في نوفمبر/ تشرين الثاني 2009، سرت شائعات في سوق الحواسيب الدفترية عن عزم شركة «أبل» طرح جهاز جديد، وصفه البعض بأنه «الأداة التي ستقضي على كل الأدوات، بحيث يمكن استخدامه كجهاز كمبيوتر وهاتف ومشغل اسطوانات محمول ووسيلة لتصفح الكتب الإلكترونية، في الوقت عينه. وبأن الجهاز سيكون «بحجم مجلة عادية ويطرح بأسعار متدنية تتراوح بين 600 و1.000 دولار أميركي».
لم يخف متابعو حركة التطوير في أسواق الحواسيب الدفترية إعجابهم بهذا الحاسوب حتى قبل وصوله إلى تلك الأسواق. فقد اعتبرت كبيرة المحللين لدى شركة آي تي آي سي (ITIC ) المتخصصة في قطاع التكنولوجيا لورا ديدو، أن تلك الخطوة ستمثل «نقطة تحول تاريخية... وان «أبل» ستثير دهشة الجميع بطرحها لذلك الجهاز».
وتوقع كبير المحللين لدى شركة سي نت (CNET) دان آكرمن، أن تطيح أبل «بكل الموجودين على الساحة بجهازها الجديد، فعوضا عن حمل مجموعة متنوعة من الأدوات لتنفيذ مهام مختلفة، سيكون لديك أداة واحدة للقيام بكل ما تريد فعله».
اليوم، تحولت تلك التوقعات إلى حقيقة عندما طرحت شركة أبل حاسوبها الدفتري الجديد، او بالأحرى حاسبها اللوحي «Slate» الذي أطلقت عليه اسم آي باد «iPad»، والذي سيكون «أكثر شخصية من الكومبيوتر الحضني، وأكثر قدرة بكثير من «الهواتف الذكية»، كما جاء على لسان، الرئيس التنفيذي للشركة ستيف غوبز، الذي عزز أيضا ثقته بالمكانة التي سيحتلها الجهاز في أسواق تقنيات المعلومات، نظرا للمواصفات العالية التي يتمتع بها ذلك الجهاز الذي لن يتجاوز سعره، كما جاءت التوقعات، 600 دولار.
ولخص غوبز تلك المواصفات: بأنها عبارة عن برنامج للبريد الإلكتروني، يتكامل مع متصفح سفاري. ولوحة طباعة افتراضية، مزودة بشاشة قياسها 9.7 بوصة. ولا يتجاوز سمك الجهاز نصف بوصة، تشغله بطاريات لمدة عشر ساعات من الأداء المتواصل، يسيرها معالج تصل سرعته إلى 1 غيغا هيرتز، وبسعة تخزين تتراوح بين 16 و64 غيغا بايت.
ويعمل الجهاز باللمس المتعدد (Multi touch). هذه المواصفات تجعل الجهاز، كما تقول المؤسسات الإعلامية، «أداة فعالة صالحة لقراءة الكتب الإلكترونية، كما يمكن استخدامه أيضا لممارسة ألعاب الفيديو أو تخزين الصور والأغاني، ومتابعة قنوات التلفزة».
ومنذ أن جرى الحديث عن آي باد، كثرت الإشارت حول أجواء المنافسة التي ستشتعل بين شركتي أبل ومايكروسوفت في أسواق البرمجيات وبين الأولى وشركات إنتاج الحواسيب الدفترية مثل «ديل» و»توشيبا»، وحتى «لينوفو».
فعلى المستوى الأول، ونظرا لكون أي باد يستخدم برنامج تشغيل هاتف «آي فون»، فمن الطبيعي أن يكون منافسا مباشرا لأجهزة الحاسب الدفترية التي تستخدم مختلف النسخ من ويندوز، بما فيها ويندوز 7. أما على مستوى الأجهزة، فمن المتوقع، وبالنظر إلى مواصفات الجهاز من حيث الوظائف التي بوسعه القيام بها، وخفة الوزن، وسرعة المعالج، ان يسحب البساط من تحت أقدام الشركات المشار لها سابقا.
لكن الأمر المثير للاستغراب هو أن ذلك الدور الإيجابي الذي سيمارسه آي باد في رفع مداخيل شركات تملك دورا للنشر، لما فيها تلك التي تصدر صحفا مشهورة مثل «تايم وورنر» و»كوندا ناست» و»نيويورك تايمز»، إذ جاء في تقرير لوكالة «رويترز» للأنباء نقلا عن رئيس مؤسسة «مجيد ادفيزرز» الاستشارية الأميركية مايك فورهوس بأن «الكومبيوتر اللوحي يمكن أن يحقق زيادة تتراوح بين 10 و20 في المائة في العائدات الرقمية لدور النشر».
لكن بعيدا عن قضايا المنافسة، هناك مسألة جديدة يثيرها طرح آي باد في الأسواق، وهو نقل الوظائف التي يقوم بها الحاسوب من سطح المكتب إلى الشبكة العنكبوتية العالمية، إذ يتيح اي باد لمستخدميه كل البرمجيات التي يحتاجونها باستدعائها مباشرة من القرص الصلب المتوافر في الحاسوب، إلى استخدامها مباشرة أيضا من الخوادم المرتبطة بالإنترنت. وهو ما بدأته غوغل، لكن ليس بالعمق أو التطور الذي يوفره آي باد.
هذه المسألة أشارت لها صحيفة الشرق الأوسط اللندنية في تحليل مطول، حمل عنوان «هل سيصبح الكومبيوتر المكتبي شيئا من الماضي؟»، جاء فيه «إذا لم تتحول الشبكة إلى سطح مكتب، فقد يجوز أن يتحول الأخير إلى سلعة بلاستيكية يمكن التخلص منها، أو استعادتها، أو استنساخها عند الطلب. وهذا الأمر ليس نظرية بل أمر واقع حاصل منذ فترة طويلة، وهو أحد الأساليب المعتمدة في أماكن العمل. و«XenDesktop» أحد هذه المساعي. والجدير بالذكر أيضا أن تطور مثل هذا الأسلوب يعتمد على مدى إمكانية وضع واجهة تفاعل كاملة في جهاز صغير لا يتعدى حجمه كف اليد. وهذا الأمر هو الذي دفع كلا من «إنتل» و«غوغل» إلى بذل المزيد من الأبحاث في واجهتي التفاعل «موبلن» و«أنرويد أو إس» على التوالي الخاصتين بهما».
لقد حلت الحواسيب الحضنية، في الكثير من مواقع العمل، مكان الحواسيب الشخصية، ولم يستغرق ذلك أكثر من عقد من الزمان، واليوم تغزو الحواسيب الكفية مواقع الدفترية لكن بوتيرة أسرع، ليس على مستوى الأجهزة والمعدات، فحسب، وإنما أيضا في قطاع البرمجيات والتطبيقات.
وهذا من شأنه ان ينعكس بشكل مباشر على سلوك المستخدم الذي سيرتبط، وبشكل تلقائي بالويب، وعن طريق الحواسيب الكفية، لما سيجده على شبكته من برمجيات وتطبيقات متطورة، وعن طرق اتصالات مرنة، وربما في متناول اليد، من الناحية المالية أيضا، عوضا عن التقيد بما هو موجود على القرص الصلب في حاسوبه الشخصي او الدفتري.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 2702 - الخميس 28 يناير 2010م الموافق 13 صفر 1431هـ
مجموعة النخبة الإلكترونية هل هم وسائل للتنمية
وضعت مصطلح "مجموعة النخبة الإلكترونية" وهو مصطلح تم الجدال عليه من قبل حديثي النعمة بالوظيفة ولكن هذا المصطلح هل هو عامل تنمية أو نومية هادئة والمطلوب هو دفع عجلة التنمية وهل نجحت التقنية فعلا من زاوية المؤسسات (مع تحيات إبراهيم بوعمر الصنقيحي )