ويتطلب استقراء «الدور السياسي المميز الذي يمكن أن تمارسه منظمات المجتمع المدني»، في المرحلة المقبلة، تشخيص الأوضاع الراهنة التي تعيشها، وهي أوضاع ورثتها تاريخيا تلك المنظمات من مرحلة ما قبل المشروع الإصلاحي، حيث كانت السيادة المطلقة حينها لـ «قانون أمن الدولة» على المستوى التشريعي، ولأجهزة المخابرات والإدارات التي كانت تدور في فلكها على المستوى التنفيذي.
محصلة تلك المرحلة كانت تشويه معالم صورة تلك المنظمات، وإرباك حركتها، وهدر جهودها، دون التوقف عن محاولات تحطيم بنيتها التحتية، بفعل الأسباب الآتية:
1. تسييس الدولة لمنظمات المجتمع المدني، من خلال السياسات التي اتبعتها في التعامل معها، عندما صنفتها، بوعي وإصرار ودون أي مبرر، على أنها مؤسسات حزبية سياسية تسعى لقلب نظام الحكم.
هذا النمط من السلوك من قبل الدولة، تمحور في مسارين أساسيين، تجلى الأول في أبشع أشكال العلاقة التي حكمت تعامل أجهزة الدولة مع الاتحاد الوطني لطلبة البحرين، حيث لم تكتفِ الدولة بحرمانه من حقه الطبيعي في تأسيس فرعه المركزي في الدولة الأم وهي البحرين، كما كان عليه الحال في اتحادات طلابية خليجية مشابهة مثل الاتحاد الوطني لطلبة الكويت، بل ذهبت إلى ما هو أسوأ من ذلك عندما اعتبرت، من غير وجه حق، كل طالب بحريني يتلقى تعليمه في الخارج، ومن خلال النزعة العدوانية في تعاملها معه، وكأنه عضو منظم في خلية إرهابية، يستحق أقصى أشكال العقوبات، التي تبدأ من سحب جوازات سفر الطلبة وحرمانهم من مواصلة دراستهم في الخارج، دون التردد عن تصعيد ذلك كي يصل الأمر إلى التصفيات الجسدية.
أدى ذلك إلى ردة فعل طبيعية ومتوقعة من قبل الاتحاد، الذي تحول من أجل حماية أعضائه من سياسة الدولة تلك إلى منظمة قريبة من الحزب السياسي، الذي يمارس كل الأنشطة السياسية المشروعة، التي لم تكن تشمل الإرهاب بطبيعة الحال.
تسببت تلك السياسة الرعناء حينها، في دفع الاتحاد نحو التسييس، والحيلولة جراء ذلك، دون تطور الاتحاد بشكل طبيعي إلى مؤسسة نقابية تمارس دورها في بناء منظمة نقابية ناضجة من منظمات المجتمع المدني، تؤدي دورها الصحيح والطبيعي وتخوض نضالاتها المهنية بأساليب سلمية في بيئة طبيعية ملائمة.
أما المسار الثاني فكان موجها، أساسا، ضد المؤسسات التي نجحت في انتزاع شرعيتها التأسيسية في البحرين، وممارسة أنشطتها على أرض الوطن الأم، من أمثال جمعية المحامين، وجمعية أوال النسائية، وأسرة الأدباء والكتاب، وجمعيات مهنية أخرى مثل الأطباء والمهندسين.
لم تسلم هذه المؤسسات من قمع الدولة لها، ويكفي أن نسوق مثالا واحدا كشاهد على ما كانت تعانيه تلك الجمعيات، إذ جردتها إدارة السلطة ذات العلاقة من حقها في ممارسة العديد من انشطتها التنموية في الداخل، وترافق ذلك مع منعها من المشاركة في أية فعالية «مدنية» في الخارج، قبل أن تحصل على إذن رسمي يخولها الحضور في تلك الفعالية.
لقد كان على تلك الجمعيات المدنية، مهنية كانت أم اجتماعية أن تزود تلك الإدارات بمعلومات تفصيلية يسودها الطابع الأمني الهادف إلى التلاعب بعامل الزمن كي يفوت تاريخ الفعالية قبل نيل الجمعية المعنية التصريح الرسمي الذي يخولها بالمشاركة.
هذه السياسة زرعت شجرة الإحباط في صفوف تلك الجمعيات، وأقامت سدودا منيعة في طريقها، وكانت محصلة كل ذلك حرمان تلك الجمعيات من ممارسة دورها المدني الذي كانت مؤهلة وطامحة في أدائه على الوجه الأكمل.
2. محاولات يائسة لخلق مؤسسات بديلة ملتصقة بالدولة وتسير في أذيالها، من أمثال الأندية الطلابية، وبعض النقابات في الإدارات الحكومية، المعززة ببعض الأشكال التنظيمية المؤقتة التي تمثل البحرين في بعض الفعاليات الدولية ذات العلاقة بمنظمات عالمية، التي لم يكن في وسع الدولة حينها مقاطعتها، من أجل الاحتفاظ بعضويتها في الأمم المتحدة والمنظمات المنبثقة عنها، بما فيها منظمات مثل منظمة العمل الدولية، ومنظمة البيئة العالمية.
وقد مني معظم، إن لم نقل جميع تلك المحاولات بالفشل الذريع. لكنه أشعل نار حرب بين تلك المؤسسات الممولة من قبل الدولة، وتلك التي كانت ملتصقة بالمعارضة السياسية البحرينية التي كانت ترزح حينها تحت أثقال «قانون أمن الدولة».
أدى كل ذلك إلى ضمور العمل المجتمعي، وضاعت على تلك المنظمات، رغما عنها، فرص تاريخية لم يعد في الإمكان تعويضها حتى يومنا هذا.
سدت تلك السياسة القمعية غير المبررة على الإطلاق كل السبل أمام أي تطور مهني أو اجتماعي مدني يمكن أن تسلكه منظمات المجتمع المدني البحرينية التي لم تجد أحدا يحتضنها، ومن منطلقات وطنية صرفة سوى الحركة الوطنية البحرينية بمختلف فصائلها.
لكن حركة المعارضة السياسية تلك، انطلقت من ردة فعل إجبارية فرضتها عليها طبيعة القوانين القمعية السائدة حينها.
لقد وجدت تلك المعارضة نفسها أمام خيارين أحلاهما مر: إما الابتعاد الكلي عن حركة منظمات المجتمع المدني التي كانت حينها مدفوعة بزخم قوي من أجل المساهمة في التأسيس لحركة مجتمعية نشطة كان في وسعها أن تعضد الحركة السياسية، وتشكل أحد روافدها الأساسية الفعالة، أو، وهو الخيار الثاني، التوجه نحوها، على أرضية مسيسة تركت الكثير من آثارها السلبية على بنية تلك المنظمات وانعكست بشكل مباشر على أنشطتها المختلفة.
وقبل الخوض في المدخل الذي اختارته المعارضة حينها، لابد من التأكيد، ومن باب الإنصاف للمعارضة، أن القوانين القمعية التي كانت سائدة حينها، قد شكلت نسبة عالية من اتخاذ القرار ومن ثم السلوك الذي اتخذته أطراف المعارضة المختلفة إزاء تلك المنظمات، ومن ثم فإن الدولة، قبل أي طرف آخر، هي التي تتحمل وزر الواقع الضعيف الذي اضطرت تلك المنظمات أن تراوح عنده طيلة الفترة التي سبقت مشروع الإصلاح السياسي الذي عرفته البحرين في مطلع الألفية الثالثة، وحالة الإحباط التي تفشت في صفوفها جراء تلك السياسة.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 2693 - الثلثاء 19 يناير 2010م الموافق 04 صفر 1431هـ
كوبونات بعشرات الألاف الدنانير لأشخاص لا يريدون العمل
أحد التوصيات التي خرجت بضرورة الإرتقاء ببعض المواطنين الموظفين وكان ذلك إثر دراسة ومراجعة وتحليل وتم منح بعض الموظفين البحرينيين من قبل احد الإداريات كوبونات للجامعة الخاصة وهم في الواقع إنتاجيتهم متردية والبعض منهم مارس سلوكيات لا تمت للعمل بصلة ، إن ترابط الأداء والنتائج يجب أن تكون مرتبطة بين مؤسسة المجتمع المدني والقطاعات الأخرى حتى نستطيع أن نضع أقدامنا على عتبة 2030( مع تحيات إبراهيم بوعمر الصنقيحي)
أكل العيش عن طريق مؤسسة المجتمع المدني
انضم إلى أحد مؤسسات المجتمع المدني وكان يشكو المظلومية وكان يدعو زملائه في العمل للإنضمام لتلك المؤسسة وبعد ذلك اقتصر نشاطه على متابعة الأعضاء وعن المقالات التي تدرج في السايت التي تخص الشأن العام المحلي ومن الذي يقوم بتحديثها وبعد ذلك منح في العمل الدرجة الوفيرة حيث كان يعمل جاسوسا على زملائه ( مع تحيات بووضحه المهبلاوي)