من المرات النادرة فقط التي نلمس فيها أن النشاط البرلماني البحريني في الخارج يحقق رصيدا إيجابيا إلى مصالح البحرين بعد الصورة النمطية القاتمة التي رسمها الناس بسبب السفرات المجانية التي دأب عليها الكثير من أعضاء المجلسين المنتخب والمعين في البحرين.
فمن الواضح أن الزيارة الرسمية الموفقة التي قام بها رئيس مجلس النواب خليفة الظهراني إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية خلال الأسبوع الماضي كانت زيارة مهمة وحيوية، وحققت نقلة نوعية في العلاقات البرلمانية بين البحرين وإيران سياسيا وبرلمانيا واقتصاديا.
الرئيس الظهراني كان في برنامج لقاءات حافل ورفيع المستوى في طهران، بدءا من اللقاء مع الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد ورئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني ورئيس السلطة القضائية الشيخ صادق لاريجاني وأمين عام مجلس الأمن القومي سعيد جليلي فضلا عن لقاء مشترك مع وزيري الخارجية والمالية في إيران، وهذه اللقاءات كانت إيجابية وبناءة، وكلا الطرفين كان يصغي للآخر برحابة صدر ودون توجس.
التصريحات الإيجابية التي أظهرها المسئولون الإيرانيون تجاه البحرين وكذلك تصريحات الوفد البرلماني البحريني برئاسة الظهراني عكست رغبة حقيقية بين البلدين في تأصيل فهم استراتيجي مشترك للشكل الذي ينبغي أن تكون عليه العلاقات بين مملكة البحرين والجمهورية الإسلامية الإيرانية خارج منطق الريبة أو المزايدات.
مباحثات الظهراني في طهران شملت السبل الكفيلة لتطوير العلاقات الثنائية، واستمع الظهراني لشرح مفصل تطميني عن دواعي ومبررات البرنامج النووي الإيراني، وكذلك إلى الرؤية الإيرانية للصراع في الشرق الأوسط وأمن منطقة الخليج، والبيان الختامي المشترك لهذه الزيارة أظهر تقاربا بحرينيا - إيرانيا في مختلف المجالات وعلى الصعد كافة، وخصوصا أن الظروف البالغة الحساسية في المنطقة تتطلب هذا التنسيق عالي المستوى.
وقد بدا واضحا الارتياح الرسمي البحريني الكبير لنتائج هذه الزيارة البرلمانية، ورأينا ذلك صراحة حينما استقبل سمو رئيس الوزراء رئيس المجلس النيابي، وعبر سموه عن ارتياحه العميق لنتائج هذه الزيارة وأثرها في تحقيق التواصل المنشود دائما مع الأشقاء في المنطقة.
كما أن الجانب الإيراني عبر للوفد البرلماني البحريني عن تطلعه لزيارة جلالة الملك وسمو رئيس الوزراء إلى طهران للمضي قدما في توسيع رقعة العلاقات المشتركة ودفع النشاط السياسي والاقتصادي بين البلدين.
وفي إطار النشاط البرلماني الموفق أيضا، استقبلت البحرين الأسبوع الماضي أيضا ضيفا عزيزا وهو رئيس مجلس الشورى السعودي الشيخ عبدالله آل الشيخ بناء على دعوة من رئيس مجلس الشورى علي صالح الصالح، وجرت مباحثات برلمانية مهمة تناولت تطوير العلاقات الاستراتيجية مع المملكة العربية السعودية، وهذه العلاقات قائمة على الألفة والود والوئام مع المملكة الشقيقة وشعبها، وهي نموذج حضاري للعلاقات بين بلدين جارين.
كانت هذه الزيارة الكريمة ردا على الزيارة المثمرة التي قام بها رئيس مجلس الشورى البحريني إلى الرياض قبل فترة وجيزة. كما أن تبادل الزيارات بين البلدين وتوسيعها في كل المجالات هي غاية؛ لأن البحرين تقدر وتثمن على الدوام مواقف المملكة العربية السعودية الداعمة لها.
إن تفعيل النشاط البرلماني الخارجي النوعي وليس الدعائي غاية مهمة، ولا بد أن تكون هذه الزيارات مقنعة للناس في تطوير علاقاتنا مع العالم. ويجب أن ينصب الجهد البرلماني الخارجي على هذا النوع من الزيارات وليس السفرات المجانية التي أصبحت الهواية المفضلة للكثيرين.
ما يميز زيارة الظهراني لطهران وزيارة رئيس مجلس الشورى السعودي للبحرين هما دلالاتهما من الناحية الاستراتجية، لذلك فمن البديهي أنهما ستمنحان قوة إلى المجلس الوطني الذي يجب أن يكون له دور فاعل في رسم السياسة الخارجية للبحرين وتحديد دائرة الأولويات مع سائر الدول على غرار البرلمانات الفاعلة التي تحقق تواصلا بين شعوبها مع العالم وتثبت حضورا لأوطانها في المشهد الدولي.
إقرأ أيضا لـ "حيدر محمد"العدد 2692 - الإثنين 18 يناير 2010م الموافق 03 صفر 1431هـ