حتى وقتٍ قريب من الخوض فيها أو إعلانها أو رفع السقف فيها، ومنها علاقتها بالنائبين الشيخ جاسم السعيدي وعبدالعزيز أبل، فالأول الذي يعمل وفق شعار «مناكفة الوفاق أولا»، كان محط انتقادٍ عنيف - كما هو معتاد - من أحد نواب كتلة الوفاق خلال جلسة النواب يوم الثلثاء الماضي، وصلت لحد وصفه بأنه «إمام الفتنة في البحرين»، فيما حظي الثاني بردٍ من نائبٍ وفاقي آخر خلال الجلسة التي سبقتها، في بادرة واضحة للجهر بـ «الطلاق» الذي جرى - بتكتم - بين الطرفين منذ اليوم الأول لجلوس أبل على كرسيه في المجلس النيابي.

وفي حقيقة الأمر، فإن علاقة الوفاق بالنائب السعيدي كانت على الدوام مثقلة بالمناكفات والحروب الإعلامية، ولم يكن مستغربا أبدا أن نسمع ونرى كلمات من احد نواب الوفاق يهاجم فيها السعيدي أو العكس من ذلك، خاصة وأن الأخير يملك من الجرأة ما يملكه أي نائب آخر في البرلمان، ومما يؤسف له أن هذه الجرأة لا توجه غالبا إلى السلطة التنفيذية، بل إلى الوفاق في مجمل الأحيان.

أما علاقة الوفاق بأبل، فلم تشهد خلال السنوات الأربع الماضية إلا القليل من الأضواء، وظل الطرفان يتحاشيان الحديث عنها علنا، ربما رغبة في إبقاء النار خابية تحت الرماد، إلا أننا بدأنا نشهد منذ فترة وجيزة سخونة في الأجواء بين الطرفين، بعدما بدأ أبل يبدو أكثر وضوحا في مواقفه النيابية، خاصة تجاه مقترحات ومشاريع الوفاق التي لم يعد يكتفي برفضها، بل أصبح يشن عليها الهجوم تلو الهجوم ويوجه لها الانتقاد تلو الآخر.

علاقة أبل بالوفاق بعد انتخابات 2006، مرت بأربع محطاتٍ متمايزة، الأولى لم تستمر إلا أشهرا قليلة بعد الفوز، إذ كانت العلاقة «هادئة» بينهما رغم إعلان أبل المفاجئ بأنه سيكون نائبا «مستقلا»، في إشارة ضمنية إلى انفصال جزئي «لبق» عن الوفاق، وخلال هذه الفترة لم يكن أحد يدرك أن ثمة انفصال بين الطرفين، لأن ذلك لم يبدأ بعد فعليا.

المرحلة الثانية جاءت بعد أن انزوى أبل بعيدا عن الوفاق، ملتزما «الحياد» في علاقته معها، غير انه لم يكن يعارضها، وقد امتدت تلك الفترة من منتصف الدور الأول إلى نهاية الدور الذي يليه، أما المرحلة الثالثة فقد بدأ أبل يجاهر «بحذر» ببعض المواقف المضادة للوفاق، ومع صمت الوفاق على مواقف أبل جاءت المرحلة الرابعة والأخيرة هي التي دفعت الوفاق لاتخاذ مواقف معلنة تجاهه، بعد أن أصبحت كل مشاريع الوفاق واستجواباتها محل رفضٍ لدى النائب أبل!

الوفاق تعتقد أنها هي من أوصلت أبل إلى البرلمان، وترى أن الأخير بدونها لا يحمل أي عمقٍ جماهيري يؤهله للوصول إلى «القضيبية»، لذلك هي الآن مصابة بخيبة أملٍ كبيرة، لأن النائب الذي أوصلته بجمهورها - كما ترى هي - انقلب عليها، وأصبح دائم التصويت ضدها كما يفعل النائب السعيدي بالضبط!

مكمن الإحباط عند الوفاق لا يعود لخسارة أبل مهنيا، أو لفقدها صوتا في التصويت النيابي، فهي تملك من التكنوقراط في الكتلة ما يغنيها عنه، وقد اثبت الوفاقيون أنهم أكثر النواب الأربعين حرفية ومهنية، أما في التصويت فلا يفرق معها أن تصوت بـ 17 أو 18، لأن ذلك لن يمنحها الأغلبية، غير أن مكمن الإحباط لديها يتمحور في إحساسها أنها خدعت من رجل لم يخطر ببالها يوما أن يخذلها في أحلك الظروف!

لا ازعم أن الوفاق أصبحت تنظر إلى أبل كما تنظر إلى السعيدي الآن، رغم أنني اجزم أن الاثنين أصبحا ينظران إلى الوفاق نظرة مشتركة، مع الفارق الشاسع في المبررات والمنطلقات، فأبل وإن صوّت ضد التعديلات الدستورية، وضد الكشف عن موازنة الديوان الملكي، وضد استجوابات الوفاق، وضد إعادة الهبات من التي من منحت من سواحل البحرين، إلا أنه يحمل تاريخا نضاليا لا تنكره الوفاق، فالرجل كان من ضمن من وقّعوا على العريضة النخبوية التي طالبت بإعادة الحياة البرلمانية في العام 1994، وكان رئيسا للمؤتمر الدستوري الذي اخذ على عاتقه رفض دستور 2002، وهو الذي قال إنه أقسم على دستور 73 وليس دستور 2002، حينما فاز في الانتخابات!

أبل على عكس السعيدي لا يبدو أنه يحبذ أن تخرج خلافاته مع الوفاق إلى العلن وفي العلن، لذلك فإنه يرفض الحديث عنها في الصحف، رغم انه يؤكدها على شاشة التصويت في قاعة مجلس النواب كل ثلثاء، لدرجة أن الصحافيين الحاضرين خلال الجلسة أصبحوا يتنبأون - بسهولة - بموقف أبل من أي تصويت، بمجرد أن يعرفوا في أي تجاه ستصوت الوفاق... أو السعيدي...

قبل أربعة أعوام لو ادعى أحدٌ أنّ ثمة مشتركات بين النائبين عزيز أبل والشيخ جاسم السعيدي لكان هذا الادعاء ضربا من «الخبل» أو الجنون، ذلك أنهما كانا على طرفي نقيض أيدلوجيا وعقائديا، وسياسيا، أما اليوم فأزعم أن المشتركات بينهما أصبحت أقوى من المشتركات التي كانت تجمع أبل بحليفته السابقة التي طلقها ثلاثا «الوفاق» منذ دخوله عتبة المجلس النيابي!

ومن عجائب الأمور فعلا أن تتلاقى إرادتا نائبين أحدهما ليبرالي والآخر سلفي متشدد في أغلب القضايا السياسية، وإن كنا نشدد على أن من حق أي نائبٍ أن يصوّت وفق قناعاته، إلا أن هذا التوافق والتطابق يدفعنا للحديث عن تحالفٍ ربما يكون غير مخططٍ له بين أبل والسعيدي، وكأنّ لسان حال الاثنين يقول «رب صدفةٍ خيرٌ من ألف وفاق»!

إقرأ أيضا لـ "حسن المدحوب"

العدد 2708 - الأربعاء 03 فبراير 2010م الموافق 19 صفر 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 16 | 5:39 ص

      whseet@yahoo,com

      المهم فيما حدث والكل تجاهلة هل الكثير من نواب الوفاق لا يحضرون جلسات المجلس الاستثنائية حتى نحكم على صدقية السعيدي أم هو يتعدى على النواب فأذاما قاله السعيدي صحيح فيجب على النواب أن يخجلوا من انفسهم ويعتذروا للسعيدي أما اذا ما قاله كذب فيجب مسائلته من قبل البرلمان
      اما عزيز ابل اعتقدر عندما راي ان ماتطرحة الوفاق يؤجج الطافية ابتعد عنها حتي لا يوصف بالطائفية
      ارجو ان لا يحذف تعليقي

    • زائر 15 | 1:42 م

      تقول الحكمة (العيّنة بيّنة)

      رغم الصدمة التي قدمها ابل للوفاق ولجميع المراقبين ولكن الصدمة الكبرى والصفعة المؤلمة كانت على وجه العلمانيين مثل جمعية وعد وغيرها من الذين طالما طالبوا الوفاق بالتنازل عن مقاعد نيابية لصالحهم وطالما عيروا الوفاق بأنهم لم يستجيبوا لهم ولم يراعوا اصول التحالف معهم، فها هو احدهم "العلمانيون" قد وصل وقد غدر وهو لم يغدر بالوفاق بل غدر بالشعب وصوت خلاف مصلحة من صوت له وخلاف مصلحة كل الشعب فهل هنامك خيانة اكبر من تلك الخيانة؟!!

    • زائر 14 | 8:00 ص

      إلى الهامس

      { لا خير في كثير من نجواهم } صدق الله العظيم .

    • زائر 13 | 7:59 ص

      يا زائر 7

      ... ،،، تساوي طريقة الأحاديث في الإمام علي عليه السلام في .السعيدي

    • زائر 12 | 6:53 ص

      حسين حسين ياحسين

      انا والله تنبات لاابل حينما كان يدير ندوة في العروبة فهو يفلع ويداوي ويولعها ويطفيها تارة وهوليس الاول بين من تخاذل فحب الدنيا فوق الجميع 0 اما السعيدي فهو يضحكني اكثر من مسرحيلت طارق العلي وعادل امام ممثلي الاول شريح

    • زائر 11 | 5:29 ص

      مجردهمس

      اللهم كثر لنا من امثال السعيدي وثبت قلبه على قول الحق وانصر من نصره واخذل من عاداه امين

    • زائر 8 | 12:40 ص

      سلوم البرلمان

      يقول المثل : أن شخصا ادعى الإسلام ثم تنصر , وبعيدا عن الهرج والمرج ، قال حكيم القرية : سلوم ما زاد في الإسلام خردلة ، ولا النصارى درت بإسلام سلوم ::
      ومهما تكن عند امرئ من خليقة وإن خالها تخفى على الناس تعلم ..

    • زائر 7 | 12:37 ص

      للأسف

      "أبل" ناكر للجميل وهو أكبر مصداق لعدم أمان الليبراليين وتقلبهم ألف مرة في الثانية الواحدة.

    • زائر 6 | 12:15 ص

      لو كان النعيمي ...نعم

      أبل لم يتعرّض لموقف اغراء ولم يجتز أي امتحان، كان يتحرك على الأرض الباردة أيام الإنتفاضة الشعبية... انصافا ؛ لوكان عبدالرحمن النعيمي لقلنا 17+1 ولكن الحكم أدار اللعبة والمدرب اختار اللاعب المناسب له.

    • زائر 4 | 11:18 م

      لاأمان للعلمانية!!

      لا حرمنا من فيض فكرك النير ياقائدنا ياأبا سامي عندما قلتها بملئ الفم ولم تأخذك في الله لومة لائم: فلتسقط العلمانية!!!
      نعم العلمانيين وإن أظهروا التعاطف مع الإسلاميين لكنهم لايثبتون (حزة الحزة) والتاريخ مليئ بالشواهد ليس آخرها ولد أبل!!

    • زائر 3 | 11:04 م

      الرجال مواقف ..ز والايام شواهد ... والتاريخ سجل ...

      حقا الرجال مواقف والايام كواشف والتاريخ يسجل , وكما يقال يستطيع الشخص ان يخدع بعض الناس بعض الوقت لكنه لا يستطيع ان يخدع كل الناس كل الوقت . هل يدرك هذه الحقيقة ام يتذاكى على الاخرين التي عاشت مع سابقه في 1972 ؟؟

    • زائر 1 | 9:10 م

      اصلا السعيدي

      اصلا السعيدي مفلس ولا يوجد عنده شيئ غير الوفاق والشيعة واعتقد من مهازل التاريخ ان يكون هذا نائب وبصراحة هو اشبه بالمهرج دخل كلية الطب وهو يعلم تماما ان كلية الطب ليست مكانه وانما مكانه السرك

اقرأ ايضاً