العدد 2691 - الأحد 17 يناير 2010م الموافق 02 صفر 1431هـ

وزارة الثقافة... آخر من يعلم!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

إذا... وزارة الثقافة والإعلام، التي يُفترض أن تكون حامية الآثار والتراث الوطني، هي آخر من يعلم بما يجري في تلال عالي.

فبينما نشر خبرٌ أمس الأول عن وجود علامات مسحية جديدة اكتشفها الأهالي، فإننا اكتشفنا أمس أن هذه العلامات إنما أقيمت في الموقع المخصّص لمشروع المتحف المزمع إنشاؤه من قبل الوزارة نفسها! ولولا يقظة الأهالي، لما فتحت الوزارة عينها إلاّ على منظر الفلل السكنية الجديدة التي أقامها بعض متجاوزي القانون ومدمّري الآثار والتراث الوطني.

إنها الأمية الحضارية، وغياب الوعي، وتقصير الوزارة عن القيام بواجبها الأكبر في حفظ تراث البلد. وما يجري من جريمةٍ في هذا المجال نشترك فيه جميعا، وليست قضية متنفذين فقط. فالقضية قضية مبدأ يقتضي حفظ تراث البلد وكنوزه التاريخية، فليس هناك بلدٌ عربيٌ آخر يقوم بما نقوم به من تدميرٍ مسكوتٍ عنه. بل أصبحنا نسمع دعوات منفلتة لتدمير المقابر التاريخية وبناء وحدات سكنية عليها، ما يؤكد استشراء تلك الأمية الحضارية... بينما تقاس البلدان بتراثها وأوابدها وعمقها التاريخي.

سيُذكر جيلنا بأنه أتعس جيل بحريني فرّط بأرضه وتراثه وتاريخه، ومن سوء حظنا أننا نعيش حقبة تصبح مثل هذه الدعوات هي المسيطرة. ولو تُركت قلعة البحرين لهذا المد الأمي الجارف من التدمير، لهُدمت وأعيد استخدام أحجارها في أساسات البيوت الجديدة، لولا تدخّل المنظمات الدولية لحماية تراثنا من جشعنا وجهلنا، وإنقاذ تاريخنا من عبثنا، فوضعت اليونسكو هذه القلعة الشامخة على رأس المواقع الأثرية المحمية بالعالم.

اليوم... لم يبقَ من أكبر مقبرة تاريخية في العالم إلا هذا النزر اليسير. فقد زحف المتنفذون عليها، واستمر توزيع القطائع والهبات، لتقام المساكن الجديدة على رفات الموتى، دون رعاية لحرمة الموت أو وازع من ضمير أو شعور وطني تجاه الأرض.

قبل خمسة أسابيع، عقد المصريون صفقة مع البريطانيين للسماح بعودة بعض الآثار التاريخية لتُعرض مؤقتا في المتاحف المصرية. واعتبر ذلك حلا وسطا بين احتفاظ البريطانيين بالقطع الأثرية أو عودتها نهائيا لبلدها الأم. هذه الصفقة فتحت باب النقاش مجدّدا بشأن أهلية دولنا في الحفاظ على تراثها ومقدّراتها التاريخية، وهي الحجة التي طالما اعتمد عليها الاستعماريون في نهب الآثار العربية والإسلامية. والسؤال هنا في البحرين: هل نحن مؤهلون فعلا للحفاظ على كنوزنا؟ هل نحن قادرون على حماية ما تبقى؟ وما العمل في مواجهة هذه الموجة الأميّة الكاسحة التي يروّج لها نواب تحت شعار «الحي أبقى من الميت»، لمصلحةٍ انتخابيةٍ حقيرة، بدغدغة مشاعر المواطن المحروم من سكن يؤويه في وطنه؟

الزيارة التي قام بها بعض موظفي الوزارة لا تكفي، بل كشفت أن الوزارة آخر من يعلم بما يجري. كما كشفت أن هناك قضما جديدا بعمق 20 قدما في منطقة التلال الأثرية، بما يهدّد بزوال أكثر من 15 تلا إضافيا، ستزول من الوجود نهائيا كما زالت غيرها. والتبرير الذي قدّمه ممثلو الوزارة يضعها في دائرة الاتهام، فهل تقبل الوزيرة بهذا المنطق: «ربما يكون الامتداد (القضم) تعويضا للشارع الذي اقتطع من الأرض المجاورة»! فمن الذي اقتطع من الأساس؟ ولماذا تستمر القطائع في الأراضي العامة؟ ومن الذي عوّض؟ وأين الوزارة التي يقتطع لحمها وتوزع آثارها وهي تغطّ في نومٍ عميق؟

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2691 - الأحد 17 يناير 2010م الموافق 02 صفر 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 15 | 2:24 م

      اصلا

      اصلا فاليحن في حجب المواقع فقط ويستخدموا سياسة الكيل بمكيالين المواقع التي تسب في الشيعة مفتوحة وموقعنا مغلقة

    • زائر 14 | 10:51 ص

      وزارة الثقافه بلا ثقافه هههه

      يا سيد أنت قاعد تصارخ وتكتب وحارق روحك على آثارنا بينما اللي يطمس الآثار هي وزارة الثقافة يعني حاميها حراميها .

    • زائر 13 | 9:41 ص

      وزارة الثقافة والإعلام واللآثار تفهم في كل شيء ما عدا الثقافة والإعلام والآثار

      العنوان يكفي للتعليق

    • زائر 12 | 6:45 ص

      عيشوا لتأكلو

      طبعا فوزاره الثقافه يعيشوا لكي يأكلوا وليس العكس
      نعم يا سيد نحن اتعس جيل والمصائب تحط علينا
      فلجيل القادم سيقول اننا فرطنا تراثنا بنخيلنا وبحارنا وارضنا

    • زائر 11 | 6:27 ص

      معلمة

      بصراحة ليش ياسيد تعذب قلمك وقلبك وفي الاخير بيتهمونك تابع لدول خارجية وماعندك مواطنة
      انا كمعلمة اشعر بالسخافة والأحراج امام طالباتي الصغار حين اشرح لهم المواطنة !!! منها الحفاظ على الممتلكات العامة ويردون هم وين البحر وين الأراضي وإذا شرحت بحرنة الوظائف يردون اي بحرنة اي بطيخ وقاعدين انشوف معلملت مصريات تحل محل المعلمات البحرينيات
      آه آه ياقلبي الله المستعان / ياسيد هم الي عندهم المواطنة والولاء واحنا لا
      يسكنون في فلل على الجماجم والعظام واحنا نسكن في عشوش معلقة

    • زائر 10 | 5:54 ص

      أميون ماذا ترتجي منهم؟

      هؤلاء مايون فعلاً، لا يهمهم آثار ولا تراث ولا هم يحزنون. أنت تكلمهم عن الكنوز والآثار التاريخية وهم يفكرون في الفلوس حتى لو هدموا البلد على رأس الناس مثلما يحصل في التجنيس.

    • زائر 9 | 4:24 ص

      القانون اولاً

      فى احدى دول الخليج اقيل وزير خالف قوانين البناء بعمل دور اضافى فى احدى مبانية و اقيل ايضاً من عمل لة التصريح المخالف وهو وكيل وزارة من اعلى سلطة في البلد وهل فى بلدنا اعلى سلطة لة علم بما يحدث

    • زائر 8 | 4:02 ص

      حاميها حراميها

      حاميها حراميها

    • زائر 7 | 1:44 ص

      هي جت بس على الاثار

      اصبح المواطن الاصلي اثار لانه مواطن ميت حي حيث ان المواطن الاصلي لاقيمة له واصبح ديكور ينهشه القهر والمرض والفقر وقد جاءوا بشعب جديد لنك بقراطيسه لان الشعب الاصلي اصبح سلعة بائره لم ولن يحدث في اي بقعه في العالم اجمع كما يحصل في البحرين لان البحر راح (بح)

    • كشاجم | 1:25 ص

      بل يتعمدون ذلك

      وزارة الثقافة هي نفسها تتعمد طمس الحقيقة من كل جوانبها وتلميع التاريخ الحديث المليء بالبلاوي. ثم أن من يسيطرون على مفاصل الدولة حاليا ليس لهم هم سوى هدم الآثار من القرون الكافرة وهم الديلمونيين كما فعلوا في أفغانستان وسيفعلوا ذلك في مصر إذا سيطروا على الدولة هناك أيضا. تحياتي

    • زائر 5 | 1:20 ص

      المصريون اذكى منا

      يعني حتى الاخوان المصريين طلعوا يخافون على آثارهم أفضل منا. يوم لم يستطيعوا ان يعيدوها طالبوا بعودتها مؤقتا ليراها شعبهم. اما نحن فرايحين في مشروع تدمير كنوزنا الاثرية كالمجانين.

    • زائر 4 | 12:11 ص

      رونغ سايد

      سلام عليكم، سيدنا لو تبي الحق بدون زعل الميت كان المفروض يدفن روحه في مكان ثاني، يعني الحق عليه وهو الغلطان، حتى لو تجيب مرور بيقول لك هو الغلطان، طالع رونغ سايد مسكين!!!

    • زائر 3 | 12:02 ص

      عجيبه

      حاميها حراميها فوزاره الجهل هدفها الاول اباده اثار الشعب الاصلي فالكدب ينتشر مع و جود الاثار و الدلائل فكيف بها ادا دهبت الاثار

    • زائر 2 | 11:06 م

      انهم مشغولون في امور بعيدة عن الثقافة والتراث

      انهم مشغولون بامور بعيدة عن الثقافة والتراث مثل التراث الشعبي الغنائي ومراقبة الفنادق وووو وكوادرهم قليلة ولاخبرة لها فلا تطلبوا منهم اكثر من طاقتهم ويستحون الوقوف في وجوه التنفذين حفاظا على لقمة عيشهم التي هي همهم وعاشت حضارة دلمون ارض الخلود

    • زائر 1 | 8:19 م

      صدقت

      ليسوا آخر من يعلم .. بل آخر من يفهم

اقرأ ايضاً