وضع الرئيس الأميركي باراك أوباما الحرب ضد تنظيم «القاعدة» وحركة «طالبان» في قمة أولويات إدارته وتأنى كثيرا قبل الكشف عن استراتيجيته الجديدة في شأن الوضع في أفغانستان خاصة عقب فوزه بصورة مفاجئة بجائزة نوبل للسلام عام 2009.
وأعلنت «القاعدة» وحركة «طالبان» عقب إعلان أوباما عزمه إرسال المزيد من القوات إلى أفغانستان، بهدف التفكيك والقضاء على «القاعدة» و»طالبان» ومنعهما من العودة مجددا في أفغانستان وباكستان، عن دفع المزيد من المقاتلين وتصعيد عملياتهما العسكرية لمحاربة أميركا دون هوادة بهدف طردها من أفغانستان.
وفي شكل مفاجئ بثت حركة «طالبان» في 25 ديسمبر/ كانون الأول الماضي شريط فيديو يظهر فيه الجندي الأميركي بو روبرت برغدال الذي أسر منذ ستة أشهر في أفغانستان، وهو أول أميركي تحتجزه الحركة منذ بداية التدخل الأجنبي في أفغانستان العام 2001.
وقال رجل يدعي أنه من قياديي «طالبان» إن الرهينة معتقل في مقاطعة وزيرستان.
وسبب هذا الإعلان صدمة هزت الرأي العام الاميركي لكن إدارة أوباما بذلت جهدها للتغطية عن هذا التطور الخطير، ولم تمض أسابيع حتى أعلنت واشنطن في ليلة عيد الميلاد (26 ديسمبر) عن فشل محاولة لتفجير طائرة ركاب أميركية كانت قادمة من أمستردام إلى ديترويت وقالت إن المشتبه به في تنفيذ العمل الإرهابي هو شاب نيجيري مرتبط بتنظيم «القاعدة» في اليمن.
وفي 30 ديسمبر وخلال احتفالات أعياد الميلاد أيضا أعلنت «طالبان» عن مقتل 8 من عناصر الـ «سي اي ايه» وجرح 6 آخرين في هجوم انتحاري وقع في قاعدة عسكرية أميركية في مدينة خوست جنوب شرقي أفغانستان نفذه مهاجم أردني كان يعمل مع المخابرات الأميركية.
وفي شكل سريع وفيما لم تكتمل التحقيقات في هذه الهجمات والمحاولات، تطورت الأحداث إلى عمليات عسكرية وشن ضربات كبيرة على ما اسمته الإدارة الأميركية مواقع لتنظيم «القاعدة» في اليمن أوقعت الكثير من القتلى بينهم قادة ميدانيين واستغلت في ذلك غطاء انشغال صنعاء بالحرب على التمرد الحوثي.
لكن هذه الضربات زادت من مخاوف اليمن من فتح جبهة جديدة في أراضيه، لذلك سارعت صنعاء لإعلان رفضها التدخل الاميركي المباشر فيما هدد بعض رجال الدين بمقاتلة تلك القوات إذا وصلت اليمن، مما يعني وجود فرصة لازدياد قوة «القاعدة» بدلا من إضعافها.
والأيام الماضية شنت واشنطن ضربات صاروخية في المنطقة الحدودية بين أفغانستان وباكستان في محاولة لقتل زعيم «طالبان باكستان» الجديد حكيم الله محسود لتحقيق نصر كبير لكنها فشلت أيضا في ذلك. والمحزن في الأمر أن كل هذه الضربات توقع الكثير من القتلى المدنيين الأبرياء مما يحول واشنطن إلى طرف في حرب الإرهاب وليس متصديا لها.
هذه الأحداث المتسارعة تظهر أن الإدارة الأميركية لا تسيطر على الأمور كما ينبغي وإنما تتعامل بشكل انفعالي مع هجمات موجعة تنفذها «القاعدة» و»طالبان» أفقدتها ميزة المبادرة.
ويبدو من الواضح أن التحركات الأميركية الأخيرة تصب في خانة الانتقام ورد الاعتبار أكثر من كونها هجمات مرتبة ومعدة سلفا، فهل نمني نفسنا بالتوصل لنهاية لهذه الأوضاع المزرية؟
إقرأ أيضا لـ "ابراهيم خالد"العدد 2693 - الثلثاء 19 يناير 2010م الموافق 04 صفر 1431هـ