عندما لا يعلم المسئولون في وزارة الصحة بما يدور في دهاليز أحد أكثر الأقسام حساسية في مجمع السلمانية الطبي فتلك مصيبة، وعندما يعلمون ويقتنعون بردود بعض مسئولي الوزارة المرسلة الى صحفنا على غرار الرد الذي ينفون فيه وجود مرضى سرطان ينتظرون إدخالهم إلى المستشفى و50 مريضا ينتظرون في الطوارئ فما أعظمها من مصيبة وكأن الردود يكتبها بعض مسئولي الوزارة للضحك على الذقون وطمس معالم الحقيقة المرة التي يعاني منها الناس والتي أصبحت حديث الشارع البحريني.

شهدنا قبل أيام تأخر مواعيد العلاج الكيماوي لقرابة 15 مريضا بالسرطان إحداهم سيدة انتظرت 3 أسابيع وهذه الحالة التي اعتبرتها الوزارة (حالة فردية) هي حالة آخذة في التكرار، والحالات تستعصي وخصوصا عندما لا يملك أهل المريض المال الكافي للجوء إلى مستشفيات الدول المجاورة فيضطر إلى الاقتراض أو الاستدانة لإنقاذ مريضهم، وبعد يأس ذوي هذه السيدة من توفير سرير لها نقلت إلى أحد المستشفيات السعودية في حالة حرجة لتدخل بعد وصولها مباشرة إلى العناية القصوى هناك. وما أثار استغراب الأطباء في المستشفى السعودي هو عدم البدء بعلاجها بالكيماوي على الرغم من أنها تعاني من سرطان من الدرجة الرابعة بدأ بالانتشار في الرئة، فماذا تنفي وزارة الصحة؟، ولماذا لم ترد الوزارة على سبب اكتشاف ورم هذه السيدة متأخرا في مجمع السلمانية الطبي بعد أن استفحل وذلك قبل شهرين ونصف الشهر فقط على الرغم من أنها تتابع مواعيدها منذ عام في المجمع، بيد أن عمر الورم (بحسب المستشفى السعودي) هو سبعة أعوام؟!

وهل من سرية معلومات المرضى وخصوصيتها التي تنادي بها الوزارة وبدأت باتباعها بإزالة أسماء المرضى من على لوحات الأجنحة للحصول على الاعتماد الكندي، أن تطلب من الصحافة الإعلان عن أسماء المرضى الذين ينتظرون أسرّة بمن فيهم مرضى السرطان؟

ولا أدري إن كان المسئول المعني الذي كتب الرد لا يعرف أيضا أن مرضى السرطان يضطرون اضطرارا أن يدخلوا قسم الطوارئ حتى يسرعوا إدخالهم إلى المستشفى، على رغم إعطائهم مواعيد لإدخالهم المستشفى للعلاج الكيماوي، ناهيك عن تسلق بعض المرضى على القائمة من خلال سُلم بعض العيادات الخاصة وهو ما يؤخر المرضى أكثر وأكثر.

سياسة التهكم والسخرية في ردود وزارة تمس حياة جميع من يسكن هذه الأرض تنم عن عجز المسئولين عن إصلاح الأوضاع أو مواجهتها على أقل التقادير، كما يدل فيما يدل عليه إلى الواقع المرير الذي يُخيم على هذه الوزارة التي استيقظت ذات يوم وإذا بها في مواجهة مليون نسمة، فلا غرو أن يكون الاستخفاف ردّا على أوجاع المرضى وسرطاناتهم التي لا تفتأ تفتك بأرواحهم وهم ينتظرون مواعيد العلاج الكيماوي.

ولا أعرف في أية سنة من سنوات دراسة الطب يُعلم الأطباء أهمية العلاج المبكر في علاج السرطان لإنقاذ حياة المرضى، وأن لكل ساعة أهميتها القصوى في علاج مرض تتكاثر فيه الخلايا بجنون، يبدو أنه لا يعني البعض من مسئولي وزارة الصحة حتى تُعطى مريضة سرطان من الدرجة الرابعة موعدا للعلاج الكيماوي بعد شهر.