أن نرى البحرين مجتمعا «عادلا وتنافسيا وقادرا على الاستدامة التي تضمن للمواطن أن يعيش حياة كريمة، بحيث يتأكد أن مستقبل (عياله) أفضل من الحياة التي عاشها... بعيدا عن الطائفية والمزايدات»... هذا ما رآه وأراده وصرّح به ولي العهد نائب القائد الأعلى صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة خلال اللقاء الذي أجرته قناة «العربية» الفضائية مع سموه أخيرا.
تلك رؤية جميلة لا يملك أي بحريني إلا أن يتمناها بصدق، مهما اختلف تفسيره في كيفية تحقيق تلك الرؤية، الطرق والأساليب، المدى الزمني، وإمكانية النجاح.
كانت الشفافية التي تميّز بها اللقاء التلفزيوني مع صاحب السمو ولي العهد، وتطرقه إلى موضوعات حساّسة للغاية على صعيد الشارع البحريني، عاكسا مبشرا بالخير ومتماشيا مع روح العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين، الذي لم يعد العلاج الموضعي فيه كافيا على الإطلاق، وإنما هو بحاجة ماسّة للدخول إلى البعد الثالث من الصورة، إلى العمق، لينتج صورة ثلاثية الأبعاد، تتماشى مع روح عصرنا هذا.
وحسب المفهوم التقني، فإن الصورة ثلاثية الأبعاد هي بالأساس صورة ثنائية الأبعاد تشمل الطول والعرض، تعرضت لمراحل معالجة جعلت المشاهد يشعر بالبعد الثالث (وهو العمق).
والمثير في الموضوع أنه غالبا ما يسمى الشعور بالبعد الثالث بأنه خداع أو وهم، حيث تبصر العين البشرية أي صورة ثنائية الأبعاد، ولكن الدماغ البشري يقوم بعملية مزاوجة بين الصورة الملتقطة من العين اليمنى والملتقطة من اليسرى لتشكل خيالا بصريا ثلاثيّ الأبعاد.
البحرين التي نريد، شعبا وقيادة، هي البحرين التي تعطينا دوما بعدا ثالثا من الصورة. بعدا حقيقيا أعمق، بعدا يقترب من سكان القرى، وربات البيوت، وصيادي السمك، وسوّاق الأجرة، والشباب من الجنسين، هم كلهم جزء مهم ورئيسي من الصورة، لا تكتمل صورة بحرين القرن الواحد والعشرين دونهم. هم جميعا ذلك البعد الثالث الذي يدخلنا بشكل سحري إلى عصر «الأفاتار»، أو (التحول) - وهو معنى هذه الكلمة التي اختيرت اسما لأضخم إنتاج سينمائي افتتح به العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين وحقق نجاحات هائلة حتى اليوم.
نعم، نحن بحاجة إلى التحول/ (الأفاتار) في كثير من قضايانا المحلية لكي نصل إلى بحريننا المنشودة الجميلة تلك، نحن بحاجة إلى مواجهة قضايانا وفلترتها، والعمل جاهدين على التغيير.
نحن جميعا، أفراد ومؤسسات وحكومة وشعبا، بحاجة إلى الإيمان الحقيقي بأن التغيير ممكن ومطلوب، وأن هناك تحديات تواجهنا مثلما تواجه غيرنا حول العالم، وأننا قادرون معا على مواجهة ذلك كله، وأننا لا نخدع أنفسنا، ولا نتوهم أمرا مستحيلا، فقد حدث التغيير من قبل مرات كثيرة، وكنا جميعا عاملا رئيسيا في إحداثه، والفرصة – لو آمنا - سانحة من جديد للوصول إلى ذلك المجتمع العادل والتنافسي والقادر على الاستدامة. المجتمع الذي تعتمد أسس الترقي فيه على الكفاءة وليس المحسوبية، المجتمع الذي لا يفسح مجالا للتعصب الديني أو السياسي، والذي يتقبل الآخر ويتحاور معه ويحترمه. المجتمع الذي يمنح الجميع فرصة عادلة، ولا يدفن رأسه في الرمال عند مواجهة مشكلاته، المجتمع الذي يعطينا بقدر ما نعطيه، والذي لا مجال فيه للمزايدات الطائفية، المجتمع الذي نضمن بالفعل بأنه سيحمل مستقبلا أفضل لـ «عيالنا»... ذلك هو البعد الثالث من الصورة/ المجتمع الذي نريد في هذا العصر الثلاثي الأبعاد
إقرأ أيضا لـ "ندى الوادي"العدد 2690 - الأحد 17 يناير 2010م الموافق 02 صفر 1431هـ